الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ أضَلَّ مِنكم جِبِلًّا كَثِيرًا أفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾ . قَوْلُهُ: جِبِلًّا كَثِيرًا، أيْ: خَلْقًا كَثِيرًا؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكم والجِبِلَّةَ الأوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ١٨٤]، وما تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ، مِن كَوْنِ الشَّيْطانِ أضَلَّ خَلْقًا كَثِيرًا مِن بَنِي آدَمَ جاءَ مَذْكُورًا في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهم جَمِيعًا يامَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ﴾ [الأنعام: ١٢٨]، أيْ: قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ أيُّها الشَّياطِينُ، مِن إضْلالِ الإنْسِ، وقَدْ قالَ إبْلِيسُ: ﴿لَئِنْ أخَّرْتَنِي إلى يَوْمِ القِيامَةِ لَأحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٦٢]، وقَدْ بَيَّنَ تَعالى أنَّ هَذا الظَّنَّ الَّذِي ظَنَّهُ بِهِمْ مِن أنَّهُ يُضِلُّهم جَمِيعًا إلّا القَلِيلَ صَدَّقَهُ عَلَيْهِمْ؛ وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إبْلِيسُ ظَنَّهُ فاتَّبَعُوهُ إلّا فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ [سبإ: ٢٠]، كَما تَقَدَّمَ إيضاحُهُ. وقَرَأ هَذا الحَرْفَ نافِعٌ وعاصِمٌ: جِبِلًّا بِكَسْرِ الجِيمِ والباءِ، وتَشْدِيدِ اللّامِ. وقَرَأهُ ابْنُ كَثِيرٍ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ: جُبُلًا، بِضَمِّ الجِيمِ والباءِ وتَخْفِيفِ اللّامِ. وقَرَأهُ أبُو عَمْرٍو وابْنُ عامِرٍ: جُبْلًا، بِضَمِّ الجِيمِ وتَسْكِينِ الباءِ مَعَ تَخْفِيفِ اللّامِ، وجَمِيعُ القِراءاتِ بِمَعْنًى واحِدٍ، أيْ: خَلْقًا كَثِيرًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب