الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ في الأرْضِ﴾ . اليَنابِيعُ: جَمْعُ يَنْبُوعٍ، وهو الماءُ الكَثِيرُ. وَقَوْلُهُ: فَسَلَكَهُ أيْ أدْخَلَهُ، كَما قَدَّمْنا إيضاحَهُ بِشَواهِدِهِ العَرَبِيَّةِ، والآياتِ القُرْآنِيَّةِ في سُورَةِ هُودٍ، في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْنا احْمِلْ فِيها مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ الآيَةَ [هود: ٤٠] . (p-٣٦٠)وَما تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ مِن سُورَةِ الزُّمَرِ، قَدْ أوْضَحْناهُ في أوَّلِ سُورَةِ سَبَأٍ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ وما يَخْرُجُ مِنها﴾ الآيَةَ [سبإ: ٢] . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا ألْوانُهُ﴾ . قَدْ قَدَّمْنا الكَلامَ عَلى ما يُماثِلُهُ مِنَ الآياتِ في سُورَةِ الرُّومِ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمِن آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافُ ألْسِنَتِكم وألْوانِكُمْ﴾ [الروم: ٢٢] وأحَلْنا عَلَيْهِ في سُورَةِ فاطِرٍ، في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفًا ألْوانُها﴾ الآيَةَ [فاطر: ٢٧] . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطامًا إنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الألْبابِ﴾ . قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ يَهِيجُ﴾ أيْ: ثُمَّ بَعْدَ نَضارَةِ ذَلِكَ الزَّرْعِ وخُضْرَتِهِ يَيْبَسُ، ويَتِمُّ جَفافُهُ ويَثُورُ مِن مَنابِتِهِ فَتَراهُ أيُّها النّاظِرُ مُصْفَرًّا يابِسًا، قَدْ زالَتْ خُضْرَتُهُ ونَضارَتُهُ. ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطامًا أيْ فُتاتًا، مُتَكَسِّرًا، هَشِيمًا، تَذْرُوهُ الرِّياحُ، إنَّ في ذَلِكَ المَذْكُورِ مِن حالاتِ ذَلِكَ الزَّرْعِ، المُخْتَلِفِ الألْوانِ، لَذِكْرى أيْ عِبْرَةً ومَوْعِظَةً وتَذْكِيرًا لِأُولِي الألْبابِ، أيْ لِأصْحابِ العُقُولِ السَّلِيمَةِ مِن شَوائِبِ الِاخْتِلالِ، فَقَدْ ذَكَرَ جَلَّ وعَلا مَصِيرَ هَذا الزَّرْعِ عَلى سَبِيلِ المَوْعِظَةِ والتَّذْكِيرِ، وبَيَّنَ في مَوْضِعٍ آخَرَ، أنَّ ما وعَظَ بِهِ خَلْقَهُ هُنا مِن حالاتِ هَذا الزَّرْعِ شَبِيهٌ أيْضًا بِالدُّنْيا. فَوَعَظَ بِهِ في مَوْضِعٍ وشَبَّهَ بِهِ حالَةَ الدُّنْيا في مَوْضِعٍ آخَرَ، وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ الحَدِيدِ: ﴿اعْلَمُوا أنَّما الحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ ولَهْوٌ وزِينَةٌ وتَفاخُرٌ بَيْنَكم وتَكاثُرٌ في الأمْوالِ والأوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أعْجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطامًا﴾ [الحديد: ٢٠] . ويُبَيِّنُ في سُورَةِ الرُّومِ أنَّ مِن أسْبابِ اصْفِرارِهِ المَذْكُورِ إرْسالُ الرِّيحِ عَلَيْهِ، وذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿وَلَئِنْ أرْسَلْنا رِيحًا فَرَأوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ﴾ [الروم: ٥١] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب