الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ والمَسْجِدِ الحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنّاسِ سَواءً العاكِفُ فِيهِ والبادِي ومَن يُرِدْ فِيهِ بِإلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ . اعْلَمْ أنَّ خَبَرَ ”إنَّ“ في قَوْلِهِ هُنا: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحج: ٢٥] مَحْذُوفٌ كَما تَرى. والَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الآيَةُ أنَّ التَّقْدِيرَ: إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، نُذِيقُهم مِن عَذابٍ ألِيمٍ. كَما دَلَّ عَلى هَذا قَوْلُهُ في آخِرِ الآيَةِ: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥] وخَيْرُ ما يُفَسَّرُ بِهِ القُرْآنُ القُرْآنُ. فَإنْ قِيلَ: ما وجْهُ عَطْفِ الفِعْلِ المُضارِعِ عَلى الفِعْلِ الماضِي، في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ويَصُدُّونَ﴾ . فالجَوابُ مِن أرْبَعَةِ أوْجُهٍ، واحِدٌ مِنها ظاهِرُ السُّقُوطِ: الأوَّلُ: هو ما ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَماءِ العَرَبِيَّةِ مِن أنَّ المُضارِعَ قَدْ لا يُلاحَظُ فِيهِ زَمانٌ مُعَيَّنٌ مِن حالٍ أوِ اسْتِقْبالٍ، فَيَدُلُّ إذْ ذاكَ عَلى الِاسْتِمْرارِ، ومِنهُ: ﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٢٥]، وقَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٢٨] قالَهُ أبُو حَيّانَ وغَيْرُهُ. الثّانِي: أنَّ يَصُدُّونَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، والتَّقْدِيرُ: إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا، وهم يَصُدُّونَ، وعَلَيْهِ فالجُمْلَةُ المَعْطُوفَةُ اسْمِيَّةٌ لا فِعْلِيَّةٌ، وهَذا القَوْلُ اسْتَحْسَنَهُ القُرْطُبِيُّ. الثّالِثُ: أنَّ يَصُدُّونَ مُضارِعٌ أُرِيدَ بِهِ الماضِي؛ أيْ: كَفَرُوا وصَدُّوا. ولَيْسَ بِظاهِرٍ. الرّابِعُ: أنَّ الواوَ زائِدَةٌ، وجُمْلَةُ ”يَصُدُّونَ“ خَبَرُ ”إنَّ“ أيْ: إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَصُدُّونَ (p-٢٩٣)الآيَةَ. وهَذا هو الَّذِي قَدَّمْنا أنَّهُ ظاهِرُ السُّقُوطِ، وهو كَما تَرى، وما ذَكَرَهُ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآيَةِ مِن أنَّ مِن أعْمالِ الكُفّارِ الصَّدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وعَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ بَيَّنَهُ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ • كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وكُفْرٌ بِهِ والمَسْجِدِ الحَرامِ وإخْراجُ أهْلِهِ مِنهُ أكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ [البقرة: ٢١٧]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوكم عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ والهَدْيَ مَعْكُوفًا أنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [الفتح: ٢٥]، • وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكم شَنَآنُ قَوْمٍ أنْ صَدُّوكم عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ أنْ تَعْتَدُوا﴾ الآيَةَ [المائدة: ٢] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿سَواءً العاكِفُ فِيهِ والبادِي﴾ [الحج: ٢٥] قَرَأهُ عامَّةُ السَّبْعَةِ غَيْرَ حَفْصٍ عَنْ عاصِمٍ: سَواءٌ، بِضَمِّ الهَمْزَةِ، وفي إعْرابِهِ عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ هَذِهِ بِرَفْعِ ”سَواءٌ“ وجْهانِ: الأوَّلُ: أنَّ قَوْلَهُ: العاكِفُ: مُبْتَدَأٌ، والبادِ: مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، و: ”سَواءٌ“ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وهو مَصْدَرٌ أُطْلِقَ وأُرِيدَ بِهِ الوَصْفُ. فالمَعْنى: العاكِفُ والبادِي سَواءٌ؛ أيْ: مُسْتَوِيانِ فِيهِ، وهَذا الإعْرابُ أظْهَرُ الوَجْهَيْنِ. الثّانِي: أنَّ ”سَواءٌ“ مُبْتَدَأٌ و ”العاكِفُ“ فاعِلٌ سَدَّ مَسَدَّ الخَبَرِ، والظّاهِرُ أنَّ مُسَوِّغَ الِابْتِداءِ بِالنَّكِرَةِ الَّتِي هي ”سَواءٌ“ عَلى هَذا الوَجْهِ: هو عَمَلُها في المَجْرُورِ الَّذِي هو فِيهِ؛ إذِ المَعْنى: سَواءٌ فِيهِ العاكِفُ والبادِي، وجُمْلَةُ المُبْتَدَأِ وخَبَرُهُ في مَحَلِّ المَفْعُولِ الثّانِي لِـ ”جَعَلْنا“ وقَرَأ حَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: ”سَواءً“ بِالنَّصْبِ، وهو المَفْعُولُ الثّانِي لِـ ”جَعَلْنا“ الَّتِي بِمَعْنى صَيَّرْنا. والعاكِفُ فاعِلُ ”سَواءٌ“ أيْ: مُسْتَوِيًا فِيهِ العاكِفُ والبادِي، ومِن كَلامِ العَرَبِ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ سَواءٌ هو والعَدَمُ، ومَن قالَ: إنَّ ”جَعَلَ“ في الآيَةِ تَتَعَدّى إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ قالَ: إنَّ ”سَواءٌ“ حالٌ مِنَ الهاءِ في: جَعَلْناهُ؛ أيْ: وضَعْناهُ لِلنّاسِ في حالِ كَوْنِهِ سَواءً العاكِفُ فِيهِ والبادِي كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ﴾ الآيَةَ [آل عمران: ٩٦] وقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: إنَّ المُرادَ بِالمَسْجِدِ الحَرامِ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ يَشْمَلُ جَمِيعَ الحَرَمِ؛ ولِذَلِكَ أخَذَ بَعْضُ العُلَماءِ مِن هَذِهِ الآيَةِ أنَّ رِباعَ مَكَّةَ لا تُمْلَكُ، وقَدْ قَدَّمْنا الكَلامَ مُسْتَوْفًى في هَذِهِ المَسْألَةِ وأقْوالَ أهْلِ العِلْمِ فِيها، ومُناقَشَةَ أدِلَّتِهِمْ في سُورَةِ الأنْفالِ، فَأغْنى ذَلِكَ عَنْ إعادَتِهِ هُنا، والعاكِفُ: هو المُقِيمُ في الحَرَمِ، والبادِي: الطّارِئُ عَلَيْهِ مِنَ البادِيَةِ، وكَذَلِكَ غَيْرُها مِن أقْطارِ الدُّنْيا. وَقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ”والبادِي“ قَرَأهُ أبُو عَمْرٍو ووَرْشٌ عَنْ نافِعٍ بِإثْباتِ الياءِ بَعْدَ الدّالِ في الوَصْلِ، وإسْقاطِها في الوَقْفِ، وقَرَأهُ ابْنُ كَثِيرٍ بِإثْباتِها وصْلًا ووَقْفًا، (p-٢٩٤)وَقَرَأهُ باقِي السَّبْعَةِ بِإسْقاطِها، وصْلًا ووَقْفًا. وَقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥] قَدْ أوْضَحْنا إزالَةَ الإشْكالِ عَنْ دُخُولِ الباءِ عَلى المَفْعُولِ في قَوْلِهِ: بِإلْحادٍ، ونَظائِرِهِ في القُرْآنِ، وأكْثَرْنا عَلى ذَلِكَ مِنَ الشَّواهِدِ العَرَبِيَّةِ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَهُزِّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [مريم: ٢٥] فَأغْنى ذَلِكَ عَنْ إعادَتِهِ هُنا. والإلْحادُ في اللُّغَةِ أصْلُهُ: المَيْلُ، والمُرادُ بِالإلْحادِ في الآيَةِ: أنْ يَمِيلَ ويَحِيدَ عَنْ دِينِ اللَّهِ الَّذِي شَرَعَهُ، ويَعُمُّ ذَلِكَ كُلَّ مَيْلٍ وحَيْدَةٍ عَنِ الدِّينِ، ويَدْخُلُ في ذَلِكَ دُخُولًا أوَّلِيًّا الكُفْرُ بِاللَّهِ، والشِّرْكُ بِهِ في الحَرَمِ، وفِعْلُ شَيْءٍ مِمّا حَرَّمَهُ، وتَرْكُ شَيْءٍ مِمّا أوْجَبَهُ. ومِن أعْظَمِ ذَلِكَ: انْتِهاكُ حُرُماتِ الحَرَمِ. وقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: يَدْخُلُ في ذَلِكَ احْتِكارُ الطَّعامِ بِمَكَّةَ، وقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: يَدْخُلُ في ذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ: لا واللَّهِ، و: بَلى واللَّهِ. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّهُ كانَ لَهُ فُسْطاطانِ: أحَدُهُما في طَرَفِ الحَرَمِ، والآخَرُ في طَرَفِ الحِلِّ، فَإذا أرادَ أنْ يُعاتِبَ أهْلَهُ أوْ غُلامَهُ فَعَلَ ذَلِكَ في الفُسْطاطِ الَّذِي لَيْسَ في الحَرَمِ، يَرى أنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَدْخُلُ في الإلْحادِ فِيهِ بِظُلْمٍ. قالَ مُقَيِّدُهُ - عَفا الله عَنْهُ وغَفَرَ لَهُ -: الَّذِي يَظْهَرُ في هَذِهِ المَسْألَةِ أنَّ كُلَّ مُخالَفَةٍ بِتَرْكِ واجِبٍ، أوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ تَدْخُلُ في الظُّلْمِ المَذْكُورِ، وأمّا الجائِزاتُ كَعِتابِ الرَّجُلِ امْرَأتَهُ، أوْ عَبْدَهُ، فَلَيْسَ مِنَ الإلْحادِ، ولا مِنَ الظُّلْمِ. * * * * مَسْألَةٌ قالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: مَن هَمَّ أنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً في مَكَّةَ، أذاقَهُ اللَّهُ العَذابَ الألِيمَ بِسَبَبِ هَمِّهِ بِذَلِكَ وإنْ لَمْ يَفْعَلْها، بِخِلافِ غَيْرِ الحَرَمِ المَكِّيِّ مِنَ البِقاعِ، فَلا يُعاقَبُ فِيهِ بالهَمِّ. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ أنَّ رَجُلًا أرادَ بِإلْحادٍ فِيهِ بِظُلْمٍ وهو بِعَدَنِ أبْيَنَ لَأذاقَهُ اللَّهُ مِنَ العَذابِ الألِيمِ، وهَذا ثابِتٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ووَقْفُهُ عَلَيْهِ أصَحُّ مِن رَفْعِهِ، والَّذِينَ قالُوا هَذا القَوْلَ اسْتَدَلُّوا لَهُ بِظاهِرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥] لِأنَّهُ تَعالى رَتَّبَ إذاقَةَ العَذابِ الألِيمِ عَلى إرادَةِ الإلْحادِ بِالظُّلْمِ فِيهِ تَرْتِيبَ الجَزاءِ عَلى شَرْطِهِ، ويُؤَيِّدُ هَذا قَوْلُ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ: إنَّ الباءَ في قَوْلِهِ: ”بِإلْحادٍ“ لِأجْلِ أنَّ الإرادَةَ مُضَمَّنَةٌ مَعْنى الهَمِّ؛ أيْ: ومَن يَهْمُمْ فِيهِ بِإلْحادٍ، وعَلى هَذا الَّذِي قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وغَيْرُهُ. (p-٢٩٥)فَهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ ﷺ: «وَمَن هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ» الحَدِيثَ، وعَلَيْهِ فَهَذا التَّخْصِيصُ لِشِدَّةِ التَّغْلِيظِ في المُخالَفَةِ في الحَرَمِ المَكِّيِّ، ووَجْهُ هَذا ظاهِرٌ. قالَ مُقَيِّدُهُ - عَفا اللَّهُ عَنْهُ وغَفَرَ لَهُ -: ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَعْنى الإرادَةِ في قَوْلِهِ: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإلْحادٍ﴾ [الحج: ٢٥] العَزْمُ المُصَمِّمُ عَلى ارْتِكابِ الذَّنْبِ فِيهِ، والعَزْمُ المُصَمِّمُ عَلى الذَّنْبِ ذَنْبٌ يُعاقَبُ عَلَيْهِ في جَمِيعِ بِقاعِ اللَّهِ؛ مَكَّةَ وغَيْرِها. والدَّلِيلُ عَلى أنَّ إرادَةَ الذَّنْبِ إذا كانَتْ عَزْمًا مُصَمَّمًا عَلَيْهِ أنَّها كارْتِكابِهِ حَدِيثُ أبِي بَكْرَةَ الثّابِتُ في الصَّحِيحِ: «إذا التَقى المُسْلِمانِ بِسَيْفَيْهِما فالقاتِلُ والمَقْتُولُ في النّارِ. قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْنا القاتِلَ، فَما بالُ المَقْتُولِ ؟ قالَ: ”إنَّهُ كانَ حَرِيصًا عَلى قَتْلِ صاحِبِهِ»“ . فَقَوْلُهم: ما بالُ المَقْتُولِ: سُؤالٌ عَنْ تَشْخِيصِ عَيْنِ الذَّنْبِ الَّذِي دَخَلَ بِسَبَبِهِ النّارَ مَعَ أنَّهُ لَمْ يَفْعَلِ القَتْلَ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَوْلِهِ: «إنَّهُ كانَ حَرِيصًا عَلى قَتْلِ صاحِبِهِ» أنَّ ذَنْبَهُ الَّذِي أدْخَلَهُ النّارَ هو عَزْمُهُ المُصَمِّمُ وحِرْصُهُ عَلى قَتْلِ صاحِبِهِ المُسْلِمِ. وقَدْ قَدَّمْنا مِرارًا أنَّ ”إنَّ“ المَكْسُورَةَ المُشَدَّدَةَ تَدُلُّ عَلى التَّعْلِيلِ كَما تَقَرَّرَ في مَسْلَكِ الإيماءِ والتَّنْبِيهِ. وَمِثالُ المُعاقَبَةِ عَلى العَزْمِ المُصَمِّمِ عَلى ارْتِكابِ المَحْظُورِ فِيهِ، ما وقَعَ بِأصْحابِ الفِيلِ مِنَ الإهْلاكِ المُسْتَأْصِلِ، بِسَبَبِ طَيْرٍ أبابِيلَ ﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِن سِجِّيلٍ﴾ [الفيل: ٤] لِعَزْمِهِمْ عَلى ارْتِكابِ المَناكِرِ في الحَرَمِ، فَأهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ العَزْمِ قَبْلَ أنْ يَفْعَلُوا ما عَزَمُوا عَلَيْهِ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى. والظّاهِرُ أنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ: فِيهِ راجِعٌ إلى المَسْجِدِ الحَرامِ، ولَكِنَّ حُكْمَ الحَرَمِ كُلِّهِ في تَغْلِيظِ الذَّنْبِ المَذْكُورِ كَذَلِكَ. واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب