الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكم فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ ﴿قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وكُنّا قَوْمًا ضالِّينَ﴾ (p-٣٥٨)ما ذَكَرَهُ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: مِن أنَّ أهْلَ النّارِ يُسْألُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، فَيَقُولُ لَهم رَبُّهم ألَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكم، أيْ: في دارِ الدُّنْيا عَلى ألْسِنَةِ الرُّسُلِ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ، وأنَّهُمُ اعْتَرَفُوا بِذَلِكَ، وأنَّهم لَمْ يُجِيبُوا الرُّسُلَ لِما دَعَوْهم إلَيْهِ مِنَ الإيمانِ؛ لِأنَّ اللَّهَ أرادَ بِهِمُ الشَّقاءَ وهم مُيَسَّرُونَ لِما خُلِقُوا لَهُ، فَلِذَلِكَ كَفَرُوا، وكَذَّبُوا الرُّسُلَ.
قَدْ أوْضَحْنا الآياتِ الدّالَّةَ عَلَيْهِ في سُورَةِ بَنِي إسْرائِيلَ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥] فَأغْنى ذَلِكَ عَنْ إعادَتِهِ هُنا.
وَقَوْلِهِ هُنا: ﴿قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وكُنّا قَوْمًا ضالِّينَ﴾ الظّاهِرُ أنَّ مَعْنى قَوْلِهِمْ: غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا أنَّ الرُّسُلَ بَلَّغَتْهم، وأنْذَرَتْهم وتَلَتْ عَلَيْهِمْ آياتِ رَبِّهِمْ، ولَكِنْ ما سَبَقَ في عِلْمِ اللَّهِ مِن شَقاوَتِهِمُ الأزَلِيَّةِ، غَلَبَ عَلَيْهِمْ، فَكَذَّبُوا الرُّسُلَ، لِيَصِيرُوا إلى ما سَبَقَ في عِلْمِهِ - جَلَّ وعَلا -، مِن شَقاوَتِهِمْ، ونَظِيرُ الآيَةِ عَلى هَذا الوَجْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿وَلَوْ جاءَتْهم كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا العَذابَ الألِيمَ﴾ [يونس: ٩٦ - ٩٧] وقَوْلُهُ عَنْ أهْلِ النّارِ ﴿قالُوا بَلى ولَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ العَذابِ عَلى الكافِرِينَ﴾ [الزمر: ٧١] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ، ويَزِيدُ ذَلِكَ إيْضاحًا قَوْلُهُ ﷺ ”«كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ“» وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكم فَمِنكم كافِرٌ ومِنكم مُؤْمِنٌ﴾ [التغابن: ٢] وقَوْلُهُ: ﴿وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ ﴿إلّا مَن رَحِمَ رَبُّكَ ولِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: ١١٨ - ١١٩] عَلى أصَحِّ التَّفْسِيرَيْنِ وقَوْلُهُ عَنْهم ﴿وَكُنّا قَوْمًا ضالِّينَ﴾، اعْتِرافٌ مِنهم بِضَلالِهِمْ، حَيْثُ لا يَنْفَعُ الِاعْتِرافُ بِالذَّنْبِ ولا النَّدَمُ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأصْحابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١١] ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
وَهَذا الَّذِي فَسَّرْنا بِهِ الآيَةَ، هو الأظْهَرُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الكِتابُ والسُّنَّةُ، وبِهِ تَعْلَمُ أنَّ قَوْلَ أبِي عَبْدِ اللَّهِ القُرْطُبِيِّ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ، وأحْسَنُ ما قِيلَ في مَعْناهُ: غَلَبَتْ عَلَيْنا لَذّاتُنا وأهْواؤُنا، فَسَمّى اللَّذّاتِ والأهْواءَ شِقْوَةً؛ لِأنَّهُما يُؤَدِّيانِ إلَيْها كَما قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا إنَّما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نارًا﴾ [النساء: ١٠]؛ لِأنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّيهِمْ إلى النّارِ. اهـ، تَكَلُّفٌ مُخالِفٌ لِلتَّحْقِيقِ.
ثُمَّ حَكى القُرْطُبِيُّ ما ذَكَرْنا أنَّهُ الصَّوابُ بِقِيلٍ ثُمَّ قالَ: وقِيلَ حُسْنُ الظَّنِّ بِالنَّفْسِ، وسُوءُ الظَّنِّ بِالخُلُقِ اهـ.
وَلا يَخْفى أنَّ الصَّوابَ هو ما ذَكَرْنا إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى، وقَوْلُهُ هُنا: ﴿قَوْمًا ضالِّينَ﴾ (p-٣٥٩)أيْ: عَنِ الإسْلامِ إلى الكُفْرِ، وعَنْ طَرِيقِ الجَنَّةِ إلى طَرِيقِ النّارِ، وقَرَأ هَذا الحَرْفَ: حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: شَقاوَتُنا بِفَتْحِ الشِّينِ، والقافِ وألِفٌ بَعْدَها، وقَرَأهُ الباقُونَ: بِكَسْرِ الشِّينِ، وإسْكانِ القافِ وحَذْفِ الألِفِ.
{"ayah":"أَلَمۡ تَكُنۡ ءَایَـٰتِی تُتۡلَىٰ عَلَیۡكُمۡ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق