الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكم يُوحى إلَيَّ أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ﴾ .
أمَرَ اللَّهُ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ نَبِيَّهُ ﷺ أنْ يَقُولَ لِلنّاسِ: ﴿إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكم يُوحى إلَيَّ أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ﴾ .
والقَصْرُ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّما أنا بَشَرٌ﴾ إضافِيٌّ، أيْ لا أقُولُ لَكم: إنِّي مَلَكٌ، وإنَّما أنا رَجُلٌ مِنَ البَشَرِ.
وَقَوْلُهُ: مِثْلُكم في الصِّفاتِ البَشَرِيَّةِ، ولَكِنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي بِما أوْحى إلَيَّ مِن تَوْحِيدِهِ.
كَما قالَ تَعالى عَنِ الرُّسُلِ في سُورَةِ إبْراهِيمَ: ﴿قالَتْ لَهم رُسُلُهم إنْ نَحْنُ إلّا بَشَرٌ مِثْلُكم ولَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ﴾ [إبراهيم: ١١] أيْ كَما مَنَّ عَلَيْنا بِالوَحْيِ والرِّسالَةِ.
وَما ذَكَرَهُ اللَّهُ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ ذَكَرَهُ في آخِرِ سُورَةِ الكَهْفِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكم يُوحى إلَيَّ أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ فَمَن كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحًا﴾ الآيَةَ [الكهف: ١١٠] .
(p-١٠)وَقَدْ أوْضَحْنا وجْهَ حَصْرِ ما أُوحِيَ إلَيْهِ ﷺ في مَضْمُونِ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، في قَوْلِهِ تَعالى ﴿قُلْ إنَّما يُوحى إلَيَّ أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ فَهَلْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ في سُورَةِ بَنِي إسْرائِيلَ، في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى ﴿إنَّ هَذا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هي أقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩] .
وَبَيَّنّا في مَواضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِن هَذا الكِتابِ المُبارَكِ إنْكارَ المُشْرِكِينَ كَوْنَ الرُّسُلِ مِنَ البَشَرِ، وأنَّهم يَنْبَغِي أنْ يَكُونُوا مِنَ المَلائِكَةِ، وما رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ القُرْآنِيَّةِ، أوْضَحْنا ذَلِكَ في سُورَةِ ص، في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَعَجِبُوا أنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنهُمْ﴾ [ص: ٤] وفي سُورَةِ بَنِي إسْرائِيلَ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما مَنَعَ النّاسَ أنْ يُؤْمِنُوا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكًا رَسُولًا﴾ [الإسراء: ٩٤ - ٩٥] .
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ .
قَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ عُلَماءِ الأُصُولِ بِهَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ عَلى أنَّ الكُفّارَ مُخاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ؛ لِأنَّهُ تَعالى صَرَّحَ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ بِأنَّهم مُشْرِكُونَ، وأنَّهم كافِرُونَ بِالآخِرَةِ، وقَدْ تَوَعَّدَهم بِالوَيْلِ عَلى شِرْكِهِمْ وكُفْرِهِمْ بِالآخِرَةِ، وعَدَمِ إيتائِهِمُ الزَّكاةَ، سَواءٌ قُلْنا: إنَّ الزَّكاةَ في الآيَةِ هي زَكاةُ المالِ المَعْرُوفَةُ، أوْ زَكاةُ الأبْدانِ بِفِعْلِ الطّاعاتِ واجْتِنابِ المَعاصِي.
وَرَجَّحَ بَعْضُهُمُ القَوْلَ الأخِيرَ؛ لِأنَّ سُورَةَ فُصِّلَتْ هَذِهِ مِنَ القُرْآنِ النّازِلِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الهِجْرَةِ، وزَكاةُ المالِ المَعْرُوفَةُ إنَّما فُرِضَتْ بَعْدَ الهِجْرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، كَما قَدَّمْناهُ في سُورَةِ الأنْعامِ، في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١] .
وَعَلى كُلِّ حالٍ، فالآيَةُ تَدُلُّ عَلى خِطابِ الكُفّارِ بِفُرُوعِ الإسْلامِ.
أعْنِي امْتِثالَ أوامِرِهِ واجْتِنابَ نَواهِيهِ. وما دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ مِن كَوْنِهِمْ مُخاطَبِينَ بِذَلِكَ، وأنَّهم يُعَذَّبُونَ عَلى الكُفْرِ، ويُعَذَّبُونَ عَلى المَعاصِي - جاءَ مُوَضَّحًا في آياتٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ تَعالى عَنْهم مُقَرِّرًا لَهُ: ﴿ما سَلَكَكم في سَقَرَ﴾ ﴿قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ﴾ ﴿وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ﴾ ﴿وَكُنّا نَخُوضُ مَعَ الخائِضِينَ﴾ ﴿وَكُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ ﴿حَتّى أتانا اليَقِينُ﴾ [المدثر: ٤٢ - ٤٧] .
(p-١١)فَصَرَّحَ تَعالى عَنْهم مُقَرِّرًا لَهُ أنَّ مِنَ الأسْبابِ الَّتِي سَلَكَتْهم في سَقَرَ - أيْ أدْخَلَتْهُمُ النّارَ - عَدَمُ الصَّلاةِ، وعَدَمُ إطْعامِ المِسْكِينِ، وعْدَّ ذَلِكَ مَعَ الكُفْرِ بِسَبَبِ التَّكْذِيبِ بِيَوْمِ الدِّينِ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ﴾ ﴿ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ﴾ ﴿ثُمَّ في سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعًا فاسْلُكُوهُ﴾ [الحاقة: - ٣٢] ثُمَّ بَيَّنَ سَبَبَ ذَلِكَ فَقالَ: ﴿إنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ العَظِيمِ﴾ ﴿وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ المِسْكِينِ﴾ ﴿فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ ولا﴾ ﴿وَلا طَعامٌ إلّا مِن غِسْلِينٍ﴾ [الحاقة: ٣٣ - ٣٦] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
{"ayah":"قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ فَٱسۡتَقِیمُوۤا۟ إِلَیۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَیۡلࣱ لِّلۡمُشۡرِكِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











