الباحث القرآني

* قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب): (p-٣٦٤)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ الرُّومِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأقِمْ وجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ الآيَةَ. هَذا خِطابٌ خاصٌّ بِالنَّبِيِّ ﷺ، وقَدْ قالَ تَعالى بَعْدَهُ: ﴿مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ﴾ [الروم: ٣١]، فَقَوْلُهُ: ﴿مُنِيبِينَ إلَيْهِ﴾ حالٌ مِن ضَمِيرِ الفاعِلِ المُسْتَتِرِ في قَوْلِهِ: ﴿فَأقِمْ وجْهَكَ﴾ الواقِعِ عَلى النَّبِيِّ ﷺ، فَتَقْرِيرُ المَعْنى فَأقِمْ وجْهَكَ يا نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ في حالِ كَوْنِكم مُنِيبِينَ إلَيْهِ، وقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ عُلَماءِ العَرَبِيَّةِ أنَّ الحالَ إنْ لَمْ تَكُنْ سَبَبِيَّةً لا بُدَّ أنْ تَكُونَ مُطابِقَةً لِصاحِبِها إفْرادًا وتَثْنِيَةً وجَمْعًا وتَذْكِيرًا وتَأْنِيثًا، فَما وجْهُ الجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الحالِ وصاحِبِها ؟ فالحالُ جَمْعٌ وصاحِبُها مُفْرَدٌ، والجَوابُ أنَّ الخِطابَ الخاصَّ بِالنَّبِيِّ ﷺ، يَعُمُّ حُكْمُهُ جَمِيعَ الأُمَّةِ، فالأُمَّةُ تَدْخُلُ تَحْتَ خِطابِهِ ﷺ، فَتَكُونُ الحالَةُ مِنَ الجَمِيعِ الدّاخِلِ تَحْتَ خِطابِهِ ﷺ . وَنَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ في دُخُولِ الأُمَّةِ تَحْتَ الخِطابِ الخاصِّ بِهِ ﷺ، قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ياأيُّها النَّبِيُّ إذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ﴾ [ ٦٥ ] . فَقَوْلُهُ: ﴿طَلَّقْتُمُ النِّساءَ﴾ بَعْدَ ﴿ياأيُّها النَّبِيُّ﴾ دَلِيلٌ عَلى دُخُولِ الأُمَّةِ تَحْتَ لَفْظِ ”النَّبِيِّ“ . وقَوْلُهُ: ﴿ياأيُّها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ﴾ [ ٦٦ ]، ثُمَّ قالَ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكم تَحِلَّةَ أيْمانِكُمْ﴾ [التحريم: ٢] وقَوْلُهُ: ﴿ياأيُّها النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ١]، ثُمَّ قالَ: ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢] . وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنها وطَرًا زَوَّجْناكَها﴾ [الأحزاب: ٣٧]، ثُمَّ قالَ: ﴿لِكَيْ لا يَكُونَ عَلى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ﴾ الآيَةَ [الأحزاب: ٣٧] . وَقَوْلُهُ: ﴿وَما تَكُونُ في شَأْنٍ﴾ [يونس: ٦١]، ثُمَّ قالَ: ﴿وَلا تَعْمَلُونَ مِن عَمَلٍ﴾ [يونس: ٦١] . وَدُخُولُ الأُمَّةِ في الخِطابِ الخاصِّ بِالنَّبِيِّ ﷺ هو مَذْهَبُ الجُمْهُورِ وعَلَيْهِ مالِكٌ وأبُو حَنِيفَةَ وأحْمَدُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعالى، خِلافًا لِلشّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب