الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فاتَّبِعْها﴾ . وَقَدْ قَدَّمْنا الآياتِ المُوَضَّحَةَ في سُورَةِ ”الزُّخْرُفِ“ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إلَيْكَ إنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف: ٤٣] . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَتَّبِعْ أهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ . نَهى اللَّهُ - جَلَّ وعَلا - نَبِيَّهُ ﷺ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ عَنِ اتِّباعِ أهْواءِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ. وَقَدْ قَدَّمْنا في سُورَةِ ”بَنِي إسْرائِيلَ“ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾ [الإسراء: ٢٢] - أنَّهُ - جَلَّ وعَلا - يَأْمُرُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ ويَنْهاهُ، لِيُشَرِّعَ بِذَلِكَ الأمْرِ والنَّهْيِ لِأُمَّتِهِ، كَقَوْلِهِ هُنا: ﴿وَلا تَتَّبِعْ أهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ١٨] . وَمَعْلُومٌ أنَّهُ ﷺ لا يَتَّبِعُ أهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، ولَكِنَّ النَّهْيَ المَذْكُورَ فِيهِ التَّشْرِيعُ لِأُمَّتِهِ، • كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا تُطِعْ مِنهم آثِمًا أوْ كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٢٤] . • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلا تُطِعِ المُكَذِّبِينَ﴾ [القلم: ٨] . • وقَوْلِهِ: ﴿وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلّافٍ مَهِينٍ﴾ [القلم: ١٠] . • وقَوْلِهِ: ﴿وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ﴾ [الإسراء: ٣٩] . • وقَوْلِهِ: ﴿لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] . والآياتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. وَقَدْ بَيَّنّا الأدِلَّةَ القُرْآنِيَّةَ عَلى أنَّهُ ﷺ يُخاطَبُ، والمُرادُ بِهِ التَّشْرِيعُ لِأُمَّتِهِ، في آيَةِ ”بَنِي إسْرائِيلَ“ المَذْكُورَةِ. وَما تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ ”الجاثِيَةِ“ هَذِهِ مِنَ النَّهْيِ عَنِ اتِّباعِ أهْوائِهِمْ - جاءَ مُوَضَّحًا في آياتٍ كَثِيرَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعالى في ”الشُّورى“: ﴿وَلا تَتَّبِعْ أهْواءَهم وقُلْ آمَنتُ بِما أنْزَلَ اللَّهُ مِن كِتابٍ﴾ [الشورى: ١٥] . وقَوْلِهِ تَعالى في ”الأنْعامِ“: ﴿فَإنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهم ولا تَتَّبِعْ أهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا والَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وهم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٠] . وقَوْلُهُ تَعالى في ”القَصَصِ“: ﴿فَإنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فاعْلَمْ أنَّما يَتَّبِعُونَ أهْواءَهم ومَن أضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ [القصص: ٥٠] . والآياتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ. (p-٢٠٠)وَقَدْ بَيَّنَ تَعالى في ﴿قَدْ أفْلَحَ المُؤْمِنُونَ﴾ أنَّ الحَقَّ لَوِ اتَّبَعَ أهْواءَهم لَفَسَدَ العالَمُ، وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أهْواءَهم لَفَسَدَتِ السَّماواتُ والأرْضُ ومَن فِيهِنَّ﴾ [المؤمنون: ٧١] . والأهْواءُ: جَمْعُ هَوًى بِفَتْحَتَيْنِ وأصْلُهُ مَصْدَرٌ، والهَمْزَةُ فِيهِ مُبْدَلَةٌ مِن ياءٍ، كَما هو مَعْلُومٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب