الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إذْ رَأيْتَهم ضَلُّوا﴾ ﴿ألّا تَتَّبِعَنِي﴾ .
قالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: ”لا“ في قَوْلِهِ: ﴿ألّا تَتَّبِعَنِي﴾ زائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ. واسْتَدَلَّ مَن قالَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى في ”الأعْرافِ“: ﴿قالَ ما مَنَعَكَ ألّا تَسْجُدَ إذْ أمَرْتُكَ﴾ [الأعراف: ١٢]، قالَ لِأنَّ المُرادَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ إذْ أمَرْتُكَ. بِدَلِيلِ قَوْلِهِ في القِصَّةِ بِعَيْنِها في سُورَةِ ”ص“: ﴿قالَ ياإبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ الآيَةَ [ ٣٨ ] . فَحَذَفَ لَفْظَةَ ”لا“ في ”ص“ مَعَ ثُبُوتِها في ”الأعْرافِ“، والمَعْنى واحِدٌ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّها مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ.
قالَ مُقَيِّدُهُ - عَفا اللَّهُ عَنْهُ وغَفَرَ لَهُ -: قَدْ عُرِفَ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ أنَّ زِيادَةَ لَفْظَةِ ”لا“ في الكَلامِ الَّذِي فِيهِ مَعْنى الجَحْدِ لِتَوْكِيدِهِ مُطَّرِدَةٌ.
• كَقَوْلِهِ هُنا: ﴿ما مَنَعَكَ إذْ رَأيْتَهم ضَلُّوا ألّا تَتَّبِعَنِي﴾ أيْ: ما مَنَعَكَ أنْ تَتْبَعَنِي، وقَوْلُهُ: ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ في ”ص“: ﴿ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ الآيَةَ،
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لِئَلّا يَعْلَمَ أهْلُ الكِتابِ ألّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ الآيَةَ [الحديد: ٢٩] . أيْ: لِيَعْلَمَ أهْلُ الكِتابِ،
• وقَوْلِهِ ﴿فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [النساء: ٦٥]، أيْ فَوَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَلا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئَةُ﴾ [ ٤١ ]، (p-٩٠)أيْ: والسَّيِّئَةُ،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أهْلَكْناها أنَّهم لا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٥]، عَلى أحَدِ القَوْلَيْنِ،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَما يُشْعِرُكم أنَّها إذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ١٠٩]، عَلى أحَدِ القَوْلَيْنِ، وقَوْلُهُ: ﴿قُلْ تَعالَوْا أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكم عَلَيْكم ألّا تُشْرِكُوا﴾ الآيَةَ [الأنعام: ١٥١]
عَلى أحَدِ الأقْوالِ فِيها.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِن كَلامِ العَرَبِ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎فَلا وأبِيكِ ابْنَةَ العامِرِيِّ لا يَدَّعِي القَوْمُ أنِّي أفِرْ
يَعْنِي فَوَأبِيكِ. وقَوْلُ أبِي النَّجْمِ:
؎فَما ألُومُ البِيضَ ألّا تَسْخَرا ∗∗∗ لَمّا رَأيْنَ الشَّمِطَ القَفَنْدَرا
يَعْنِي أنْ تَسْخَرَ، وقَوْلُ الآخَرَ:
؎ما كانَ يَرْضى رَسُولُ اللَّهِ دِينَهُمُ ∗∗∗ والأطْيَبانِ أبُو بَكْرٍ ولا عُمَرُ
يَعْنِي وعُمَرُ. وقَوْلُ الآخَرِ:
؎وَتَلْحَيْنَنِي في اللَّهْوِ ألّا أُحِبَّهُ ∗∗∗ ولِلَّهْوِ داعٍ دائِبٌ غَيْرُ غافِلِ
يَعْنِي أنْ أُحِبَّهُ، و ”لا“ مَزِيدَةٌ في جَمِيعِ الأبْياتِ لِتَوْكِيدِ الجَحْدِ فِيها. وقالَ الفَرّاءُ: إنَّها لا تُزادُ إلّا في الكَلامِ الَّذِي فِيهِ مَعْنى الجَحْدِ كالأمْثِلَةِ المُتَقَدِّمَةِ. والمُرادُ بِالجَحْدِ النَّفْيُ وما يُشْبِهُ كالمَنعِ في قَوْلِهِ: ﴿ما مَنَعَكَ﴾ [طه: ٨٩]، ونَحْوِ ذَلِكَ. والَّذِي يَظْهَرُ لَنا، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ. أنَّ زِيادَةَ لَفْظَةِ ”لا“ لِتَوْكِيدِ الكَلامِ وتَقْوِيَتِهِ أُسْلُوبٌ مِن أسالِيبِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، وهو في الكَلامِ الَّذِي فِيهِ مَعْنى الجَحْدِ أغْلَبُ مَعَ أنَّ ذَلِكَ مَسْمُوعٌ في غَيْرِهِ. وأنْشَدَ الأصْمَعِيُّ لِزِيادَةِ ”لا“ قَوْلَ ساعِدَةَ الهُذَلِيِّ:
؎أفَعَنْكَ لا بَرْقٌ كَأنَّ ومِيضَهُ ∗∗∗ غابٌ تَسَنَّمَهُ ضِرامٌ مُثْقَبُ
وَيُرْوى ”أفَمِنكَ“ بَدَلَ ”أفَعَنْكَ“ و ”تَشَيَّمَهُ“ بَدَلَ ”تَسَنَّمَهُ“ يَعْنِي أعَنْكَ بَرْقٌ بِـ ”لا“ زائِدَةٍ لِلتَّوْكِيدِ، والكَلامُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنى الجَهْدِ. ونَظِيرُهُ قَوْلُ الآخَرِ:
؎تَذَكَّرْتُ لَيْلى فاعْتَرَتْنِي صَبابَةٌ ∗∗∗ وكادَ صَمِيمُ القَلْبِ لا يَتَقَطَّعُ
يَعْنِي كادَ يَتَقَطَّعُ. وأنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِزِيادَةِ ”لا“ قَوْلَ العَجّاجِ:
؎فِي بِئْرِ لا حُورٍ سَرى وما شَعَرْ ∗∗∗ بِإفْكِهِ حَتّى رَأى الصُّبْحَ جَشَرْ
والحُورُ الهَلَكَةُ. يَعْنِي في بِئْرِ هَلَكَةٍ، ولا زائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ. قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ، وغَيْرُهُ. (p-٩١)والكَلامُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنى الجَحْدِ. وقَدْ أوْضَحْنا هَذِهِ المَسْألَةَ في كِتابِنا (دَفْعِ إيهامِ الِاضْطِرابِ عَنْ آياتِ الكِتابِ) في سُورَةِ ”البَلَدِ“ .
{"ayah":"قَالَ یَـٰهَـٰرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذۡ رَأَیۡتَهُمۡ ضَلُّوۤا۟"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











