الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحًا حَتّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ .
هَذا الِاسْتِعْفافُ المَأْمُورُ بِهِ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، هو المَذْكُورُ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِن أبْصارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهم ذَلِكَ أزْكى لَهم إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ﴾ [النور: ٣٠]، وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنا إنَّهُ كانَ فاحِشَةً وساءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٣٢]، ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَن يُكْرِهُّنَّ فَإنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿فَإنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قِيلَ: غَفُورٌ لَهُنَّ، وقِيلَ: غَفُورٌ لَهم، وقِيلَ: غَفُورٌ لَهُنَّ ولَهم.
وَأظْهَرُها أنَّ المَعْنى غَفُورٌ لَهُنَّ لِأنَّ المُكْرَهَ لا يُؤاخَذُ بِما أُكْرِهُ عَلَيْهِ، بَلْ يَغْفِرُهُ اللَّهُ لَهُ لِعُذْرِهِ بِالإكْراهِ؛ كَما يُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلّا مَن أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمانِ﴾ الآيَةَ [النحل: ١٠٦]، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وجابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وابْنِ جُبَيْرٍ، فَإنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إكْراهِهِنَّ لَهُنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ، ذَكَرَهُ عَنْهُ القُرْطُبِيُّ، وذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم جَمِيعًا - .
وَقَدْ قَدَّمْنا في تَرْجَمَةِ هَذا الكِتابِ المُبارَكِ أنّا لا نُبَيِّنُ القُرْآنَ بِقِراءَةٍ شاذَّةٍ، ورُبَّما ذَكَرْنا القِراءَةَ الشّاذَّةَ اسْتِشْهادًا بِها لِقِراءَةٍ سَبْعِيَّةٍ كَما هُنا، فَزِيادَةُ لَفْظَةِ لَهُنَّ في قِراءَةِ مَن ذَكَرْنا اسْتِشْهادٌ بِقِراءَةٍ شاذَّةٍ لِبَيانٍ بِقِراءَةٍ غَيْرِ شاذَّةٍ أنَّ المَوْعُودَ بِالمَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ، هو المَعْذُورُ بِالإكْراهِ دُونَ المُكْرَهِ؛ لِأنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ في فِعْلِهِ القَبِيحِ، وذَلِكَ بَيانُ المَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: ﴿إلّا مَن أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمانِ﴾ [النحل: ١٠٦] .
(p-٥٣٣)وَقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: فَإنْ قُلْتَ لا حاجَةَ إلى تَعْلِيقِ المَغْفِرَةِ بِهِنَّ؛ لِأنَّ المُكْرَهَةَ عَلى الزِّنى، بِخِلافِ المُكْرِهِ عَلَيْهِ في أنَّها غَيْرُ آثِمَةٍ.
قُلْتُ: لَعَلَّ الإكْراهَ كانَ دُونَ ما اعْتَبَرَتْهُ الشَّرِيعَةُ مِن إكْراهٍ بِقَتْلٍ، أوْ بِما يُخافُ مِنهُ التَّلَفُ، أوْ ذَهابُ العُضْوِ مِن ضَرْبٍ عَنِيفٍ أوْ غَيْرِهِ، حَتّى يَسْلَمَ مِنَ الإثْمِ، ورُبَّما قَصُرَتْ عَنِ الحَدِّ الَّذِي تَعَذَّرَ فِيهِ فَتَكُونُ آثِمَةً، انْتَهى مِنهُ.
والَّذِي يَظْهَرُ أنَّهُ لا حاجَةَ إلَيْهِ، لِأنَّ إسْقاطَ المُؤاخَذَةِ بِالإكْراهِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أنَّهُ غُفْرانٌ ورَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ بِعَبْدِهِ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"وَلۡیَسۡتَعۡفِفِ ٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ یُغۡنِیَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱلَّذِینَ یَبۡتَغُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِمَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِیهِمۡ خَیۡرࣰاۖ وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِیۤ ءَاتَىٰكُمۡۚ وَلَا تُكۡرِهُوا۟ فَتَیَـٰتِكُمۡ عَلَى ٱلۡبِغَاۤءِ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنࣰا لِّتَبۡتَغُوا۟ عَرَضَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۚ وَمَن یُكۡرِههُّنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِنۢ بَعۡدِ إِكۡرَ ٰهِهِنَّ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق