الباحث القرآني
(p-٣٠٩)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهم وما كانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فاهْدُوهم إلى صِراطِ الجَحِيمِ﴾ . المُرادُ بِـ: الَّذِينَ ظَلَمُوا الكُفّارُ، كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ: ﴿وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ .
وَقَدْ قَدَّمْنا إطْلاقَ الظُّلْمِ عَلى الشِّرْكِ في آياتٍ مُتَعَدِّدَةٍ؛
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣]،
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٤]،
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ ولا يَضُرُّكَ فَإنْ فَعَلْتَ فَإنَّكَ إذًا مِنَ الظّالِمِينَ﴾ [يونس: ١٠٦] .
وَقَدْ ثَبَتَ في صَحِيحِ البُخارِيِّ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ فَسَّرَ الظُّلْمَ بِالشِّرْكِ، في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمانَهم بِظُلْمٍ﴾» [الأنعام: ٨٢]، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأزْواجَهُمْ﴾، جُمْهُورُ أهْلِ العِلْمِ مِنهم: عُمَرُ وابْنُ عَبّاسٍ، عَلى أنَّ المُرادَ بِهِ أشْباهُهم ونُظَراؤُهم، فَعابِدُ الوَثَنِ مَعَ عابِدِ الوَثَنِ، والسّارِقُ مَعَ السّارِقِ، والزّانِي مَعَ الزّانِي، واليَهُودِيُّ مَعَ اليَهُودِيِّ، والنَّصْرانِيُّ مَعَ النَّصْرانِيِّ، وهَكَذا وإطْلاقُ الأزْواجِ عَلى الأصْنافِ مَشْهُورٌ في القُرْآنِ، وفي كَلامِ العَرَبِ؛
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والَّذِي خَلَقَ الأزْواجَ كُلَّها﴾ الآيَةَ [الزخرف: ١٢]،
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الأزْواجَ كُلَّها مِمّا تُنْبِتُ الأرْضُ ومِن أنْفُسِهِمْ ومِمّا لا يَعْلَمُونَ﴾ [يس: ٣٦]،
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأخْرَجْنا بِهِ أزْواجًا مِن نَباتٍ شَتّى﴾ الآيَةَ [طه: ٥٣]،
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِنهُمْ﴾ [الحجر: ٨٨]،
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهُمْ﴾، أيِ: اجْمَعُوا الظّالِمِينَ وأشْباهَهم ونُظَراءَهم، فاهْدُوهم إلى النّارِ لِيَدْخُلَها جَمِيعُهم، وبِذَلِكَ تَعْلَمُ أنَّ قَوْلَ مَن قالَ: المُرادُ بِـ أزْواجَهم نِساؤُهُمُ اللّاتِي عَلى دِينِهِمْ، خِلافَ الصَّوابِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾، أيِ: احْشَرُوا مَعَ الكُفّارِ الشُّرَكاءَ الَّتِي كانُوا يَعْبُدُونَها مِن دُونِ اللَّهِ لِيَدْخُلَ العابِدُونَ والمَعْبُوداتُ جَمِيعًا النّارَ؛ كَما أوْضَحَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّكم وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ ﴿لَوْ كانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً ما ورَدُوها وكُلٌّ فِيها خالِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨ - ٩٩] . وقَدْ بَيَّنَ تَعالى أنَّ الَّذِينَ عَبَدُوا مَن دُونِ اللَّهِ مِنَ الأنْبِياءِ، والمَلائِكَةِ، والصّالِحِينَ؛ كَعِيسى وعُزَيْرٍ خارِجُونَ عَنْ هَذا، وذَلِكَ في (p-٣١٠)قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١]، إلى قَوْلِهِ: ﴿هَذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٣]، وأشارَ إلى ذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إذا قَوْمُكَ مِنهُ يَصِدُّونَ﴾ ﴿وَقالُوا أآلِهَتُنا خَيْرٌ أمْ هو ما ضَرَبُوهُ لَكَ إلّا جَدَلًا بَلْ هم قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ ﴿إنْ هو إلّا عَبْدٌ أنْعَمْنا عَلَيْهِ﴾ الآيَةَ [الزخرف: ٥٧ - ٥٩] .
وَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أيُّهم أقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ﴾ الآيَةَ [الإسراء: ٥٧] .
وَقَوْلِهِ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿فاهْدُوهُمْ﴾، مِنَ الهُدى العامِّ، أيْ: دُلُّوهم وأرْشِدُوهم ﴿إلى صِراطِ الجَحِيمِ﴾، أيْ: طَرِيقِ النّارِ لِيَسْلُكُوها إلَيْها، والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاهْدُوهُمْ﴾، راجِعٌ إلى الثَّلاثَةِ، أعْنِي: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهم وما كانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ .
وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الآيَةُ أنَّ الهُدى يُسْتَعْمَلُ في الإرْشادِ والدَّلالَةِ عَلى الشَّرِّ، ونَظِيرُ ذَلِكَ في القُرْآنِ قَوْلُهُ: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أنَّهُ مَن تَوَلّاهُ فَأنَّهُ يُضِلُّهُ ويَهْدِيهِ إلى عَذابِ السَّعِيرِ﴾ [الحج: ٤]، ولِذَلِكَ كانَ لِلشَّرِّ أئِمَّةٌ يُؤْتَمُّ بِهِمْ فِيهِ؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَجَعَلْناهم أئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النّارِ﴾ الآيَةَ [القصص: ٤١] .
{"ayah":"۞ ٱحۡشُرُوا۟ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ وَأَزۡوَ ٰجَهُمۡ وَمَا كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











