الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَمَن حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ أفَأنْتَ تُنْقِذُ مَن في النّارِ﴾ . أظْهَرُ القَوْلَيْنِ في الآيَةِ الكَرِيمَةِ، أنَّهُما جُمْلَتانِ مُسْتَقِلَّتانِ، فَقَوْلُهُ: ﴿أفَمَن حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ﴾ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، لَكِنَّ فِيها حَذْفًا، وحَذْفُ ما دَلَّ المَقامُ عَلَيْهِ واضِحٌ، لا إشْكالَ فِيهِ. والتَّقْدِيرُ: أفَمَن حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ، تُخَلِّصُهُ أنْتَ مِنهُ، والِاسْتِفْهامُ مُضَمَّنٌ مَعْنى النَّفْيِ، أيْ لا تُخَّلِصُ أنْتَ يا نَبِيَّ اللَّهِ أحَدًا سَبَقَ في عِلْمِ اللَّهِ أنَّهُ يُعَذِّبُهُ مِن ذَلِكَ العَذابِ، وهَذا المَحْذُوفُ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ ﴿أفَأنْتَ تُنْقِذُ مَن في النّارِ﴾ . وَقَدْ قَدَّمْنا مِرارًا قَوْلِي المُفَسِّرِينَ في أداةِ الِاسْتِفْهامِ المُقْتَرِنَةِ بِأداةِ عَطْفٍ كالفاءِ والواوِ (p-٣٥٩)وَثُمَّ كَقَوْلِهِ هُنا: ﴿أفَمَن حَقَّ﴾ وقَوْلَهُ: ﴿أفَأنْتَ تُنْقِذُ﴾ . أمّا القَوْلُ بِأنَّ الكَلامَ جُمْلَةٌ واحِدَةٌ شَرْطِيَّةٌ، كَما قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أصْلُ الكَلامِ: أمَن حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ، فَأنْتِ تُنْقِذُهُ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ، دَخَلَ عَلَيْها هَمْزَةُ الإنْكارِ، والفاءُ فاءُ الجَزاءِ، ثُمَّ دَخَلَتِ الفاءُ الَّتِي في أوَّلِها لِلْعَطْفِ عَلى مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الخِطابُ، تَقْدِيرُهُ: أأنْتَ مالِكُ أمْرِهِمْ، فَمِن حَقَّ عَلَيْهِ العَذابُ فَأنْتَ تُنْقِذُهُ، والهَمْزَةُ الثّانِيَةُ هي الأُولى كُرِّرَتْ لِتَوْكِيدِ مَعْنى الإنْكارِ والِاسْتِبْعادِ، ووَضْعِ مَن في النّارِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ، فالآيَةُ عَلى هَذا جُمْلَةٌ واحِدَةٌ، فَإنَّهُ لا يَظْهَرُ كُلَّ الظُّهُورِ. واعْلَمْ أنَّ ما دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ قَدْ قَدَّمْنا إيضاحَهُ بِالآياتِ القُرْآنِيَّةِ في أوَّلِ سُورَةِ يس في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ عَلى أكْثَرِهِمْ﴾ الآيَةَ [يس: ٧]، وبَيَّنّا دَلالَةَ الآياتِ عَلى المُرادِ بِكَلِمَةِ العَذابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب