الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعادًا وثَمُودَ وقَدْ تَبَيَّنَ لَكم مِن مَساكِنِهِمْ وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهم فَصَدَّهم عَنِ السَّبِيلِ وكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾ ﴿وَقارُونَ وفِرْعَوْنَ وهامانَ ولَقَدْ جاءَهم مُوسى بِالبَيِّناتِ فاسْتَكْبَرُوا في الأرْضِ وما كانُوا سابِقِينَ﴾ ﴿فَكُلًّا أخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنهم مَن أرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِبًا ومِنهم مَن أخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ومِنهم مَن خَسَفْنا بِهِ الأرْضَ ومِنهم مَن أغْرَقْنا﴾ . الظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ: وعادًا مَفْعُولٌ بِهِ لِ أهْلَكْنا مُقَدَّرَةٍ، ويَدُلُّ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ قَبْلَهُ: ﴿فَأخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ [العنكبوت: ٣٧]، أيْ: أهْلَكْنا مَدْيَنَ بِالرَّجْفَةِ، وأهْلَكْنا عادًا، ويَدُلُّ لِلْإهْلاكِ المَذْكُورِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ: ﴿وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكم مِن مَساكِنِهِمْ﴾، أيْ: هي خالِيَةٌ مِنهم لِإهْلاكِهِمْ، وقَوْلُهُ بَعْدَهُ أيْضًا: ﴿فَكُلًّا أخَذْنا بِذَنْبِهِ﴾ . وَقَدْ أشارَ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآياتِ الكَرِيمَةِ إلى إهْلاكِ عادٍ، وثَمُودَ، وقارُونَ، وفِرْعَوْنَ، وهامانَ، ثُمَّ صَرَّحَ بِأنَّهُ أخَذَ كُلًّا مِنهم بِذَنْبِهِ، ثُمَّ فَصَّلَ عَلى سَبِيلِ ما يُسَمّى في البَدِيعِ بِاللَّفِّ والنَّشْرِ المُرَتَّبِ أسْبابَ إهْلاكِهِمْ، فَقالَ: ﴿فَمِنهم مَن أرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِبًا﴾، (p-١٦٠)وَهِيَ: الرِّيحُ، يَعْنِي: عادًا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَأمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦]، وقَوْلِهِ: ﴿وَفِي عادٍ إذْ أرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ﴾ [الذاريات: ٤١]، ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِنهم مَن أخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ﴾، يَعْنِي: ثَمُودَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى فِيهِمْ: ﴿وَأخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأصْبَحُوا في دِيارِهِمْ جاثِمِينَ﴾ ﴿كَأنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها ألا إنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهم ألا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾ [هود: ٦٧ - ٦٨] . وقَوْلُهُ: ﴿وَمِنهم مَن خَسَفْنا بِهِ الأرْضَ﴾، يَعْنِي: قارُونَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى فِيهِ: ﴿فَخَسَفْنا بِهِ وبِدارِهِ الأرْضَ﴾ الآيَةَ [القصص: ٨١] . وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِنهم مَن أغْرَقْنا﴾، يَعْنِي: فِرْعَوْنَ وهامانَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ أغْرَقْنا الآخَرِينَ﴾ [الصافات: ٨٢]، ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. والأظْهَرُ في قَوْلِهِ في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾، أنَّ اسْتِبْصارَهُمُ المَذْكُورَ هُنا بِالنِّسْبَةِ إلى الحَياةِ الدُّنْيا خاصَّةً؛ كَما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الحَياةِ الدُّنْيا وهم عَنِ الآخِرَةِ هم غافِلُونَ﴾ [الروم: ٧]، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالُوا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أوْ نَعْقِلُ ما كُنّا في أصْحابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١٠]، ونَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وقَوْلُهُ: ﴿وَما كانُوا سابِقِينَ﴾، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب