الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ . قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤] مَنصُوبٌ بِقَوْلِهِ: ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ﴾ [ ٢١ ] أوْ بِقَوْلِهِ تَتَلَقّاهُمُ. وقَدْ ذَكَرَ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّهُ يَوْمَ القِيامَةِ يَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ الكُتُبَ. وصَرَّحَ في ”الزُّمَرِ“ بِأنَّ الأرْضَ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ، وأنَّ السَّماواتِ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ، وذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: ٦٧] وما ذَكَرَهُ مِن كَوْنِ السَّماواتِ مَطْوِيّاتٍ بِيَمِينِهِ في هَذِهِ الآيَةِ جاءَ في الصَّحِيحِ أيْضًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وقَدْ قَدَّمْنا مِرارًا أنَّ الواجِبَ في ذَلِكَ إمْرارُهُ كَما جاءَ، والتَّصْدِيقُ بِهِ مَعَ اعْتِقادِ أنَّ صِفَةَ الخالِقِ أعْظَمُ مِن أنْ تُماثِلَ صِفَةَ المَخْلُوقِ. وَأقْوالُ العُلَماءِ في مَعْنى قَوْلِهِ: (p-٢٤٩)﴿كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ راجِعَةٌ إلى أمْرَيْنِ: الأوَّلُ: أنَّ السِّجِلَّ: الصَّحِيفَةُ، والمُرادُ بِالكُتُبِ: ما كُتِبَ فِيها، واللّامُ بِمَعْنى عَلى، أيْ: كَطَيِّ السِّجِلِّ عَلى الكُتُبِ، أيْ: كَطَيِّ الصَّحِيفَةِ عَلى ما كُتِبَ فِيها، وعَلى هَذا فَطَيُّ السِّجِلِّ مَصْدَرٌ مُضافٌ إلى مَفْعُولِهِ؛ لِأنَّ السِّجِلَّ عَلى هَذا المَعْنى مَفْعُولُ الطَّيِّ. الثّانِي: أنَّ السِّجِلَّ مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةِ، وهو الَّذِي يَطْوِي كُتُبَ أعْمالِ بَنِي آدَمَ إذا رُفِعَتْ إلَيْهِ، ويُقالُ: إنَّهُ في السَّماءِ الثّالِثَةِ، تَرْفَعُ إلَيْهِ الحَفَظَةُ المُوَكَّلُونَ بِالخَلْقِ أعْمالَ بَنِي آدَمَ في كُلِّ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، وكانَ مِن أعْوانِهِ (فِيما ذَكَرُوا) هارُوتُ ومارُوتُ، وقِيلَ: إنَّهُ لا يَطْوِي الصَّحِيفَةَ حَتّى يَمُوتَ صاحِبُها، فَيَرْفَعَها ويَطْوِيَها إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وقَوْلُ مَن قالَ: إنَّ السِّجِلَّ صَحابِيٌّ كاتِبٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ ظاهِرُ السُّقُوطِ كَما تَرى. وَقَوْلُهُ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ ”لِلْكِتابِ“ قَرَأهُ عامَّةُ السَّبْعَةِ غَيْرَ حَمْزَةَ والكِسائِيِّ وحَفْصٍ عَنْ عاصِمٍ ”لِلْكِتابِ“ بِكَسْرِ الكافِ وفَتْحِ التّاءِ بَعْدَها ألْفٌ بِصِيغَةِ الإفْرادِ. وقَرَأهُ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفَصٌ عَنْ عاصِمٍ ”لِلْكُتُبِ“ بِضَمِّ الكافِ والتّاءِ بِصِيغَةِ الجَمْعِ. ومَعْنى القِراءَتَيْنِ واحِدٌ؛ لِأنَّ المُرادَ بِالكِتابِ عَلى قِراءَةِ الإفْرادِ جِنْسُ الكِتابِ، فَيَشْمَلُ كُلَّ الكُتُبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب