الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالحَقِّ﴾ .
أشارَ - جَلَّ وعَلا - لِنَبِيِّهِ ﷺ إلى آياتِ هَذا القُرْآنِ العَظِيمِ، وبَيَّنَ لِنَبِيِّهِ أنَّهُ يَتْلُوها عَلَيْهِ مُتَلَبِّسَةً بِالحَقِّ الَّذِي لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ، ولا مِن خَلْفِهِ.
(p-١٨٦)وَما ذَكَرَهُ - جَلَّ وعَلا - في آيَةِ ”الجاثِيَةِ“ هَذِهِ - ذَكَرَهُ في آياتٍ أُخَرَ بِلَفْظِهِ، كَقَوْلِهِ تَعالى في ”البَقَرَةِ“: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النّاسَ بَعْضَهم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ ولَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلى العالَمِينَ﴾ ﴿تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالحَقِّ وإنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ﴾ [البقرة: ٢٥١ - ٢٥٢] . وقَوْلِهِ تَعالى في ”آلِ عِمْرانَ“: ﴿وَأمّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهم فَفي رَحْمَةِ اللَّهِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ ﴿تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالحَقِّ وما اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ﴾ [آل عمران: ١٠٧ - ١٠٨] . وقَوْلِهِ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: تِلْكَ - بِمَعْنى هَذِهِ.
وَمِن أسالِيبِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ إطْلاقُ الإشارَةِ إلى البَعِيدِ عَلى الإشارَةِ إلى القَرِيبِ، كَقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ الكِتابُ﴾ [البقرة: ٢] بِمَعْنى: هَذا الكِتابُ. كَما حَكاهُ البُخارِيُّ عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ المُثَنّى، ومِن شَواهِدِهِ قَوْلُ خُفافِ بْنِ نَدْبَةَ السُّلَمِيِّ:
؎فَإنْ تَكُ خَيْلِي قَدْ أُصِيبَ صَمِيمُها فَعَمْدًا عَلى عَيْنِي تَيَمَّمْتُ مالِكًا
؎أقُولُ لَهُ والرُّمْحُ يَأْطِرُ مَتْنَهُ ∗∗∗ تَأمَّلْ خُفافًا أنَّنِي أنا ذَلِكا
يَعْنِي أنا هَذا.
وَقَدْ أوْضَحْنا هَذا المَبْحَثَ، وذَكَرْنا أوْجُهَهُ في كِتابِنا (دَفْعُ إيهامِ الِاضْطِرابِ عَنْ آياتِ الكِتابِ) - في أوَّلِ سُورَةِ ”البَقَرَةِ“، وقَوْلُهُ تَعالى: نَتْلُوها أيْ نَقْرَؤُها عَلَيْكَ.
وَأسْنَدَ - جَلَّ وعَلا - تِلاوَتَها إلى نَفْسِهِ؛ لِأنَّها كَلامُهُ الَّذِي أنْزَلَهُ عَلى رَسُولِهِ بِواسِطَةِ المَلَكِ، وأمَرَ المَلَكَ أنْ يَتْلُوَهُ عَلَيْهِ مُبَلِّغًا عَنْهُ - جَلَّ وعَلا - .
وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ ﴿إنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ﴾ ﴿فَإذا قَرَأْناهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ ﴿ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ﴾ [القيامة: ١٦ - ١٩] .
فَقَوْلُهُ: فَإذا قَرَأْناهُ، أيْ قَرَأهُ عَلَيْكَ المَلَكُ المُرْسَلُ بِهِ مِن قِبَلِنا مُبَلِّغًا عَنّا، وسَمِعْتَهُ مِنهُ، فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، أيْ فاتَّبِعْ قِراءَتَهُ واقْرَأْهُ كَما سَمِعْتَهُ يَقْرَؤُهُ.
وَقَدْ أشارَ تَعالى إلى ذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿وَلا تَعْجَلْ بِالقُرْآنِ مِن قَبْلِ أنْ يُقْضى إلَيْكَ وحْيُهُ﴾ [طه: ١١٤] .
وَسَماعُهُ ﷺ القُرْآنَ مِنَ المَلَكِ المُبَلِّغِ عَنِ اللَّهِ كَلامَ اللَّهِ وفَهْمُهُ لَهُ - هو مَعْنى تَنْزِيلِهِ إيّاهُ (p-١٨٧)عَلى قَلْبِهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ مَن كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٩٧] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ العالَمِينَ﴾ ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ﴾ ﴿عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ﴾ ﴿بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥] .
• وقَوْلِهِ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿تِلْكَ آياتُ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ٦]
يَعْنِي آياتِهِ الشَّرْعِيَّةَ الدِّينِيَّةَ.
واعْلَمْ أنَّ لَفْظَ الآيَةِ يُطْلَقُ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ إطْلاقَيْنِ، وفي القُرْآنِ العَظِيمِ إطْلاقَيْنِ أيْضًا.
أمّا إطْلاقاهُ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ:
فالأوَّلُ مِنهُما - وهو المَشْهُورُ في كَلامِ العَرَبِ - فَهو إطْلاقُ الآيَةِ بِمَعْنى العَلامَةِ، وهَذا مُسْتَفِيضٌ في كَلامِ العَرَبِ، ومِنهُ قَوْلُ نابِغَةِ ذُبْيانٍ:
؎تَوَهَّمْتُ آياتٍ لَها فَعَرَفْتُها ∗∗∗ لِسِتَّةِ أعْوامٍ وذا العامُ سابِعُ
ثُمَّ بَيَّنَ أنَّ مُرادَهُ بِالآياتِ عَلاماتُ الدّارِ في قَوْلِهِ بَعْدَهُ:
؎رَمادٌ كَكُحْلِ العَيْنِ لَأْيًا أُبِينُهُ ∗∗∗ ونُؤْيٌ كَجَذْمِ الحَوْضِ أثَلَمُ خاشِعُ
وَأمّا الثّانِي مِنهُما فَهو إطْلاقُ الآيَةِ بِمَعْنى الجَماعَةِ، يَقُولُونَ: جاءَ القَوْمُ بِآيَتِهِمْ، أيْ بِجَماعَتِهِمْ.
وَمِنهُ قَوْلُ بُرْجُ بْنُ مُسْهِرٍ:
؎خَرَجْنا مِنَ النَّقْبَيْنِ لا حَيَّ مِثْلُنا ∗∗∗ بِآيَتِنا نُزْجِي اللِّقاحَ المَطافِلا
وَقَوْلُهُ: بِآياتِنا، يَعْنِي بِجَماعَتِنا.
وَأمّا إطْلاقاهُ في القُرْآنِ العَظِيمِ: فالأوَّلُ مِنهُما: إطْلاقُ الآيَةِ عَلى الشَّرْعِيَّةِ الدِّينِيَّةِ، كَآياتِ هَذا القُرْآنِ العَظِيمِ، ومِنهُ قَوْلُهُ هُنا: ﴿تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالحَقِّ﴾ الآيَةَ.
وَأمّا الثّانِي مِنهُما: فَهو إطْلاقُ الآيَةِ عَلى الآيَةِ الكَوْنِيَّةِ القَدَرِيَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الألْبابِ﴾ [آل عمران: ١٩٠] .
أمّا الآيَةُ الكَوْنِيَّةُ القَدَرِيَّةُ فَهي بِمَعْنى الآيَةِ اللُّغَوِيَّةِ الَّتِي هي العَلامَةُ؛ لِأنَّ الآياتِ الكَوْنِيَّةَ عَلاماتٌ قاطِعَةٌ، عَلى أنَّ خالِقَها هو الرَّبُّ المَعْبُودُ وحْدَهُ.
(p-١٨٨)وَأمّا الآيَةُ الشَّرْعِيَّةُ الدِّينِيَّةُ، فَقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: إنَّها أيْضًا مِنَ الآيَةِ الَّتِي هي العَلامَةُ؛ لِأنَّ آياتِ هَذا القُرْآنِ العَظِيمِ - عَلاماتٌ عَلى صِدْقِ مَن جاءَ بِها، لِما تَضَمَّنَتْهُ مِن بُرْهانِ الإعْجازِ، أوْ لِأنَّ فِيها عَلاماتٍ يُعْرَفُ بِها مَبْدَأُ الآياتِ ومُنْتَهاها.
وَقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: إنَّها مِنَ الآيَةِ بِمَعْنى الجَماعَةِ، لِتَضَمُّنِها جُمْلَةً وجَماعَةً مِن كَلِماتِ القُرْآنِ وحُرُوفِهِ.
واخْتارَ غَيْرُ واحِدٍ أنَّ أصْلَ الآيَةِ أيَيَةٌ - بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وفَتْحِ الياءَيْنِ بَعْدَها - فاجْتَمَعَ في الياءَيْنِ مُوجِبا إعْلالٍ؛ لِأنَّ كُلًّا مِنهُما مُتَحَرِّكَةٌ حَرَكَةً أصْلِيَّةً بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلٍ، كَما أشارَ لَهُ في الخُلاصَةِ بِقَوْلِهِ:
؎مِن واوٍ وياءٍ بِتَحْرِيكِ أُصِلْ ∗∗∗ ألِفًا أبْدِلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلْ
؎إنْ حُرِّكَ التّالِي. . . ∗∗∗ . . . . . . . . إلَخْ
.
والمَعْرُوفُ في عِلْمِ التَّصْرِيفِ أنَّهُ إنِ اجْتَمَعَ مُوجِبا إعْلالٍ في كَلِمَةٍ واحِدَةٍ فالأكْثَرُ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ تَصْحِيحُ الأوَّلِ مِنهُما، وإعْلالُ الثّانِي بِإبْدالِهِ ألِفًا، كالهَوى والنَّوى والطَّوى والشَّوى، ورُبَّما صُحِّحَ الثّانِي وأُعِلَّ الأوَّلُ، كَغايَةٍ ورايَةٍ، وآيَةٍ - عَلى الأصَحِّ مِن أقْوالٍ عَدِيدَةٍ - ومَعْلُومٌ أنَّ إعْلالَهُما لا يَصِحُّ، ولِهَذا أشارَ في الخُلاصَةِ بِقَوْلِهِ:
؎وَإنْ لِحَرْفَيْنِ ذا الإعْلالُ اسْتُحِقْ ∗∗∗ صُحِّحَ أوَّلٌ وعَكْسٌ قَدْ يَحِقْ
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وآياتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أفّاكٍ أثِيمٍ﴾ ﴿يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأنَّ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ .
ما ذَكَرَهُ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ مِن أنَّ مَن كَفَرَ بِاللَّهِ وبِآياتِ اللَّهِ، ولَمْ يُؤْمِن بِذَلِكَ مَعَ ظُهُورِ الأدِلَّةِ والبَراهِينِ عَلى لُزُومِ الإيمانِ بِاللَّهِ وآياتِهِ؛ أنَّهُ يُسْتَبْعَدُ أنْ يُؤْمِنَ بِشَيْءٍ آخَرَ؛ لِأنَّهُ لَوْ كانَ يُؤْمِنُ بِحَدِيثٍ لَآمَنَ بِاللَّهِ وبِآياتِهِ؛ لِظُهُورِ الأدِلَّةِ عَلى ذَلِكَ، وأنَّ مَن لَمْ يُؤْمِن بِآياتِ اللَّهِ مُتَوَعَّدٌ بِالوَيْلِ، وأنَّهُ أفّاكٌ أثِيمٌ، والأفّاكُ: كَثِيرُ الإفْكِ، وهو أسْوَأُ الكَذِبِ، والأثِيمُ: هو مُرْتَكِبُ الإثْمِ بِقَلْبِهِ وجَوارِحِهِ، فَهو مُجْرِمٌ بِقَلْبِهِ ولِسانِهِ وجَوارِحِهِ - قَدْ ذَكَرَهُ تَعالى في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ، فَتَوَعَّدَ المُكَذِّبِينَ لِهَذا القُرْآنِ بِالوَيْلِ يَوْمَ القِيامَةِ، وبَيَّنَ اسْتِبْعادَ إيمانِهِمْ بِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ أنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذا القُرْآنِ، وذَلِكَ بِقَوْلِهِ في آخِرِ المُرْسَلاتِ: (p-١٨٩)﴿وَإذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ﴾ ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ ﴿فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [محمد: ٤٨ - ٥٠] . فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ كَقَوْلِهِ هُنا: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أفّاكٍ أثِيمٍ﴾ .
وَقَدْ كَرَّرَ تَعالى وعِيدَ المُكَذِّبِينَ بِالوَيْلِ في سُورَةِ ”المُرْسَلاتِ“ كَما هو مَعْلُومٌ، وقَوْلُهُ في آخِرِ ”المُرْسَلاتِ“: ﴿فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ كَقَوْلِهِ هُنا في ”الجاثِيَةِ“: ﴿فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وآياتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ .
وَمَعْلُومٌ أنَّ الإيمانَ بِاللَّهِ عَلى الوَجْهِ الصَّحِيحِ يَسْتَلْزِمُ الإيمانَ بِآياتِهِ، وأنَّ الإيمانَ بِآياتِهِ كَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ الإيمانَ بِهِ تَعالى وقَوْلَهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ مَن يَسْمَعُ القُرْآنَ يُتْلى، ثُمَّ يُصِرُّ عَلى الكُفْرِ والمَعاصِي في حالَةِ كَوْنِهِ مُتَكَبِّرًا عَنِ الِانْقِيادِ إلى الحَقِّ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ آياتُ القُرْآنِ كَأنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ آياتِ اللَّهِ، لَهُ البِشارَةُ يَوْمَ القِيامَةِ بِالعَذابِ الألِيمِ، وهو الخُلُودُ في النّارِ، وما تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ جاءَ مُوَضَّحًا في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ،
• كَقَوْلِهِ تَعالى في ”لُقْمانَ“: ﴿وَإذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا ولّى مُسْتَكْبِرًا كَأنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأنَّ في أُذُنَيْهِ وقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ﴾ [لقمان: ٧] .
• وقَوْلِهِ تَعالى في ”الحَجِّ“: ﴿وَإذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ في وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا المُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أفَأُنَبِّئُكم بِشَرٍّ مِن ذَلِكُمُ النّارُ وعَدَها اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وبِئْسَ المَصِيرُ﴾ [الحج: ٧٢] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمِنهم مَن يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتّى إذا خَرَجُوا مِن عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ماذا قالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ واتَّبَعُوا أهْواءَهُمْ﴾ [محمد: ١٦] .
فَقَوْلُهُ تَعالى عَنْهم: ماذا قالَ آنِفًا - يَدُلُّ عَلى أنَّهم ما كانُوا يُبالُونَ بِما يَتْلُو عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الآياتِ والهُدى.
وَقَدْ ذَكَرْنا كَثِيرًا مِنَ الآياتِ المُتَعَلِّقَةِ بِهَذا المَبْحَثِ في سُورَةِ ”فُصِّلَتْ“ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأعْرَضَ أكْثَرُهم فَهم لا يَسْمَعُونَ﴾ ﴿وَقالُوا قُلُوبُنا في أكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إلَيْهِ وفي آذانِنا وقْرٌ ومِن بَيْنِنا وبَيْنِكَ حِجابٌ فاعْمَلْ﴾ [فصلت: ٤ - ٥] .
وَقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿كَأنْ لَمْ يَسْمَعْها﴾ خُفِّفَتْ فِيهِ لَفْظَةُ (كَأنْ)، ومَعْلُومٌ أنَّ كَأنَّ إذا خُفِّفَتْ كانَ اسْمُها مُقَدَّرًا، وهو ضَمِيرُ الشَّأْنِ، والجُمْلَةُ خَبَرُها، كَما قالَ في الخُلاصَةِ: (p-١٩٠)
؎وَخُفِّفَتْ كَأنَّ أيْضًا فَنُوِي مَنصُوبُها وثابِتًا أيْضًا رُوِي
وَقَدْ قَدَّمْنا في أوَّلِ سُورَةِ ”الكَهْفِ“ أنَّ البِشارَةَ تُطْلَقُ غالِبًا عَلى الإخْبارِ بِما يَسُرُّ، وأنَّها رُبَّما أُطْلِقَتْ في القُرْآنِ وفي كَلامِ العَرَبِ عَلى الإخْبارِ بِما يَسُوءُ أيْضًا. وأوْضَحنا ذَلِكَ بِشَواهِدِهِ العَرَبِيَّةِ. وقَوْلُهُ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أفّاكٍ أثِيمٍ﴾ قالَ بَعْضُ العُلَماءِ: ويْلٌ وادٍ في جَهَنَّمَ.
والأظْهَرُ أنَّ لَفْظَةَ ويْلٌ كَلِمَةُ عَذابٍ وهَلاكٍ، وأنَّها مَصْدَرٌ لا لَفْظَ لَهُ مِن فِعْلِهِ، وأنَّ المُسَوِّغَ لِلِابْتِداءِ بِها مَعَ أنَّها نَكِرَةٌ كَوْنُها في مَعْرِضِ الدُّعاءِ عَلَيْهِمْ بِالهَلاكِ.
وَقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وآياتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ .
قَرَأهُ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ -: يُؤْمِنُونَ، بِياءِ الغَيْبَةِ.
وَقَرَأهُ ابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وشُعْبَةُ عَنْ عاصِمٍ -: تُؤْمِنُونَ، بِتاءِ الخِطابِ.
وَقَرَأهُ ورْشٌ عَنْ نافِعٍ، والسُّوسِيُّ عَنْ أبِي عَمْرٍو -: يُومَنُونَ، بِإبْدالِ الهَمْزَةِ واوًا وصْلًا ووَقْفًا.
وَقَرَأهُ حَمْزَةُ بِإبْدالِ الهَمْزَةِ واوًا في الوَقْفِ دُونَ الوَصْلِ.
والباقُونَ بِتَحْقِيقِ الهَمْزَةِ مُطْلَقًا.
{"ayah":"تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَیۡكَ بِٱلۡحَقِّۖ فَبِأَیِّ حَدِیثِۭ بَعۡدَ ٱللَّهِ وَءَایَـٰتِهِۦ یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق