الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكم فَكُنْتُمْ عَلى أعْقابِكم تَنْكِصُونَ﴾، لَمّا بَيَّنَ أنَّ المُتْرَفِينَ مِنَ الكُفّارِ إذا أخَذَهم رَبُّهم بِالعَذابِ، ضَجُّوا وصاحُوا واسْتَغاثُوا، وبَيَّنَ أنَّهم لا يُغاثُونَ كَما أوْضَحْناهُ آنِفًا بَيَّنَ سَبَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: قَدْ كانَتْ آياتِي، أيِ: الَّتِي أرْسَلْتُ بِها رُسُلِي تُتْلى عَلَيْكم: تُقْرَأُ عَلَيْكم واضِحَةً مُفَصَّلَةً، ﴿فَكُنْتُمْ عَلى أعْقابِكم تَنْكِصُونَ﴾: تَرْجِعُونَ عَنْها القَهْقَرى، والعَقِبُ: مُؤَخَّرُ القَدَمِ، والنُّكُوصُ: الرُّجُوعُ عَنِ الأمْرِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا تَراءَتِ الفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ﴾ [الأنفال: ٤٨] ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎زَعَمُوا بِأنَّهم عَلى سُبُلِ النَّجاةِ وإنَّما نَكَصَ عَلى الأعْقابِ وَهَذا المَعْنى الَّذِي ذَكَرَهُ هُنا: أشارَ لَهُ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿قالُوا رَبَّنا أمَتَّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ فاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِن سَبِيلٍ﴾ ﴿ذَلِكم بِأنَّهُ إذا دُعِيَ اللَّهُ وحْدَهُ كَفَرْتُمْ وإنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فالحُكْمُ لِلَّهِ العَلِيِّ الكَبِيرِ﴾ [غافر: ١١ - ١٢] فَكُفْرُهم عِنْدَ اللَّهِ ذِكْرُ اللَّهِ وحْدَهُ، مِن نُكُوصِهِمْ عَلى أعْقابِهِمْ، وبَيَّنَ في مَوْضِعٍ آخَرَ أنَّهم إذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُهُ، لَمْ يَقْتَصِرُوا عَلى النُّكُوصِ عَنْها، عَلى أعْقابِهِمْ، بَلْ يَكادُونَ يَبْطِشُونَ بِالَّذِي يَتْلُوها عَلَيْهِمْ، لِشِدَّةِ بُغْضِهِمْ لَها، وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ في وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا المُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا﴾ [الحج: ٧٢] (p-٣٣٩)وَهَذا الَّذِي ذَكَرْنا أنَّ العَذابَ عَذابُ يَوْمِ القِيامَةِ، أظْهَرُ عِنْدَنا مِن قَوْلِ مَن قالَ: إنَّهُ يَوْمُ بَدْرٍ أوِ الجُوعُ، ومِن قَوْلِ مَن زَعَمَ: أنَّ الَّذِينَ يَجْأرُونَ: هُمُ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا يَوْمَ بَدْرٍ وأنَّ جُؤارَهم مِن قِبَلِ إخْوانِهِمْ، فَكُلُّ ذَلِكَ خِلافُ الظّاهِرِ، وإنْ قالَهُ مَن قالَهُ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب