الباحث القرآني
(p-٥٠٨)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الواقِعَةِ
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذا وقَعَتِ الواقِعَةُ﴾ ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ﴾ . الَّذِي يَظْهَرُ لِي صَوابُهُ أنَّ ”إذا“ هُنا هي الظَّرْفِيَّةُ المُضَمَّنَةُ مَعْنى الشَّرْطِ، وأنَّ قَوْلَهُ الآتِيَ: ﴿إذا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا﴾ [الواقعة: ٤]، بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿إذا وقَعَتِ الواقِعَةُ﴾ وأنَّ جَوابَ ”إذا“ هو قَوْلُهُ: ﴿فَأصْحابُ المَيْمَنَةِ﴾، وهَذا هو اخْتِيارُ أبِي حَيّانَ خِلافًا لِمَن زَعَمَ أنَّها مَسْلُوبَةُ مَعْنى الشَّرْطِ هُنا، وأنَّها مَنصُوبَةٌ بِـ ”اذْكُرْ“ مَقَدَّرَةً أوْ أنَّها مُبْتَدَأٌ، وخِلافًا لِمَن زَعَمَ أنَّها مَنصُوبَةٌ بِـ ”لَيْسَ“ المَذْكُورَةِ بَعْدَها.
والمَعْرُوفُ عِنْدَ جُمْهُورِ النَّحْوِيِّينَ أنَّ ”إذا“ ظَرْفٌ مُضَمَّنٌ مَعْنى الشَّرْطِ مَنصُوبٌ بِجَزائِهِ، وعَلَيْهِ فالمَعْنى: إذا قامَتِ القِيامَةُ وحَصَلَتْ هَذِهِ الأحْوالُ العَظِيمَةُ ظَهَرَتْ مَنزِلَةُ أصْحابِ المَيْمَنَةِ وأصْحابِ المَشْأمَةِ.
وَقَوْلُهُ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿إذا وقَعَتِ الواقِعَةُ﴾ أيْ قامَتِ القِيامَةُ، فالواقِعَةُ مِن أسْماءِ القِيامَةِ كالطّامَّةِ والصّاخَّةِ والآزِفَةِ والقارِعَةِ.
وَقَدْ بَيَّنَ - جَلَّ وعَلا - أنَّ الواقِعَةَ هي القِيامَةُ في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا نُفِخَ في الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ﴾ ﴿وَحُمِلَتِ الأرْضُ والجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً﴾ ﴿فَيَوْمَئِذٍ وقَعَتِ الواقِعَةُ﴾ ﴿وانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهي يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٣ - ١٦] .
وَقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ﴾ فِيهِ أوْجَهٌ مِنَ التَّفْسِيرِ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ العُلَماءِ، كُلُّها حَقٌّ، وبَعْضُها يَشْهَدُ لَهُ قُرْآنٌ.
الوَجْهُ الأوَّلُ: أنَّ قَوْلَهُ كاذِبَةٌ مَصْدَرٌ جاءَ بِصِفَةِ اسْمِ الفاعِلِ، فالكاذِبَةُ بِمَعْنى الكَذِبِ كالعافِيَةِ بِمَعْنى المُعافاةِ، والعاقِبَةِ بِمَعْنى العُقْبى، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى عِنْدَ جَماعاتٍ مِنَ العُلَماءِ: ﴿لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١]، قالُوا: مَعْناهُ لا تَسْمَعُ فِيها لَغْوًا، وعَلى هَذا القَوْلِ فالمَعْنى لَيْسَ لِقِيامِ القِيامَةِ كَذِبٌ ولا تَخَلُّفٌ بَلْ هو أمْرٌ واقِعٌ يَقِينًا لا مَحالَةَ.
(p-٥٠٩)وَمِن هَذا المَعْنى قَوْلُهم: حَمَلَ الفارِسُ عَلى قِرْنِهِ فَما كَذَبَ، أيْ: ما تَأخَّرَ ولا تَخَلَّفَ ولا جَبُنَ.
وَمِنهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
؎لَيْثٌ بَعْثَرٌّ يَصْطادُ الرِّجالَ إذا ما كَذَبَ اللَّيْثُ عَنْ أقْرانِهِ صَدَقا
وَهَذا المَعْنى قَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ آياتٌ كَثِيرَةٌ مِن كِتابِ اللَّهِ
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلّا هو لَيَجْمَعَنَّكم إلى يَوْمِ القِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ الآيَةَ [النساء: ٨٧]،
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَأنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها﴾ [الحج: ٧]،
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿رَبَّنا إنَّكَ جامِعُ النّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ [آل عمران: ٩]، وقَدْ قَدَّمْنا الآياتِ المُوَضِّحَةَ لِهَذا في سُورَةِ الشُورى في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ [الشورى: ٧] .
الوَجْهُ الثّانِي: أنَّ اللّامَ في قَوْلِهِ: لِوَقْعَتِها ظَرْفِيَّةٌ، و كاذِبَةٌ اسْمُ فاعِلِ صِفَةٍ لِمَحْذُوفٍ أيْ لَيْسَ في وقْعَةِ الواقِعَةِ نَفْسٌ كاذِبَةٌ بَلْ جَمِيعُ النّاسِ يَوْمَ القِيامَةِ صادِقُونَ بِالِاعْتِرافِ بِالقِيامَةِ مُصَدِّقُونَ بِها لَيْسَ فِيهِمْ نَفْسٌ كاذِبَةٌ بِإنْكارِها ولا مُكَذِّبَةٌ بِها.
وَهَذا المَعْنى تَشْهَدُ لَهُ في الجُمْلَةِ آياتٌ مِن كِتابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتّى يَرَوْا العَذابَ الألِيمَ﴾ [الشعراء: ٢٠١]، وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا في مِرْيَةٍ مِنهُ حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً أوْ يَأْتِيَهم عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ [الحج: ٥٥] .
وَقَدْ قَدَّمْنا الآياتِ المُوَضِّحَةَ لِهَذا في سُورَةِ النَّمْلِ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَلِ ادّارَكَ عِلْمُهم في الآخِرَةِ بَلْ هم في شَكٍّ مِنها بَلْ هم مِنها عَمُونَ﴾ [النمل: ٦٦]، وباقِي الأوْجُهِ قَدْ يَدُلُّ عَلى مَعْناهُ قُرْآنٌ ولَكِنَّهُ لا يَخْلُو مِن بُعْدٍ عِنْدِي، ولِذا لَمْ أذْكُرْهُ، وأقْرَبُها عِنْدِي الأوَّلُ.
{"ayah":"إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق