الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها النّاسُ إنَّما أنا لَكم نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ . (p-٢٨١)أمَرَ اللَّهُ - جَلَّ وعَلا - نَبِيَّهُ ﷺ في هَذِهِ الآيَةِ أنْ يَقُولَ لِلنّاسِ ﴿إنَّما أنا لَكم نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ أيْ: إنِّي لَسْتُ بِرَبِّكم، ولا بِيَدِي هِدايَتُكم ولا عَلَيَّ عِقابُكم يَوْمَ القِيامَةِ، ولَكِنِّي مُخَوِّفٌ لَكم مِن عَذابِ اللَّهِ وسُخْطِهِ. والآياتُ بِهَذا المَعْنى كَثِيرَةٌ جِدًّا؛ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ وعَلَيْنا الحِسابُ﴾ [الرعد: ٤٠] وقَوْلُهُ ﴿إنَّما أنْتَ مُنْذِرٌ﴾ [الرعد: ٧] وقَوْلُهُ ﴿إنْ أنا إلّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [الشعراء: ١١٥] وقَوْلُهُ ﴿فَما أرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إنْ عَلَيْكَ إلّا البَلاغُ﴾ [الشورى: ٤٨] وقَوْلُهُ ﴿إنْ هو إلّا نَذِيرٌ لَكم بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبإ: ٤٦] وقَوْلُهُ ﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: ١] والآياتُ في هَذا المَعْنى كَثِيرَةٌ جِدًّا، وقَوْلُهُ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: مُبِينٌ الظّاهِرُ أنَّهُ الوَصْفُ مِن أبانَ الرُّباعِيَّةِ اللّازِمَةِ الَّتِي بِمَعْنى بانَ، والعَرَبُ تَقُولُ: أبانَ فَهو مَعْنى بانَ، فَهو بَيِّنٌ مِنَ اللّازِمِ الَّذِي لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ إلى المَفْعُولِ، ومِنهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ: ؎قَنْواءُ في حَرَّتَيْها لِلْبَصِيرِ بِها عِتْقٌ مُبِينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ فَقَوْلُهُ: عِتْقٌ مُبِينٌ أيْ: كَرَمٌ ظاهِرٌ ومِن أبانَ اللّازِمَةِ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ المَخْزُومِيِّ: ؎لَوْ دَبَّ ذَرٌّ فَوْقَ ضاحِي جِلْدِها ∗∗∗ لَأبانَ مِن آثارِهِنَّ حُدُورُ يَعْنِي: لَظَهَرَ وبانَ مِن آثارِهِنَّ ورَمٌ ومِنهُ قَوْلُ جَرِيرٍ: ؎إذا آباؤُنا وأبُوكَ عَدَوْا ∗∗∗ أبانَ المُقْرِفاتُ مِنَ العِرابِ أيْ ظَهَرَ: وبانَ المُقْرِفاتُ مِنَ العِرابِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ في هَذِهِ الآيَةِ: مُبِينٌ: اسْمُ أبانَ المُتَعَدِّيَةِ، والمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ لِلتَّعْمِيمِ أيْ: مُبِينٌ لَكم في إنْذارِي كُلَّ ما يَنْفَعُكم، وما يَضُرُّكم لِتَجْتَلِبُوا النَّفْعَ، وتَجْتَنِبُوا الضُّرَّ، والأوَّلُ أظْهَرُ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب