الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَنادَوْا صاحِبَهم فَتَعاطى فَعَقَرَ﴾ .
قَوْلُهُ: ﴿فَتَعاطى﴾، قالَ أبُو حَيّانَ في البَحْرِ: فَتَعاطى هو مُطاوِعُ عاطى، وكَأنَّ (p-٤٨١)هَذِهِ الفِعْلَةَ تَدافَعَها النّاسُ وعاطاها بَعْضُهم بَعْضًا، فَتَعاطاها قَدارُ وتَناوُلَ العَقْرَ بِيَدِهِ. انْتَهى مَحِلُّ الغَرَضِ مِنهُ.
والعَرَبُ تَقُولُ: تَعاطى كَذا إذا فَعَلَهُ أوْ تَناوَلَهُ، وعاطاهُ إذا تَناوَلَهُ، ومِنهُ قَوْلُ حَسّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
؎كِلْتاهُما حَلَبَ العَصِيرَ فَعاطَنِي بِزُجاجَةٍ أرْخاهُما لِلْمَفْصَلِ
وَقَوْلُهُ: فَعَقَرَ أيْ تَعاطى عَقْرَ النّاقَةِ فَعَقَرَها، فَمَفْعُولا الفِعْلَيْنِ مَحْذُوفانِ تَقْدِيرُهُما كَما ذَكَرْنا، وعَبَّرَ عَنْ عاقِرِ النّاقَةِ هُنا بِأنَّهُ صاحِبُهم، وعَبَّرَ عَنْهُ في الشَّمْسِ بِأنَّهُ أشْقاهم وذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿إذِ انْبَعَثَ أشْقاها﴾ [الشمس: ١٤] .
وَهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تُشِيرُ إلى إزالَةِ إشْكالٍ مَعْرُوفٍ في الآيَةِ. وإيضاحُ ذَلِكَ أنَّ اللَّهَ تَعالى فِيها نَسَبَ العَقْرَ لِواحِدٍ لا لِجَماعَةٍ، لِأنَّهُ قالَ: ﴿فَتَعاطى فَعَقَرَ﴾ بِالإفْرادِ مَعَ أنَّهُ أسْنَدَ عَقْرَ النّاقَةِ في آياتٍ أُخَرَ إلى ثَمُودَ كُلِّهِمْ
• كَقَوْلِهِ في سُورَةِ الأعْرافِ: ﴿فَعَقَرُوا النّاقَةَ وعَتَوْا عَنْ أمْرِ رَبِّهِمْ﴾ الآيَةَ [الأعراف: ٧٧]،
• وقَوْلِهِ تَعالى في هُودٍ: ﴿فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا في دارِكم ثَلاثَةَ أيّامٍ﴾ [هود: ٦٥]،
• وقَوْلِهِ في الشُّعَراءِ: ﴿فَعَقَرُوها فَأصْبَحُوا نادِمِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٧]،
• وقَوْلِهِ في الشَّمْسِ: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها﴾ [الشمس: ١٤] .
وَوَجْهُ إشارَةِ الآيَةِ إلى إزالَةِ هَذا الإشْكالِ هو أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فَنادَوْا صاحِبَهم فَتَعاطى فَعَقَرَ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ ثَمُودَ اتَّفَقُوا كُلُّهم عَلى عَقْرِ النّاقَةِ، فَنادَوْا واحِدًا مِنهم لِيُنَفِّذَ ما اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، أصالَةً عَنْ نَفْسِهِ ونِيابَةً عَنْ غَيْرِهِ. ومَعْلُومٌ أنَّ المُتَمالِئِينَ عَلى العَقْرِ كُلُّهم عاقِرُونَ، وصَحَّتْ نِسْبَةُ العَقْرِ إلى المُنَفِّذِ المُباشِرِ لِلْعَقْرِ، وصَحَّتْ نِسْبَتُهُ أيْضًا إلى الجَمِيعِ، لِأنَّهم مُتَمالِئُونَ كَما دَلَّ عَلَيْهِ تَرْتِيبُ تَعاطِي العَقْرِ بِالفاءِ في قَوْلِهِ: ﴿فَتَعاطى فَعَقَرَ﴾ عَلى نِدائِهِمْ صاحِبِهِمْ لِيَنُوبَ عَنْهم في مُباشَرَةِ العَقْرِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَنادَوْا صاحِبَهُمْ﴾ أيْ نادَوْهُ لِيَعْقِرَها.
وَجَمَعَ بَعْضُ العُلَماءِ بَيْنَ هَذِهِ الآياتِ بِوَجْهٍ آخَرَ، وهو أنَّ إطْلاقَ المَجْمُوعِ مُرادًا بِهِ بَعْضُهُ - أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ مَشْهُورٌ، وهو كَثِيرٌ في القُرْآنِ وفي كَلامِ العَرَبِ.
وَقَدْ قَدَّمْنا في سُورَةِ الحُجُراتِ أنَّ مِنهُ قِراءَةَ حَمْزَةَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإنْ قاتَلُوكم فاقْتُلُوهُمْ﴾ [البقرة: ١٩١] (p-٤٨٢)بِصِيغَةِ المُجَرَّدِ في الفِعْلَيْنِ، لِأنَّ مَن قُتِلَ وماتَ لا يُمْكِنُ أنْ يُؤْمَرَ بِقَتْلِ قاتِلِهِ، بَلِ المُرادُ في إنْ قَتَلُوا بَعْضَكم فَلْيَقْتُلْهم بَعْضُكُمُ الآخَرُ، ونَظِيرُهُ قَوْلُ ابْنِ مُطِيعٍ:
فَإنْ تَقْتُلُونا عِنْدَ حَرَّةِ واقِمٍ فَإنّا عَلى الإسْلامِ أوَّلُ مَن قَتَلَ أيْ فَإنْ تَقْتُلُوا بَعْضَنا، وإنَّ مِنهُ أيْضًا: ﴿قالَتِ الأعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا﴾ [الحجرات: ١٤]، لِأنَّ هَذا في بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمِنَ الأعْرابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ في رَحْمَتِهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ٩٩] .
وَقَدْ قَدَّمْنا في الحُجُراتِ وغَيْرِها أنَّ مِن أصْرَحِ الشَّواهِدِ العَرَبِيَّةِ في ذَلِكَ قَوْلَ الشّاعِرِ:
؎فَسَيْفُ بَنِي عَبْسٍ وقَدْ ضَرَبُوا ∗∗∗ بِهِ نَبا بِيَدَيْ ورْقاءَ عَنْ رَأْسِ خالِدٍ
وَقَوْلُهُ تَعالى: فَعَقَرَ: أيْ قَتَلَها، والعَرَبُ تُطْلِقُ العَقْرَ عَلى القَتْلِ والنَّحْرِ والجَرْحِ ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎تَقُولُ وقَدْ مالَ الغَبِيطُ بِنا مَعًا ∗∗∗ عَقَرْتَ بِعِيرِي يا امْرَأ القَيْسِ فانْزِلِ
وَمِن إطْلاقِ العَقْرِ عَلى نَحْرِ الإبِلِ لِقِرى الضَّيْفِ - قَوْلُ جَرِيرٍ:
؎تَعُدُّونَ عَقْرَ الذِّيبِ أفْضَلَ مَجْدِكم ∗∗∗ بَنِي ضُوطَرى لَوْلا الكَمِيَّ المُقَنَّعا
⁕ ⁕ ⁕
* قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب):
(p-٤٠٥)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ القَمَرِ
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَنادَوْا صاحِبَهم فَتَعاطى فَعَقَرَ﴾ .
يَدُلُّ عَلى أنَّ عاقِرَ النّاقَةِ واحِدٌ، وقَدْ جاءَتْ آياتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلى كَوْنِهِ غَيْرَ واحِدٍ، كَقَوْلِهِ: ﴿فَعَقَرُوا النّاقَةَ﴾ الآيَةَ [الأعراف: ٧٧]، وقَوْلِهِ: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها﴾ [الشمس: ١٤] .
والجَوابُ مِن وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّهم تَمالَئُوا كُلُّهم عَلى عَقْرِها فانْبَعَثَ أشْقاهم لِمُباشَرَةِ الفِعْلِ، فَأسْنَدَ العَقْرَ إلَيْهِمْ لِأنَّهُ بِرِضاهم ومُمالَأتِهِمْ.
الوَجْهُ الثّانِي: هو ما قَدَّمْنا في سُورَةِ ”الأنْفالِ“ مِن إسْنادِ الفِعْلِ إلى المَجْمُوعِ مُرادًا بِهِ بَعْضُهُ، وذَكَرْنا في ”الأنْفالِ“ نَظائِرَهُ في القُرْءانِ العَظِيمِ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"فَنَادَوۡا۟ صَاحِبَهُمۡ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











