الباحث القرآني
(p-٣١٣)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعِنْدَهم قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ﴾ ﴿كَأنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ .
ذَكَرَ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ ثَلاثَ صِفاتٍ مِن صِفاتِ نِساءِ أهْلِ الجَنَّةِ:
الأُولى: أنَّهُنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ، وهو العَيْنُ، أيْ: عُيُونُهُنَّ قاصِراتٌ عَلى أزْواجِهِنَّ، لا يَنْظُرْنَ إلى غَيْرِهِمْ لِشِدَّةِ اقْتِناعِهِنَّ واكْتِفائِهِنَّ بِهِمْ.
الثّانِيَةَ: أنَّهُنَّ عِينٌ، والعِينُ جَمْعُ عَيْناءَ، وهي واسِعَةُ دارِ العَيْنِ، وهي النَّجْلاءُ.
الثّالِثَةَ: أنَّ ألْوانَهُنَّ بِيضٌ بَياضًا مُشْرَبًا بِصُفْرَةٍ؛ لِأنَّ ذَلِكَ هو لَوْنُ بَيْضِ النَّعامِ الَّذِي شَبَّهَهُنَّ بِهِ، ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ في نَحْوِ ذَلِكَ:
؎كَبِكْرِ المُقاناتِ البَياضُ بِصُفْرَةٍ غَذّاها نَمِيرُ الماءِ غَيْرُ المُحَلَّلِ
لِأنَّ مَعْنى قَوْلِهِ: كَبِكْرِ المُقاناتِ البَياضُ بِصُفْرَةٍ: أنَّ لَوْنَ المَرْأةِ المَذْكُورَةِ كَلَوْنِ البَيْضَةِ البِكْرِ المُخالِطِ بَياضُها بِصُفْرَةٍ، وهَذِهِ الصِّفاتُ الثَّلاثُ المَذْكُورَةُ هُنا، جاءَتْ مُوَضَّحَةً في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ مَعَ غَيْرِها مِن صِفاتِهِنَّ الجَمِيلَةِ، فَبَيَّنَ كَوْنَهُنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ عَلى أزْواجِهِنَّ، بِقَوْلِهِ تَعالى في ”ص“: ﴿وَعِنْدَهم قاصِراتُ الطَّرْفِ أتْرابٌ﴾ [ص: ٥٢]، وكَوْنُ المَرْأةِ قاصِرَةُ الطَّرَفِ مِن صِفاتِها الجَمِيلَةِ، وذَلِكَ مَعْرُوفٌ في كَلامِ العَرَبِ، ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎مِنَ القاصِراتِ الطَّرْفِ لَوْ دَبَّ مِحْوَلٌ ∗∗∗ مِنَ الذَّرِّ فَوْقَ الإتْبِ مِنها لَأثَّرا
وَذَكَرَ كَوْنَهُنَّ عِينًا في قَوْلِهِ تَعالى فِيهِنَّ: ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ [الواقعة: ٢٢]، وذكَرَ صَفا ألْوانِهِنَّ وبَياضَها في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَأمْثالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ﴾ [الواقعة: ٢٣]، وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَأنَّهُنَّ الياقُوتُ والمَرْجانُ﴾ [الرحمن: ٥٨]، وصِفاتُهُنَّ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ في الآياتِ القُرْآنِيَّةِ.
واعْلَمْ أنَّ اللَّهَ أثْنى عَلَيْهِنَّ بِنَوْعَيْنِ مِن أنْواعِ القَصْرِ:
أحَدُهُما: أنَّهُنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ، والطَّرْفُ العَيْنُ، وهو لا يُجْمَعُ ولا يُثَنّى؛ لِأنَّ أصْلَهُ مَصْدَرٌ، ولَمْ يَأْتِ في القُرْآنِ إلّا مُفْرَدًا؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا يَرْتَدُّ إلَيْهِمْ طَرْفُهم وأفْئِدَتُهم هَواءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٣]، وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَنْظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾، ومَعْنى كَوْنِهِنَّ ﴿قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ هو ما قَدَّمْنا مِن أنَّهُنَّ لا يَنْظُرْنَ إلى غَيْرِ أزْواجِهِنَّ بِخِلافِ نِساءِ الدُّنْيا.
(p-٣١٤)والثّانِي مِن نَوْعَيِ القَصْرِ: كَوْنُهُنَّ مَقْصُوراتٌ في خِيامِهِنَّ، لا يَخْرُجْنَ مِنها؛ كَما قالَ تَعالى لِأزْواجِ نَبِيِّهِ ﷺ: ﴿وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٣٣]، وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ﴾ [الرحمن: ٧٢]، وكَوْنُ المَرْأةِ مَقْصُورَةٌ في بَيْتِها لا تَخْرُجُ مِنهُ مِن صِفاتِها الجَمِيلَةِ، وذَلِكَ مَعْرُوفٌ في كَلامِ العَرَبِ؛ ومِنهُ قَوْلُهُ:
؎مَن كانَ حَرْبًا لِلنِّساءِ ∗∗∗ فَإنَّنِي سِلْمٌ لَهُنَّهْ
؎فَإذا عَثَرْنَ دَعَوْنَنِي ∗∗∗ وإذا عَثَرْتُ دَعُوتُهُنَّهْ
؎وَإذا بَرَزْنَ لِمَحْفِلٍ ∗∗∗ فَقِصارُهُنَّ مِلاحُهُنَّهْ
فَقَوْلُهُ: قِصارُهُنَّ، يَعْنِي: المَقْصُوراتِ مِنهُنَّ في بُيُوتِهِنَّ اللّاتِي لا يَخْرُجْنَ إلّا نادِرًا، كَما أوْضَحَ ذَلِكَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ في قَوْلِهِ:
؎وَأنْتِ الَّتِي حَبَّبْتِ كُلَّ قَصِيرَةٍ ∗∗∗ إلَيَّ وما تَدْرِي بِذاكَ القَصائِرُ
؎عَنَيْتُ قَصِيراتِ الحِجالِ ولَمْ أُرِدْ ∗∗∗ قِصارَ الخُطا شَرُّ النِّساءِ البَحاتِرُ
والحِجالُ: جَمْعُ حَجْلَةٍ، وهي البَيْتُ الَّذِي يُزَيَّنُ لِلْعَرُوسِ، فَمَعْنى قَصِيراتِ الحِجالِ: المَقْصُوراتِ في حِجالِهِنَّ. وذَكَرَ بَعْضُهم أنْ رَجُلًا سَمِعَ آخَرَ، قالَ: لَقَدْ أجادَ الأعْشى في قَوْلِهِ:
؎غَرّاءُ فَرْعاءُ مَصْقُولٌ عَوارِضُها ∗∗∗ تَمْشِي الهُوَيْنا كَما يَمْشِي الوَجى الوَحِلُ
؎كَأنَّ مِشْيَتَها مِن بَيْتِ جارَتِها ∗∗∗ مَرُّ السَّحابَةِ لا رَيْثٌ ولا عَجَلُ
؎لَيْسَتْ كَمَن يَكْرَهُ الجِيرانُ طَلْعَتَها ∗∗∗ ولا تَراها لِسِرِّ الجارِ تَخْتَتِلُ
فَقالَ لَهُ: قاتَلَكَ اللَّهُ، تَسْتَحْسِنُ غَيْرَ الحَسَنِ هَذِهِ المَوْصُوفَةُ خَرّاجَةٌ ولّاجَةٌ، والخَرّاجَةُ الوَلّاجَةُ لا خَيْرَ فِيها ولا مَلاحَةَ لَها، فَهَلّا قالَ كَما قالَ أبُو قَيْسِ بْنُ الأسْلَتِ:
؎وَتَكْسَلُ عَنْ جاراتِها فَيَزُرْنَها ∗∗∗ وتَعْتَلُّ مِن إتْيانِهِنَّ فَتُعْذَرُ
{"ayah":"وَعِندَهُمۡ قَـٰصِرَ ٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











