الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أهْلِهِ وإنّا لَصادِقُونَ﴾ . قَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ عَلى أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صالِحًا عَلَيْهِ وعَلى نَبِيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ نَفَعَهُ اللَّهُ بِنُصْرَةِ ولِيِّهِ، أيْ: أوْلِيائِهِ؛ لِأنَّهُ مُضافٌ إلى مَعْرِفَةٍ، ووَجْهُ نُصْرَتِهِمْ لَهُ: أنَّ التِّسْعَةَ المَذْكُورِينَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَكانَ في المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ في الأرْضِ ولا يُصْلِحُونَ﴾ ﴿قالُوا تَقاسَمُوا﴾ [النمل: ٤٨ - ٤٩] أيْ: تَحالَفُوا بِاللَّهِ، ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ﴾، أيْ: لَنُباغِتَنَّهُ بَياتًا، أيْ: لَيْلًا فَنَقْتُلُهُ ونَقْتُلُ أهْلَهُ مَعَهُ، ﴿ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ﴾، أيْ: أوْلِيائِهِ وعُصْبَتِهِ، ﴿ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أهْلِهِ﴾، أيْ: ولا مَهْلِكَهُ هو، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهم لا يَقْدِرُونَ أنْ يَقْتُلُوهُ عَلَنًا، لِنُصْرَةِ أوْلِيائِهِ لَهُ، وإنْكارُهم شُهُودَ مَهْلِكَ أهْلِهِ دَلِيلٌ عَلى خَوْفِهِمْ مِن أوْلِيائِهِ، والظّاهِرُ أنَّ هَذِهِ النُّصْرَةَ عَصَبِيَّةٌ نِسْبِيَّةٌ لا تَمُتُّ إلى الدِّينِ بِصِلَةٍ، وأنَّ أوْلِياءَهُ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ.
وَقَدْ قَدَّمْنا الآياتِ المُوَضِّحَةَ لِهَذا المَعْنى في سُورَةِ ”هُودٍ“، في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالُوا ياشُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمّا تَقُولُ وإنّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفًا ولَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ﴾ الآيَةَ [هود: ٩١] وفي سُورَةِ ”بَنِي إسْرائِيلَ“، في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ هَذا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هي أقْوَمُ﴾ [الإسراء: ١٩] . وقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿تَقاسَمُوا﴾، التَّحْقِيقُ أنَّهُ فِعْلُ أمْرٍ مَحْكِيٌّ بِالقَوْلِ. وأجازَ الزَّمَخْشَرِيُّ، وابْنُ عَطِيَّةَ أنْ يَكُونَ ماضِيًا في مَوْضِعِ الحالِ، والأوَّلُ هو الصَّوابُ إنْ شاءَ اللَّهُ، ونَسَبَهُ أبُو حَيّانَ لِلْجُمْهُورِ، وقَوْلُهُ في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وَإنّا لَصادِقُونَ﴾، التَّحْقِيقُ فِيهِ أنَّهم كاذِبُونَ في قَوْلِهِمْ: ﴿وَإنّا لَصادِقُونَ﴾، كَما لا يَخْفى، وبِهِ تَعْلَمُ أنَّ ما تَكَلَّفَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ في ”الكَشّافِ“، مِن كَوْنِهِمْ صادِقِينَ لا وجْهَ لَهُ، كَما نَبَّهَ عَلَيْهِ أبُو حَيّانَ وأوْضَحَهُ، وقَرَأ عامَّةُ السَّبْعَةِ غَيْرَ حَمْزَةَ والكِسائِيِّ لَنُبَيِّتَنَّهُ بِالنُّونِ المَضْمُومَةِ بَعْدَ اللّامِ، وفَتْحِ الفَوْقِيَّةِ المُثَنّاةِ الَّتِي بَعْدَ التَّحْتِيَّةِ المُثَنّاةِ، وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ: لَتُبَيِّتُنَّهُ بِالتّاءِ الفَوْقِيَّةِ المَضْمُومَةِ بَعْدَ اللّامِ، وضَمِّ التّاءِ الفَوْقِيَّةِ الَّتِي بَعْدَ الياءِ التَّحْتِيَّةِ، وقَرَأ عامَّةُ السَّبْعَةِ أيْضًا غَيْرَ حَمْزَةَ والكِسائِيِّ: ثُمَّ لَنَقُولَنَّ، بِالنُّونِ المَفْتُوحَةِ مَوْضِعَ التّاءِ، وفَتْحِ اللّامِ الثّانِيَةِ، وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ: ثُمَّ لَتَقُولُنَّ، بِفَتْحِ التّاءِ الفَوْقِيَّةِ بَعْدَ (p-١٢٠)اللّامِ الأُولى، وضَمِّ اللّامِ الثّانِيَةِ، وقَرَأ عاصِمٌ: ﴿مَهْلِكَ أهْلِهِ﴾ بِفَتْحِ المِيمِ، والباقُونَ بِضَمِّها، وقَرَأ حَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: مَهْلِكَ بِكَسْرِ اللّامِ، والباقُونَ بِفَتْحِها.
فَتَحْصُلُ أنَّ حَفْصًا عَنْ عاصِمٍ قَرَأ مَهْلِكَ بِفَتْحِ المِيمِ وكَسْرِ اللّامِ، وأنَّ أبا بَكْرٍ أعْنِي شُعْبَةَ قَرَأ عَنْ عاصِمٍ: مَهْلَكَ بِفَتْحِ المِيمِ واللّامِ، وأنَّ غَيْرَ عاصِمٍ قَرَأ: ﴿مَهْلِكَ أهْلِهِ﴾، بِضَمِّ المِيمِ وفَتْحِ اللّامِ، فَعَلى قِراءَةِ مَن قَرَأ مَهْلِكَ بِفَتْحِ المِيمِ، فَهو مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِن هَلَكَ الثُّلاثِيِّ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ اسْمَ زَمانٍ أوْ مَكانٍ، وعَلى قِراءَةِ مَن قَرَأ مُهْلَكَ بِضَمِّ المِيمِ، فَهو مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِن أهْلَكَ الرُّباعِيِّ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ أيْضًا اسْمَ مَكانٍ أوْ زَمانٍ.
{"ayah":"قَالُوا۟ تَقَاسَمُوا۟ بِٱللَّهِ لَنُبَیِّتَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِیِّهِۦ مَا شَهِدۡنَا مَهۡلِكَ أَهۡلِهِۦ وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق