الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ نَلْعَنَهم كَما لَعَنّا أصْحابَ السَّبْتِ﴾، لَمْ يُبَيِّنْ هُنا كَيْفِيَّةَ لَعْنِهِ لِأصْحابِ السَّبْتِ، ولَكِنَّهُ بَيَّنَ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ أنَّ لَعْنَهُ لَهم هو مَسْخُهم قِرَدَةً ومَن مَسَخَهُ اللَّهُ قِرْدًا غَضَبًا عَلَيْهِ مَلْعُونٌ بِلا شَكٍّ، وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكم في السَّبْتِ فَقُلْنا لَهم كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ [البقرة: ٦٥]، وقَوْلُهُ: ﴿فَلَمّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهم كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ [الأعراف: ١٦٦]، والِاسْتِدْلالُ عَلى مُغايَرَةِ اللَّعْنِ لِلْمَسْخِ بِعَطْفِهِ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكم بِشَرٍّ مِن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَن لَعَنَهُ اللَّهُ وغَضِبَ عَلَيْهِ وجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ والخَنازِيرَ﴾ [المائدة: ٦٠]، لا يُفِيدُ أكْثَرَ مِن مُغايَرَتِهِ لِلْمَسْخِ في تِلْكَ الآيَةِ، كَما قالَهُ الألُوسِيُّ في ”تَفْسِيرِهِ“ وهو ظاهِرٌ واللَّعْنَةُ في اللُّغَةِ: الطَّرْدُ والإبْعادُ، والرَّجُلُ الَّذِي طَرَدَهُ قَوْمُهُ وأبْعَدُوهُ لِجِناياتِهِ تَقُولُ لَهُ العَرَبَ رَجُلٌ لَعِينٌ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: [ الوافِرِ ] ؎ذَعَرْتُ بِهِ القَطا ونَفَيْتُ عَنْهُ مَقامَ الذِئْبِ كالرَجُلِ اللَّعِينِ وَفِي اصْطِلاحِ الشَّرْعِ: اللَّعْنَةُ: الطَّرْدُ والإبْعادُ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، ومَعْلُومٌ أنَّ المَسْخَ مِن أكْبَرِ أنْواعِ الطَّرْدِ والإبْعادِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب