الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قالُوا وما الرَّحْمَنُ أنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وزادَهم نُفُورًا﴾ . ذَكَرَ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ الكُفّارَ إذا قِيلَ لَهُمُ: ﴿اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ﴾، أيْ: قالَ لَهم ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ والمُسْلِمُونَ، تَجاهَلُوا الرَّحْمَنَ، وقالُوا: ﴿وَما الرَّحْمَنُ﴾، وأنْكَرُوا السُّجُودَ لَهُ تَعالى، وزادَهم ذَلِكَ نُفُورًا عَنِ الإيمانِ والسُّجُودِ لَلرَّحْمَنِ، وما ذَكَرَهُ هُنا مِن أنَّهم أُمِرُوا بِالسُّجُودِ لَهُ وحْدَهُ جَلَّ وعَلا مَذْكُورًا في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ ولا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: ٣٧] . وَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاسْجُدُوا لِلَّهِ واعْبُدُوا﴾ [النجم: ٦٢] وقَدْ وبَّخَهم تَعالى عَلى عَدَمِ امْتِثالِ ذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ﴾ [الإنشقاق: ٢١] وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: ٤٨] وتَجاهُلُهم لِلرَّحْمَنِ هُنا أجابَهم عَنْهُ تَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿الرَّحْمَنُ﴾ ﴿عَلَّمَ القُرْآنَ﴾ ﴿خَلَقَ الإنْسانَ﴾ ﴿عَلَّمَهُ البَيانَ﴾ [الرحمن: ١ - ٤] . وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الحُسْنى﴾ [الإسراء: ١١٠] وقَدْ قَدَّمْنا طَرَفًا مِن هَذا في الكَلامِ عَلى هَذِهِ الآيَةِ، وقَدْ قَدَّمْنا أيْضًا أنَّهم يَعْلَمُونَ أنَّ الرَّحْمَنَ هو اللَّهُ، وأنَّ تَجاهُلَهم لَهُ تَجاهُلُ عارِفٍ، وأدِلَّةَ ذَلِكَ. وقَوْلُهُ هُنا: ﴿وَزادَهم نُفُورًا﴾، جاءَ مَعْناهُ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا في هَذا (p-٧١)القُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وما يَزِيدُهم إلّا نُفُورًا﴾ [الإسراء: ٤١] وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَلْ لَجُّوا في عُتُوٍّ ونُفُورٍ﴾ [الملك: ٢١] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب