الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشاءُ وهو أعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾ . ذَكَرَ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ نَبِيَّهُ ﷺ لا يَهْدِي مَن أحَبَّ هِدايَتَهُ، ولَكِنَّهُ جَلَّ (p-١٥٤)وَعَلا هو الَّذِي يَهْدِي مَن يَشاءُ هُداهُ، وهو أعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ. وَهَذا المَعْنى الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ جاءَ مُوَضَّحًا في آياتٍ كَثِيرَةٍ؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهم فَإنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَن يُضِلُّ﴾ الآيَةَ [النحل: ٣٧]، وقَوْلِهِ: ﴿وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ﴾ [المائدة: ٤١]، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ، كَما تَقَدَّمَ إيضاحُهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ أعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾، جاءَ مَعْناهُ مُوَضَّحًا في آياتٍ كَثِيرَةٍ؛ كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبَّكَ هو أعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وهو أعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى﴾ [النجم: ٣٠]، وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ رَبَّكَ هو أعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وهو أعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: ١٢٥]، والآياتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وقَدْ أوْضَحْنا سابِقًا أنَّ الهُدى المَنفِيَّ عَنْهُ ﷺ، في قَوْلِهِ تَعالى هُنا: ﴿إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ﴾، هو هُدى التَّوْفِيقِ؛ لِأنَّ التَّوْفِيقَ بِيَدِ اللَّهِ وحْدَهُ، وأنَّ الهُدى المُثْبَتَ لَهُ ﷺ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢]، هو هُدى الدَّلالَةِ عَلى الحَقِّ والإرْشادِ إلَيْهِ، ونُزُولُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ﴾، في أبِي طالِبٍ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ. ⁕ ⁕ ⁕ * قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب): قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ﴾ . قَدْ قَدَّمْنا أنَّ وجْهَ الجَمْعِ بَيْنَهُ وبَيْنَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢] أنَّ الهُدى المَنفِيَّ عَنْهُ ﷺ هو مَنحُ التَّوْفِيقِ والهُدى المُثْبَتَ لَهُ هو إبانَةُ الطَّرِيقِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب