الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ .
المُشاقَّةُ: العِصْيانُ، ومِنهُ شَقُّ العَصا، والمُخالَفَةُ.
وَهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ اللَّهَ تَعالى أوْقَعَ ما أوْقَعَهُ بِبَنِي النَّضِيرِ مِن إخْراجِهِمْ مِن دِيارِهِمْ وتَخْرِيبِ بُيُوتِهِمْ؛ بِسَبَبِ أنَّهم شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ، وأنَّ المُشاقَّةَ المَذْكُورَةَ هي عِلَّةُ العُقُوبَةِ الحاصِلَةِ بِهِمْ، ولا شَكَّ أنَّ مُشاقَّةَ اللَّهِ ورَسُولِهِ مِن أعْظَمِ أسْبابِ الهَلاكِ.
وَفِي الآيَةِ مَبْحَثٌ أُصُولِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلى أنَّ المُشاقَّةَ قَدْ وقَعَتْ مِن غَيْرِ اليَهُودِ، فَلَمْ تَقَعْ بِهِمْ تِلْكَ العُقُوبَةُ كَما وقَعَ مِنَ المُشْرِكِينَ المَنصُوصُ عَلَيْها في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكم فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْناقِ واضْرِبُوا مِنهم كُلَّ بَنانٍ﴾ [الأنفال: ١٢]، وهَذا في بَدْرٍ قَطْعًا، ثُمَّ قالَ: ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ومَن يُشاقِّ اللَّهَ فَإنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ [الأنفال: ١٣]، ولَمّا قَدَرَ ﷺ عَلى أهْلِ مَكَّةَ لَمْ يُوقِعْ بِهِمْ ما أوْقَعَ بِاليَهُودِ مِن قَتْلٍ بَلْ قالَ: «اذْهَبُوا فَأنْتُمُ الطُّلَقاءُ» فَوُجِدَ الوَصْفُ الَّذِي هو المُشاقَّةُ الَّذِي هو عِلَّةُ الحُكْمِ، ولَمْ يُوجَدِ الحُكْمُ الَّذِي هو الإخْراجُ مِنَ الدِّيارِ وتَخْرِيبُ البُيُوتِ.
قالَ الفَخْرُ الرّازِيُّ: فَإنْ قِيلَ: لَوْ كانَتِ المُشاقَّةُ عِلَّةً لِهَذا التَّخْرِيبِ لَوَجَبَ أنْ يُقالَ: أيْنَما حَصَلَتْ هَذِهِ المُشاقَّةُ حَصَلَ التَّخْرِيبُ، ومَعْلُومٌ أنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ قُلْنا: هَذا أحَدُ ما يَدُلُّ عَلى أنَّ تَخْصِيصَ العِلَّةِ المَنصُوصَةِ لا يَقْدَحُ في صِحَّتِها. ا هـ.
وَقَدْ بَحَثَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذِهِ المَسْألَةَ في آَدابِ البَحْثِ والمُناظَرَةِ، وفي مُذَكِّرَةِ الأُصُولِ في مَبْحَثِ النَّقْضِ، وعَنْوَنَ لَهُ في آدابِ البَحْثِ بِقَوْلِهِ: تَخَلُّفُ الحُكْمِ لَيْسَ بِنَقْضٍ سَواءً لِوُجُودِ مانِعٍ أوْ تَخَلُّفِ شَرْطٍ.
وَمَثَّلَ لِتَخَلُّفِ الحُكْمِ بِوُجُودِ مانِعٍ بِقَتْلِ الوالِدِ ولَدَهُ عَمْدًا، مَعَ عَدَمِ قَتْلِهِ قِصاصًا بِهِ؛ لِأنَّ عِلَّةَ القِصاصِ مَوْجُودَةٌ، وهي القَتْلُ العَمْدُ، والحُكْمُ وهو القِصاصُ مُتَخَلِّفٌ.
وَمَثَّلَ لِتَخَلُّفِ الشَّرْطِ بِسَرِقَةِ أقَلَّ مِن نِصابٍ أوْ مِن غَيْرِ الحِرْزِ.
(p-٢٣)ثُمَّ قالَ: النَّوْعُ الثّالِثُ: تَخَلُّفُ حُكْمِها عَنْها لا لِسَبَبٍ مِنَ الأسْبابِ الَّتِي ذَكَرْنا، ومَثَّلَ لَهُ بَعْضُهم بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَوْلا أنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ لَعَذَّبَهم في الدُّنْيا ولَهم في الآخِرَةِ عَذابُ النّارِ﴾ [الحشر: ٣]، قالُوا: فَهَذِهِ العِلَّةُ، الَّتِي هي مُشاقَّةُ اللَّهِ ورَسُولِهِ، قَدْ تُوجَدُ في قَوْمٍ يُشاقُّونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ مَعَ تَخَلُّفِ حُكْمِها عَنْها، وهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تُؤَيِّدُ قَوْلَ مَن قالَ: إنِ النَّقْضَ في فَنِّ الأُصُولِ تَخْصِيصٌ لِلْعِلَّةِ مُطْلَقًا، لا نَقْضٌ لَها، وعَزاهُ في مَراقِي السُّعُودِ لِلْأكْثَرِينَ في قَوْلِهِ في مَبْحَثِ القَوادِحِ في الدَّلِيلِ في الأُصُولِ:
؎مِنها وُجُودُ الوَصْفِ دُونَ الحُكْمِ سَمّاهُ بِالنَّقْضِ وُعاةُ العِلْمِ
؎والأكْثَرُونَ عِنْدَهم لا يَقْدَحُ ∗∗∗ بَلْ هو تَخْصِيصٌ وذا مُصَحِّحٌ
إلى قَوْلِهِ:
؎وَلَسْتُ فِيما اسْتَنْبَطْتُ بِضائِرٍ ∗∗∗ إنْ جاءَ لِفَقْدِ شَرْطٍ أوْ لِمانِعٍ
وَقَدْ أطْلَعَنِي بَعْضُ الإخْوانِ عَلى شَرْحٍ لِفَضِيلَةِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلى مَراقِي السُّعُودِ في أوائِلِهِ عَلى قَوْلِ المُؤَلِّفِ:
؎ذُو فَتْرَةٍ بِالفَرْعِ ولا يُراعِ
وَتَكَلَّمَ عَلى حُكْمِ أهْلِ الفَتْرَةِ، ثُمَّ عَلى تَخْصِيصِ بَعْضِ الآياتِ، ومِن ثَمَّ إلى تَخْصِيصِ العِلَّةِ.
وَجاءَ في هَذا المَخْطُوطِ ما نَصُّهُ: ورَجَّحَ الحافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ سُورَةِ ”الحَشْرِ“ أنَّ تَخْصِيصَ العِلَّةِ كَتَخْصِيصِ النَّصِّ مُطْلَقًا، مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَوْلا أنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ﴾ الآيَةَ [الحشر: ٣]، وقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُ بَنِي النَّضِيرِ، فَلَمْ يَفْعَلْ لَهم مِثْلَ ما فَعَلَ لَهم، واللَّهُ أعْلَمُ ا هـ.
إلّا أنِّي طَلَبْتُ هَذا التَّرْجِيحَ في ابْنِ كَثِيرٍ عِنْدَ الآيَةِ، فَلَمْ أقِفْ عَلَيْهِ فَلْيُتَأمَّلْ، ولَعَلَّهُ في غَيْرِ التَّفْسِيرِ.
أمّا ما ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى - عَنِ البَعْضِ في آدابِ البَحْثِ والمُناظَرَةِ، وهو أنَّهُ: قَدْ يَتَخَلَّفُ الحُكْمُ عَنِ العِلَّةِ، لا لِشَيْءٍ مِنَ الأسْبابِ الَّتِي ذَكَرْنا، فالَّذِي يَظْهَرُ لِي واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ أنَّ تَخَلُّفَ الحُكْمِ عَنِ العِلَّةِ في غَيْرِ اليَهُودِ، وإنَّما هو لِتَخَلُّفِ جُزْءٍ مِنها، وأنَّ العِلَّةَ (p-٢٤)مُرَكَّبَةٌ، أيْ هي في اليَهُودِ مُشاقَّةٌ وزِيادَةٌ، تِلْكَ الزِّيادَةُ لَمْ تُوجَدْ في غَيْرِ اليَهُودِ، فَوَقَعَ الفَرْقُ، وذَلِكَ أنَّ مُشاقَّةَ غَيْرِ اليَهُودِ كانَتْ؛ لِجَهْلِهِمْ وشَكِّهِمْ، كَما أشارَ تَعالى لِذَلِكَ عَنْهم بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا ونَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَن يُحْيِي العِظامَ وهي رَمِيمٌ﴾ ﴿قُلْ يُحْيِيها الَّذِي أنْشَأها أوَّلَ مَرَّةٍ وهو بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس: ٧٨ - ٧٩] إلى آخِرِ السُّورَةِ فَهم في حاجَةٍ إلى زِيادَةِ بَيانٍ، وكَذَلِكَ في قَوْلِهِ في أوَّلِ سُورَةِ ”ص“: ﴿وَعَجِبُوا أنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنهم وقالَ الكافِرُونَ هَذا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ ﴿أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا إنَّ هَذا لَشَيْءٌ عُجابٌ﴾ ﴿وانْطَلَقَ المَلَأُ مِنهم أنِ امْشُوا واصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكم إنَّ هَذا لَشَيْءٌ يُرادُ﴾ ﴿ما سَمِعْنا بِهَذا في المِلَّةِ الآخِرَةِ إنْ هَذا إلّا اخْتِلاقٌ﴾ ﴿أؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنا بَلْ هم في شَكٍّ مِن ذِكْرِي﴾ [ص: ٤ - ٨] .
فَهم في عَجَبٍ ودَهْشَةٍ، واسْتِبْعادٍ أنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ ﷺ الذِّكْرُ مِن بَيْنِهِمْ، وهم في شَكِّ مِن أمْرِهم، فَهم في حاجَةٍ إلى إزالَةِ الشَّكِّ والتَّثَبُّتِ مِنَ الأمْرِ، ولِذا لَمّا زالَ عَنْهم شَكُّهم وتَبَيَّنُوا مِن أمْرِهم، وراحُوا يَدْخُلُونَ في دِينِ اللَّهِ أفْواجًا، بَيْنَما كانَ كُفْرُ اليَهُودِ جُحُودًا بَعْدَ مَعْرِفَةٍ، فَكانُوا يَعْرِفُونَهُ ﷺ ﴿كَما يَعْرِفُونَ أبْناءَهم وإنَّ فَرِيقًا مِنهم لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وهم يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٤٦]، وقَدْ سُمِّيَ لَهم فِيما أنْزَلَ كَما قالَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أحْمَدُ﴾ [الصف: ٦] فَلَمْ يَنْفَعْهم بَيانٌ، ولَكِنَّهُ الحَسَدُ والجُحُودُ كَما بَيَّنَ تَعالى أمْرَهم بِقَوْلِهِ عَنْهم: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكم مِن بَعْدِ إيمانِكم كُفّارًا حَسَدًا مِن عِنْدِ أنْفُسِهِمْ مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ﴾ [البقرة: ١٠٩]،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَدَّتْ طائِفَةٌ مِن أهْلِ الكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ﴾ [آل عمران: ٦٩]،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنهم يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وهم يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٧٥]،
• وقَوْلِهِ: ﴿ياأهْلَ الكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالباطِلِ وتَكْتُمُونَ الحَقَّ وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ٧١] .
فَقَدْ كانُوا جَبْهَةَ تَضْلِيلٍ لِلْناسِ، وتَحْرِيفٍ لِلْكِتابِ، وتَلْبِيسٍ لِلْحَقِّ بِالباطِلِ، كُلُّ ذَلِكَ عَنْ قَصْدٍ وعِلْمٍ، بِدافِعِ الحَسَدِ ومُناصَبَةِ العَداءِ وخَصْمٌ هَذا حالُهُ فَلا دَواءَ لَهُ؛ لِأنَّ المُدَلِّسَ لا يُؤْمَنُ جانِبُهُ، والمُضَلِّلَ لا يُصَدَّقُ، والحاسِدَ لا يَشْفِيهِ إلّا زَوالُ النِّعْمَةِ عَنِ المَحْسُودِ، ومِن جانِبٍ آخَرَ فَقَدْ قَطَعَ اللَّهُ الطَّمَعَ عَنْ إيمانِهِمْ ﴿أفَتَطْمَعُونَ أنْ يُؤْمِنُوا لَكم وقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنهم يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وهم يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٧٥]، كَما أيْأسَ مِن إيمانِهِمْ بَعْدَ إقْرارِهِمْ عَلى أنْفُسِهِمْ بِتَغَلُّفِ قُلُوبِهِمْ عَنْ سَماعِ الحَقِّ ورُؤْيَةِ النُّورِ: ﴿وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ﴾ (p-٢٥)[البقرة: ٨٨] .
وَكُلُّ هَذِهِ الصِّفاتِ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً في كُلِّ مَن شاقَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ مِن غَيْرِ اليَهُودِ، وقَدْ صَرَّحَ تَعالى بِأنَّهُمُ اسْتَحَقُّوا هَذا الحُكْمَ لِلْأسْبابِ الَّتِي اخْتَصُّوا بِها دُونَ غَيْرِهِمْ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإذْ أخَذْنا مِيثاقَكم لا تَسْفِكُونَ دِماءَكم ولا تُخْرِجُونَ أنْفُسَكم مِن دِيارِكم ثُمَّ أقْرَرْتُمْ وأنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ ﴿ثُمَّ أنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أنْفُسَكم وتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنكم مِن دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثْمِ والعُدْوانِ وإنْ يَأْتُوكم أُسارى تُفادُوهم وهو مُحَرَّمٌ عَلَيْكم إخْراجُهم أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: ٨٤ - ٨٥] .
فَكُلُّ ذَلِكَ مِن نَقْضِ المِيثاقِ، والغَدْرِ في الصُّلْحِ، وسَفْكِ الدِّماءِ، والتَّظاهُرِ بِالإثْمِ والعُدْوانِ، والإيمانِ بِبَعْضِ الكِتابِ والكُفْرِ بِبَعْضِهِ، كانَ خاصًّا بِاليَهُودِ، فَكانَتِ العِلَّةُ مُرَكَّبَةً مِنَ المُشاقَّةِ، ومِن هَذِهِ الصِّفاتِ الَّتِي اخْتَصُّوا بِها، وكانَ الحُكْمُ صَرِيحًا هُنا بِقَوْلِهِ عَنْهم: ﴿فَما جَزاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكم إلّا خِزْيٌ في الحَياةِ الدُّنْيا ويَوْمَ القِيامَةِ يُرَدُّونَ إلى أشَدِّ العَذابِ﴾ [البقرة: ٨٥]، وكانَ خِزْيُهم في الدُّنْيا هو ما وقَعَ بِهِمْ مِن إخْراجٍ، وتَخْرِيبٍ، وتَقْتِيلٍ.
وَإنَّ مَن كانَتْ هَذِهِ حالُهُ كَما تَقَدَّمَ، لَمْ يَكُنْ لَهُمُ الِاسْتِئْصالُ الكُلِّيُّ بِإخْراجِهِمْ أوْ تَقْتِيلِهِمْ، فَلَمْ يَعُدْ يَصْلُحُ فِيهِمُ اسْتِصْلاحٌ ولا يُتَوَقَّعُ مِنهم صَلاحٌ، ويَكْفِي شاهِدًا عَلى ذَلِكَ أنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ لَمْ يَتَّعِظُوا، ولَمْ يَسْتَفِيدُوا، ولَمْ يَعْتَبِرُوا كَما أمَرَهُمُ اللَّهُ: ﴿فاعْتَبِرُوا ياأُولِي الأبْصارِ﴾ [الحشر: ٢] .
ما اتَّعَظَ بَنُو قُرَيْظَةَ بِما وقَعَ بِإخْوانِهِمْ بَنِي النَّضِيرِ، فَلَجَئُوا بَعْدَ عامٍ واحِدٍ إلى ما وقَعَ فِيهِ بَنُو النَّضِيرِ مِن غَدْرٍ وخِيانَةٍ، فَكانَ اخْتِصاصُ اليَهُودِ بِالحُكْمِ لِتِلْكَ العِلَّةِ المُشْتَرَكَةِ؛ لِأنَّهم وإنْ شارَكَهم غَيْرُهم في المُشاقَّةِ فَلَمْ يُشارِكْهم غَيْرُهم في الجانِبِ الآخَرِ مِمّا قَدَّمْنا مِن دَوافِعِ المُشاقَّةِ.
وَلِلدَّوافِعِ تَأْثِيرٌ في الحُكْمِ، كَما في قِصَّةِ آدَمَ وإبْلِيسَ، فَقَدِ اشْتَرَكَ آدَمُ وإبْلِيسُ في عُمُومِ عِلَّةِ العِصْيانِ، إذْ نُهِيَ آدَمُ عَنْ قُرْبانِ الشَّجَرَةِ، وأُمِرَ إبْلِيسُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ مَعَ المَلائِكَةِ، فَأكَلَ آدَمُ مِمّا نُهِيَ عَنْهُ، وامْتَنَعَ إبْلِيسُ عَمّا أُمِرَ بِهِ فاشْتَرَكا في العِصْيانِ كَما قالَ تَعالى عَنْ آدَمَ: ﴿وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى﴾ [طه: ١٢١]، وقالَ عَنْ إبْلِيسَ: ﴿ما مَنَعَكَ ألّا تَسْجُدَ إذْ أمَرْتُكَ﴾ [الأعراف: ١٢]، ولَكِنَّ السَّبَبَ كانَ مُخْتَلِفًا، فَآدَمُ نَسِيَ ووَقَعَ تَحْتَ وسْوَسَةِ (p-٢٦)الشَّيْطانِ فَخُدِعَ بِقَسَمِ إبْلِيسَ بِاللَّهِ تَعالى: ﴿وَقاسَمَهُما إنِّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١]، وكانَتْ مَعْصِيَةٌ عَنْ إغْواءٍ ووَسْوَسَةٍ: ﴿فَأزَلَّهُما الشَّيْطانُ عَنْها فَأخْرَجَهُما مِمّا كانا فِيهِ﴾ [البقرة: ٣٦] .
أمّا إبْلِيسُ، فَكانَ عِصْيانُهُ عَنْ سَبْقِ إصْرارٍ، وعَنْ حَسَدٍ واسْتِكْبارٍ كَما قالَ تَعالى: ﴿وَإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلّا إبْلِيسَ أبى واسْتَكْبَرَ وكانَ مِنَ الكافِرِينَ﴾ [البقرة: ٣٤]، ولَمّا خاطَبَهُ اللَّهُ تَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿قالَ ياإبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أأسْتَكْبَرْتَ أمْ كُنْتَ مِنَ العالِينَ﴾ [ص: ٧٥]، قالَ في إصْرارِهِ وحَسَدِهِ وتَكَبُّرِهِ: ﴿قالَ أنا خَيْرٌ مِنهُ خَلَقْتَنِي مِن نارٍ وخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ [ص: ٧٦] .
فاخْتَلَفَتِ الدَّوافِعُ وكانَ لَدى إبْلِيسَ ما لَيْسَ لَدى آدَمَ في سَبَبِ العِصْيانِ وبِالتّالِي اخْتَلَفَتِ النَّتائِجُ، فَكانَتِ النَّتِيجَةُ مُخْتَلِفَةً تَمامًا. أمّا آدَمُ فَحِينَ عاتَبَهُ عَلى أكْلِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَناداهُما رَبُّهُما ألَمْ أنْهَكُما عَنْ تِلْكُما الشَّجَرَةِ وأقُلْ لَكُما إنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [الأعراف: ٢٢] رَجَعا حالًا، واعْتَرَفا بِذَنْبِهِما قائِلِينَ: ﴿قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا وإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ٢٣]، وكانَتِ العُقُوبَةُ لَهُما قَوْلَهُ تَعالى: ﴿قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكم لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ولَكم في الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ ومَتاعٌ إلى حِينٍ﴾ [الأعراف: ٢٤] .
فَكانَ هُبُوطُ آدَمَ مُؤَقَّتًا، ولَحِقَهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْنا اهْبِطُوا مِنها جَمِيعًا فَإمّا يَأْتِيَنَّكم مِنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٣٨]، فَأدْرَكَتْهُ هِدايَةُ اللَّهِ، ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وهَدى: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إنَّهُ هو التَّوّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ٣٧] .
أمّا نَتِيجَةُ إبْلِيسَ فَلَمّا عاتَبَهُ تَعالى في مَعْصِيَتِهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالَ ياإبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أأسْتَكْبَرْتَ أمْ كُنْتَ مِنَ العالِينَ﴾ [ص: ٧٥]، كانَ جَوابُهُ اسْتِعْلاءً، وتَعاظُمًا، عَلى النَّقِيضِ مِمّا كانَ في جَوابِ آدَمَ إذْ قالَ: ﴿قالَ أنا خَيْرٌ مِنهُ خَلَقْتَنِي مِن نارٍ وخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ [ص: ٧٦]، فَكانَ جَوابُهُ كَذَلِكَ عَكْسَ ما كانَ جَوابًا عَلى آدَمَ: ﴿قالَ فاخْرُجْ مِنها فَإنَّكَ رَجِيمٌ وإنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إلى يَوْمِ الدِّينِ﴾ [ص: ٧٧ - ٧٨] .
وَلَقَدْ قالُوا: إنَّ الَّذِي جَرَّ عَلى إبْلِيسَ هَذا كُلَّهُ هو الحَسَدُ، حَسَدَ آدَمَ عَلى ما أكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ فاحْتَقَرَهُ، وتَكَبَّرَ عَلَيْهِ، فَوَقَعَ في العِصْيانِ، وكانَتْ نَتِيجَتُهُ الطَّرْدَ.
(p-٢٧)وَهَكَذا اليَهُودُ: إنَّ داءَهُمُ الدَّفِينَ هو الحَسَدُ، والعُجْبُ بِالنَّفْسِ، فَجَرَّهم إلى الكُفْرِ، ووَقَعُوا في الخِيانَةِ، وكانَتِ النَّتِيجَةُ القَتْلَ، والطَّرْدَ.
وَقَدْ بَيَّنَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنَّ مُشاقَّةَ اليَهُودِ هَذِهِ هي مِنَ الإفْسادِ في الأرْضِ الَّذِي نَهاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ، وعاقَبَهم عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، وتَهَدَّدَهم إنْ هم عادُوا لِلثّالِثَةِ عادَ لِلِانْتِقامِ مِنهم، وهاهم قَدْ عادُوا، وشاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ، فَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ والمُسْلِمِينَ.
قالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - في سُورَةِ ”الإسْراءِ“ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإنْ عُدْتُمْ عُدْنا﴾ [الإسراء: ٨]، لَمّا بَيَّنَ تَعالى أنَّ بَنِي إسْرائِيلَ قُضِيَ إلَيْهِمْ في الكِتابِ أنَّهم يُفْسِدُونَ في الأرْضِ مَرَّتَيْنِ - وبَيَّنَ نَتائِجَ هاتَيْنِ المَرَّتَيْنِ - بَيَّنَ تَعالى أيْضًا: أنَّهم إنْ عادُوا لِلْإفْسادِ في المَرَّةِ الثّالِثَةِ، فَإنَّهُ جَلَّ وعَلا يَعُودُ لِلِانْتِقامِ مِنهم بِتَسْلِيطِ أعْدائِهِمْ عَلَيْهِمْ، وذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿وَإنْ عُدْتُمْ عُدْنا﴾، ولَمْ يُبَيِّنْ هُنا هَلْ عادُوا لِلْإفْسادِ في المَرَّةِ الثّالِثَةِ أمْ لا ؟ .
وَلَكِنَّهُ أشارَ في آياتٍ أُخَرَ إلى أنَّهم عادُوا لِلْإفْسادِ بِتَكْذِيبِ الرَّسُولِ ﷺ وكَتْمِ صِفاتِهِ، ونَقَضِ عُهُودِهِ، ومُظاهَرَةِ عَدُّوهِ عَلَيْهِ، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِن أفْعالِهِمِ القَبِيحَةِ، فَعادَ اللَّهُ - جَلَّ وعَلا - لِلِانْتِقامِ مِنهم تَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ: ﴿وَإنْ عُدْتُمْ عُدْنا﴾، فَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ نَبِيَّهُ ﷺ والمُسْلِمِينَ، وجَرى عَلى بَنِي قُرَيْظَةَ، وبَنِي النَّضِيرِ، وبَنِي قَيْنُقاعَ وخَيْبَرَ، ما جَرى مِنَ القَتْلِ والسَّلْبِ والإجْلاءِ، وضَرْبِ الجِزْيَةِ عَلى مَن بَقِيَ مِنهم، وضَرْبِ الذِّلَّةِ والمَسْكَنَةِ.
وَمِنَ الآياتِ الدّالَّةِ عَلى أنَّهم عادُوا لِلْإفْسادِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَمّا جاءَهم كِتابٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهم وكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الكافِرِينَ﴾ ﴿بِئْسَما اشْتَرَوْا بِهِ أنْفُسَهم أنْ يَكْفُرُوا بِما أنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ فَباءُوا بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ ولِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ﴾ [البقرة: ٨٩ - ٩٠]، وقَوْلُهُ: ﴿الفاسِقُونَ أوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنهُمْ﴾ [البقرة: ١٠٠]، وقَوْلُهُ: ﴿وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنهُمْ﴾ [المائدة: ١٣] ونَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
وَمِنَ الآياتِ الدّالَّةِ عَلى أنَّهُ تَعالى عادَ إلى الِانْتِقامِ مِنهم قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِمْ لِأوَّلِ الحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أنْ يَخْرُجُوا وظَنُّوا أنَّهم مانِعَتُهم حُصُونُهم مِنَ اللَّهِ فَأتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهم بِأيْدِيهِمْ وأيْدِي المُؤْمِنِينَ فاعْتَبِرُوا ياأُولِي الأبْصارِ﴾ ﴿وَلَوْلا أنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ لَعَذَّبَهم في الدُّنْيا ولَهم في الآخِرَةِ عَذابُ النّارِ﴾ ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ومَن يُشاقِّ اللَّهَ فَإنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ (p-٢٨)[الحشر: ٢ - ٤]، وقَوْلُهُ: ﴿وَأنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهم مِن أهْلِ الكِتابِ مِن صَياصِيهِمْ وقَذَفَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ فَرِيقًا﴾ ﴿وَأوْرَثَكم أرْضَهم ودِيارَهم وأمْوالَهُمْ﴾ الآيَةَ [الأحزاب: ٢٦ - ٢٧] ا هـ مِنهُ.
فَهَذا مِنهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيانٌ ودَلِيلٌ إلى مُغايَرَةِ المُشاقَّةِ الواقِعَةِ مِنَ اليَهُودِ لِلْمُشاقَّةِ الواقِعَةِ مِن غَيْرِهِمْ، فَكانَ تَخَلُّفُ الحُكْمِ عَمَّنْ شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ مِن غَيْرِ اليَهُودِ؛ لِتَخَلُّفِ بَعْضِ العِلَّةِ في الحُكْمِ كَما قَدَّمْنا، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَاۤقُّوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۖ وَمَن یُشَاۤقِّ ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











