الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ﴾ . قَدْ قَدَّمْنا في تَرْجَمَةِ هَذا الكِتابِ المُبارَكِ أنَّ مِن أنْواعِ البَيانِ الَّتِي تَضَمَّنَها أنْ يَجْعَلَ اللَّهُ شَيْئًا لِحِكَمٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَيَذْكُرَ بَعْضَ حِكَمِهِ في بَعْضِ المَواضِعِ، فَإنّا نَذْكُرُ بَقِيَّةَ حِكَمِهِ، والآياتِ الدّالَّةَ عَلَيْها، وقَدْ قَدَّمْنا أمْثِلَةَ ذَلِكَ. وَمِن ذَلِكَ القَبِيلِ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ، فَإنَّها تَضَمَّنَتْ واحِدَةً مِن حِكَمِ التَّذْكِيرِ وهي رَجاءُ انْتِفاعِ المُذَكَّرِ بِهِ، لِأنَّهُ تَعالى قالَ هُنا: وذَكِّرْ، ورَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿فَإنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ﴾ . وَمِن حِكَمِ ذَلِكَ أيْضًا خُرُوجُ المُذَكِّرِ مِن عُهْدَةِ التَّكْلِيفِ بِالأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وقَدْ جَمَعَ اللَّهُ هاتَيْنِ الحِكْمَتَيْنِ في قَوْلِهِ: ﴿قالُوا مَعْذِرَةً إلى رَبِّكم ولَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٤] . وَمِن حِكَمِ ذَلِكَ أيْضًا النِّيابَةُ عَنِ الرُّسُلِ في إقامَةِ حُجَّةِ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ في أرْضِهِ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ لِئَلّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥] . (p-٤٤٤)وَقَدْ بَيَّنَ هَذِهِ الحُجَّةَ في آخِرِ ”طه“ في قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ أنّا أهْلَكْناهم بِعَذابٍ مِن قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ﴾ [طه: ١٣٤] . وَأشارَ لَها في القَصَصِ في قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْلا أنْ تُصِيبَهم مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ ونَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ [القصص: ٤٧] . وَقَدْ قَدَّمْنا هَذِهِ الحِكَمَ في سُورَةِ المائِدَةِ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَلَيْكم أنْفُسَكم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب