قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ﴾، ذَكَرَ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لِإنْكارِهِمُ البَعْثَ والجَزاءَ، ناكِبُونَ عَنِ الصِّراطِ، والمُرادُ بِالصِّراطِ، الَّذِي هم ناكِبُونَ عَنْهُ: الصِّراطُ المُسْتَقِيمُ (p-٣٤٥)المُوَصِّلُ إلى الجَنَّةِ المَذْكُورِ في قَوْلِهِ قَبْلَهُ: ﴿وَإنَّكَ لَتَدْعُوهم إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المؤمنون: ٧٣] ومَن نَكَبَ عَنْ هَذا الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ، دَخَلَ النّارَ بِلا شَكٍّ.
والآياتُ الدّالَّةُ عَلى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ؛ كَقَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ الرُّومِ: ﴿وَأمّا الَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا ولِقاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ في العَذابِ مُحْضَرُونَ﴾ [الروم: ١٦] ومَعْنى قَوْلِهِ: لَناكِبُونَ: عادِلُونَ عَنْهُ، حائِدُونَ غَيْرُ سالِكِينَ إيّاهُ وهو مَعْنًى مَعْرُوفٌ في كَلامِ العَرَبِ، ومِنهُ قَوْلُ نُصَيْبٍ:
؎خَلِيلِيَّ مِن كَعْبٍ ألَمًا هَدَيْتُما بِزَيْنَبَ لا تَفْقِدْكُما أبَدًا كَعْبُ
؎مِنَ اليَوْمِ زُوراها فَإنَّ رِكابَنا ∗∗∗ غَداةَ غَدٍ عَنْها وعَنْ أهْلِها نَكْبُ
جَمْعُ ناكِبَةٍ، عَنْها أيْ: عادِلَةٌ عَنْها مُتَباعِدَةٌ عَنْها، وعَنْ أهْلِها.
{"ayah":"وَإِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَ ٰطِ لَنَـٰكِبُونَ"}