الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكم مِن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وشَيْبَةً﴾ . (p-١٧٥)قَدْ بَيَّنَ تَعالى الضَّعْفَ الأوَّلَ الَّذِي خَلَقَهم مِنهُ في آياتٍ مِن كِتابِهِ، وبَيَّنَ الضَّعْفَ الأخِيرَ في آياتٍ أُخَرَ؛ قالَ في الأوَّلِ: ﴿ألَمْ نَخْلُقْكم مِن ماءٍ مَهِينٍ﴾ [المرسلات: ٢٠]، وقالَ: ﴿خَلَقَ الإنْسانَ مِن نُطْفَةٍ فَإذا هو خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ [النحل: ٤]، وقالَ تَعالى: ﴿أوَلَمْ يَرَ الإنْسانُ أنّا خَلَقْناهُ مِن نُطْفَةٍ﴾ الآيَةَ [يس: ٧٧]، وقالَ: ﴿فَلْيَنْظُرِ الإنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن ماءٍ دافِقٍ﴾ [الطارق: ٥ - ٦]، وقالَ: ﴿كَلّا إنّا خَلَقْناهم مِمّا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: ٣٩]، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وَقالَ في الضَّعْفِ الثّانِي: ﴿وَمِنكم مَن يُرَدُّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ﴾ [النحل: ٧٠]، وقالَ: ﴿وَمَن نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ في الخَلْقِ أفَلا يَعْقِلُونَ﴾ [يس: ٦٨]، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وأشارَ إلى القُوَّةِ بَيْنَ الضِّعْفَيْنِ في آياتٍ مِن كِتابِهِ؛ كَقَوْلِهِ: ﴿فَإذا هو خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ [النحل: ٤]، وإطْلاقُهُ نَفْسَ الضَّعْفِ عَلى ما خَلَقَ الإنْسانَ مِنهُ قَدْ أوْضَحْنا وجْهَهُ في سُورَةِ ”الأنْبِياءِ“، في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿خُلِقَ الإنْسانُ مِن عَجَلٍ﴾ الآيَةَ [الأنبياء: ٣٧] . وقَرَأ عاصِمٌ وحَمْزَةُ: ﴿مِن ضَعْفٍ﴾ في المَواضِعِ الثَّلاثَةِ المَخْفُوضَيْنِ والمَنصُوبِ بِفَتْحِ الضّادِ في جَمِيعِها، وقَرَأ الباقُونَ بِالضَّمِّ. واخْتارَ حَفْصٌ القِراءَةَ بِالضَّمِّ وِفاقًا لِلْجُمْهُورِ؛ لِلْحَدِيثِ الوارِدِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مِن طَرِيقِ عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ أنَّهُ أعْنِي ابْنَ عُمَرَ قَرَأ عَلَيْهِ ﷺ: ﴿مِن ضَعْفٍ﴾ بِفَتْحِ الضّادِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ﷺ، وأمَرَهُ أنْ يَقْرَأها بِضَمِّ الضّادِ، والحَدِيثُ رَواهُ أبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، ورَواهُ غَيْرُهُما، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب