الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنّاهم فِيما إنَّ مَكَّنّاكم فِيهِ﴾ .
لَفْظَةُ إنْ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ فِيها لِلْمُفَسِّرِينَ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ، يَدُلُّ اسْتِقْراءُ القُرْآنِ عَلى أنَّ واحِدًا مِنها هو الحَقُّ، دُونَ الِاثْنَيْنِ الآخَرَيْنِ.
قالَ بَعْضُ العُلَماءِ: إنْ شَرْطِيَّةٌ، وجَزاءُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ إنْ مَكَّنّاكم فِيهِ طَغَيْتُمْ وبَغَيْتُمْ.
وَقالَ بَعْضُهم: إنْ زائِدَةٌ بَعْدَ ما المَوْصُولَةِ حَمْلًا لِـ ما المَوْصُولَةِ عَلى ما النّافِيَةِ؛ لِأنَّ ما النّافِيَةَ تُزادُ بَعْدَها لَفْظَةُ إنْ كَما هو مَعْلُومٌ.
(p-٢٣٤)كَقَوْلِ قُتَيْلَةَ بِنْتِ الحارِثِ أوِ النَّضْرِ العَبْدَرِيَّةِ:
؎أبْلِغْ بِها مَيْتًا بِأنَّ تَحِيَّةً ما إنْ نَزِلَّ بِها النَّجائِبَ تُخْفِقُوا
وَقَوْلِ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ في الخَنْساءِ:
؎ما إنْ رَأيْتُ ولا سَمِعْتُ بِهِ ∗∗∗ كاليَوْمِ طالِي أيَنُقٍ جُرْبِ
فَـ (إنْ) زائِدَةٌ بَعْدَ (ما) النّافِيَةِ في البَيْتَيْنِ، وهو كَثِيرٌ، وقَدْ حَمَلُوا عَلى ذَلِكَ (ما) المَوْصُولَةَ، فَقالُوا: تُزادُ بَعْدَها (إنْ) كَآيَةِ ”الأحْقافِ“ هَذِهِ. وأنْشَدَ لِذَلِكَ الأخْفَشُ: يُرَجِّي المَرْءُ ما إنْ لا يَراهُ وتَعْرِضُ دُونَ أدْناهُ الخُطُوبُ
أيْ يُرْجِّي المَرْءُ الشَّيْءَ الَّذِي لا يَراهُ، وإنْ زائِدَةٌ، وهَذانِ هُما الوَجْهانِ اللَّذانِ لا تَظْهَرُ صِحَّةُ واحِدٍ مِنهُما.
لِأنَّ الأوَّلَ مِنهُما فِيهِ حَذْفٌ وتَقْدِيرٌ.
والثّانِي مِنهُما فِيهِ زِيادَةُ كَلِمَةٍ.
وَكُلُّ ذَلِكَ لا يُصارُ إلَيْهِ إلّا بِدَلِيلٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ.
أمّا الوَجْهُ الثّالِثُ الَّذِي هو الصَّوابُ - إنْ شاءَ اللَّهُ - فَهو أنَّ لَفْظَةَ (إنْ) نافِيَةٌ بَعْدَ (ما) المَوْصُولَةِ، أيْ ولَقَدْ مَكَّنّاهم في الَّذِي ما مَكَّنّاكم فِيهِ مِنَ القُوَّةِ في الأجْسامِ، وكَثْرَةِ الأمْوالِ والأوْلادِ والعَدَدِ.
وَإنَّما قُلْنا: إنَّ القُرْآنَ يَشْهَدُ لِهَذا القَوْلِ لِكَثْرَةِ الآياتِ الدّالَّةِ عَلَيْهِ، فَإنَّ اللَّهَ - جَلَّ وعَلا - في آياتٍ كَثِيرَةٍ مِن كِتابِهِ يُهَدِّدُ كُفّارَ مَكَّةَ بِأنَّ الأُمَمَ الماضِيَةَ كانَتْ أشَدَّ مِنهم بَطْشًا وقُوَّةً، وأكْثَرَ مِنهم عَدَدًا وأمْوالًا وأوْلادًا، فَلَمّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ لِيَخافُوا مِن تَكْذِيبِ النَّبِيِّ ﷺ أنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ بِسَبَبِهِ، كَما أهْلَكَ الأُمَمَ الَّتِي هي أقْوى مِنهم، كَقَوْلِهِ تَعالى في ”المُؤْمِنِ“: ﴿أفَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كانُوا أكْثَرَ مِنهم وأشَدَّ قُوَّةً وآثارًا في الأرْضِ فَما أغْنى عَنْهم ما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [غافر: ٨٢] .
وَقَوْلُهُ فِيها أيْضًا: ﴿أوَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِن قَبْلِهِمْ كانُوا هم أشَدَّ مِنهم قُوَّةً وآثارًا في الأرْضِ فَأخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾ الآيَةَ [غافر: ٢١] .
(p-٢٣٥)وَقَوْلُهُ تَعالى في ”الرُّومِ“: ﴿أوَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كانُوا أشَدَّ مِنهم قُوَّةً وأثارُوا الأرْضَ وعَمَرُوها أكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها﴾ الآيَةَ [الروم: ٩] .
وَقَدْ قَدَّمْنا الآياتِ المُوَضِّحَةَ لِهَذا في سُورَةِ ”الزُّخْرُفِ“ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأهْلَكْنا أشَدَّ مِنهم بَطْشًا ومَضى مَثَلُ الأوَّلِينَ﴾ [الزخرف: ١٠] .
{"ayah":"وَلَقَدۡ مَكَّنَّـٰهُمۡ فِیمَاۤ إِن مَّكَّنَّـٰكُمۡ فِیهِ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ سَمۡعࣰا وَأَبۡصَـٰرࣰا وَأَفۡـِٔدَةࣰ فَمَاۤ أَغۡنَىٰ عَنۡهُمۡ سَمۡعُهُمۡ وَلَاۤ أَبۡصَـٰرُهُمۡ وَلَاۤ أَفۡـِٔدَتُهُم مِّن شَیۡءٍ إِذۡ كَانُوا۟ یَجۡحَدُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











