الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَهو يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ﴾، يَعْنِي: أنَّهُ تَعالى هو الَّذِي يَرْزُقُ الخَلائِقَ، وهو الغَنِيُّ المُطْلَقُ فَلَيْسَ بِمُحْتاجٍ إلى رِزْقٍ، وقَدْ بَيَّنَ تَعالى هَذا بِقَوْلِهِ: (p-٤٧٤)﴿وَما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ﴿ما أُرِيدُ مِنهم مِن رِزْقٍ وما أُرِيدُ أنْ يُطْعِمُونِ﴾ ﴿إنَّ اللَّهَ هو الرَّزّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ﴾ [الذاريات: ٥٦، ٥٧، ٥٨]، وقِراءَةُ الجُمْهُورِ عَلى أنَّ الفِعْلَيْنِ مِنَ الإطْعامِ، والأوَّلُ مَبْنِيٌّ لِلْفاعِلِ، والثّانِي مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، كَما بَيَّنّاهُ، وأوْضَحَتْهُ الآيَةُ الأُخْرى، وقَرَأ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٌ، والأعْمَشُ الفِعْلَ الأوَّلَ كَقِراءَةِ الجُمْهُورِ، والثّانِي بِفَتْحِ الياءِ والعَيْنِ، مُضارِعُ طَعِمَ الثُّلاثِيِّ بِكَسْرِ العَيْنِ في الماضِي، أيْ أنَّهُ يَرْزُقُ عِبادَهُ ويُطْعِمُهم، وهو جَلَّ وعَلا لا يَأْكُلُ؛ لِأنَّهُ لا يَحْتاجُ إلى ما يَحْتاجُ إلَيْهِ المَخْلُوقُ مِنَ الغَداءِ؛ لِأنَّهُ جَلَّ وعَلا الغَنِيُّ لِذاتِهِ، الغَنِيُّ المُطْلَقُ، سُبْحانَهُ وتَعالى عُلُوًّا كَبِيرًا، ﴿ياأيُّها النّاسُ أنْتُمُ الفُقَراءُ إلى اللَّهِ واللَّهُ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ﴾ [فاطر: ١٥] .
والقِراءَةُ الَّتِي ذَكَرْنا عَنْ سَعِيدٍ، ومُجاهِدٍ، والأعْمَشِ مُوافِقَةٌ لِأحَدِ الأقْوالِ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ [الإخلاص: ٢]، قالَ بَعْضُ العُلَماءِ: الصَّمَدُ السَّيِّدُ، الَّذِي يُلْجَأُ إلَيْهِ عِنْدَ الشَّدائِدِ والحَوائِجِ، وقالَ بَعْضُهم: هو السَّيِّدُ الَّذِي تَكامَلَ سُؤْدُدُهُ، وشَرَفُهُ، وعَظَمَتُهُ، وعِلْمُهُ، وحِكْمَتُهُ، وقالَ بَعْضُهم: الصَّمَدُ هو الَّذِي لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ؛ وعَلَيْهِ، فَما بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ لَهُ، وقالَ بَعْضُهم: هو الباقِي بَعْدَ فَناءِ خَلْقِهِ، وقالَ بَعْضُهم: الصَّمَدُ هو الَّذِي لا جَوْفَ لَهُ، ولا يَأْكُلُ الطَّعامَ، وهو مَحِلُّ الشّاهِدِ، ومِمَّنْ قالَ بِهَذا القَوْلِ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وسَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، ومُجاهِدٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، وعِكْرِمَةُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وعَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ، وعَطِيَّةُ العَوْفِيُّ، والضَّحّاكُ، والسُّدِّيُّ، كَما نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ جَرِيرٍ وغَيْرُهُما.
قالَ مُقَيِّدُهُ - عَفا اللَّهُ عَنْهُ: مِنَ المَعْرُوفِ في كَلامِ العَرَبِ إطْلاقُ الصَّمَدِ عَلى السَّيِّدِ العَظِيمِ، وعَلى الشَّيْءِ المُصْمَتِ الَّذِي لا جَوْفَ لَهُ، فَمِنَ الأوَّلِ قَوْلُ الزِّبْرِقانِ: [ البَسِيطُ ]
؎سِيرُوا جَمِيعًا بِنِصْفِ اللَّيْلِ واعْتَمِدُوا ولا رَهِينَةَ إلّا سَيِّدٌ صَمَدُ
وَقَوْلُ الآخَرِ: [ البَسِيطُ ]
؎عَلَوْتُهُ بِحُسامٍ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ ∗∗∗ خُذْها حُذَيْفُ فَأنْتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ
وَقَوْلُ الآخَرِ: [ الطَّوِيلُ ]
؎ألا بَكَّرَ النّاعِي بِخَيْرِ بَنِي أسَدِ ∗∗∗ بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وبِالسَّيِّدِ الصَّمَدِ
وَمِنَ الثّانِي قَوْلُ الشّاعِرِ: [ الطَّوِيلُ ](p-٤٧٥)
؎شِهابُ حُرُوبٍ لا تَزالُ جِيادُهُ ∗∗∗ عَوابِسَ يَعْلِكْنَ الشَّكِيمَ المُصَمَّدا
فَإذا عَلِمْتَ ذَلِكَ، فاللَّهُ تَعالى هو السَّيِّدُ الَّذِي هو وحْدَهُ المَلْجَأُ عِنْدَ الشَّدائِدِ والحاجاتِ، وهو الَّذِي تَنَزَّهَ وتَقَدَّسَ وتَعالى عَنْ صِفاتِ المَخْلُوقِينَ، كَأكْلِ الطَّعامِ ونَحْوِهِ، سُبْحانَهُ وتَعالى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ إنِّي أُمِرْتُ أنْ أكُونَ أوَّلَ مَن أسْلَمَ﴾ الآيَةَ، يَعْنِي أوَّلَ مَن أسْلَمَ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ الَّتِي أُرْسِلْتُ إلَيْها، ولَيْسَ المُرادُ أوَّلَ مَن أسْلَمَ مِن جَمِيعِ النّاسِ، كَما بَيَّنَهُ تَعالى بِآياتٍ كَثِيرَةٍ تَدُلُّ عَلى وُجُودِ المُسْلِمِينَ قَبْلَ وُجُودِهِ ﷺ ووُجُودِ أُمَّتِهِ،
• كَقَوْلِهِ عَنْ إبْراهِيمَ: ﴿إذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أسْلِمْ قالَ أسْلَمْتُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ [البقرة: ١٣١]،
• وقَوْلِهِ عَنْ يُوسُفَ: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وألْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ﴾ [يوسف: ١٠١]،
• وقَوْلِهِ: ﴿يَحْكُمُ بِها النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أسْلَمُوا﴾ [المائدة: ٤٤]،
• وقَوْلِهِ عَنْ لُوطٍ وأهْلِهِ: ﴿فَما وجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ المُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات: ٣٦]،
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
{"ayah":"قُلۡ أَغَیۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِیࣰّا فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَهُوَ یُطۡعِمُ وَلَا یُطۡعَمُۗ قُلۡ إِنِّیۤ أُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَسۡلَمَۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق