الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنا﴾ . ذَكَرَ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ كُفّارَ مَكَّةَ، أنْكَرُوا أنَّ اللَّهَ خَصَّ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ بِإنْزالِ القُرْآنِ عَلَيْهِ وحْدَهُ، ولَمْ يُنْزِلْهُ عَلى أحَدٍ آخَرَ مِنهم، وما دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ، جاءَ في آياتٍ أُخَرَ، مَعَ الرَّدِّ عَلى الكُفّارِ في إنْكارِهِمْ خُصُوصَهُ ﷺ بِالوَحْيِ، كَقَوْلِهِ تَعالى عَنْهم: ﴿وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذا القُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣١] يَعْنُونَ بِالقَرْيَتَيْنِ مَكَّةَ والطّائِفَ، وبِالرَّجُلَيْنِ مِنَ القَرْيَتَيْنِ الوَلِيدَ بْنَ المُغِيرَةِ في مَكَّةَ، وعُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ في الطّائِفِ زاعِمِينَ أنَّهُما أحَقُّ بِالنُّبُوَّةِ مِنهُ. وَقَدْ رَدَّ جَلَّ وعَلا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أهم يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ﴾ [الزخرف: ٣٢] لِأنَّ الهَمْزَةَ في قَوْلِهِ: أهم يَقْسِمُونَ، لِلْإنْكارِ المُشْتَمِلِ عَلى مَعْنى النَّفْيِ، وكَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٢٤] . وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ في قَوْلِهِ ﴿اللَّهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٤] وأشارَ إلى رَدِّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ في آيَةِ ص هَذِهِ في قَوْلِهِ: ﴿بَلْ هم في شَكٍّ مِن ذِكْرِي بَلْ لَمّا يَذُوقُوا عَذابِ﴾ ﴿أمْ عِنْدَهم خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ العَزِيزِ الوَهّابِ﴾ ﴿أمْ لَهم مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما﴾ الآيَةَ [ص: ٨ - ١٠] . (p-٣٣٨)لِأنَّهُ لا يَجْعَلُ الرِّسالَةَ حَيْثُ يَشاءُ، ويَخُصُّ بِها مَن يَشاءُ، إلّا مَن عِنْدَهُ خَزائِنُ الرَّحْمَةِ. ولَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ. وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنا﴾ قَدْ بَيَّنَ في مَوْضِعٍ آخَرَ أنَّ ثَمُودَ قالُوا مِثْلَهُ لِنَبِيِّ اللَّهِ صالِحٍ عَلَيْهِ وعَلى نَبِيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ، وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى عَنْهم: ﴿أؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنا بَلْ هو كَذّابٌ أشِرٌ﴾ [القمر: ٢٥] وقَدْ رَدَّ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الكَذّابُ الأشِرُ﴾ [القمر: ٢٦] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب