الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ البَيِّناتِ والَّذِي فَطَرَنا فاقْضِ ما أنْتَ قاضٍ إنَّما تَقْضِي هَذِهِ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ . قَوْلُهُ: لَنْ نُؤْثِرَكَ أيْ: لَنْ نَخْتارَ اتِّباعَكَ وكَوْنُنا مِن حِزْبِكَ، وسَلامَتُنا مِن عَذابِكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ البَيِّناتِ. كَمُعْجِزَةِ العَصا الَّتِي أتَتْنا وتَيَقَنّا صِحَّتَها. والواوُ في قَوْلِهِ ﴿والَّذِي فَطَرَنا﴾ عاطِفَةٌ عَلى ”ما“ مِن قَوْلِهِ: عَلى ما جاءَنا أيْ: لَنْ نَخْتارَكَ ﴿عَلى ما جاءَنا مِنَ البَيِّناتِ﴾ ولا عَلى ﴿والَّذِي فَطَرَنا﴾ أيْ: خَلَقَنا وأبْرَزَنا مِنَ العَدَمِ إلى الوُجُودِ. وقِيلَ: هي واوُ القَسَمِ، والمُقْسَمُ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ ما قَبْلَهُ. أيْ: ﴿والَّذِي فَطَرَنا﴾ لا نُؤْثِرُكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ البَيِّناتِ فاقْضِ ما أيِ: اصْنَعْ ما أنْتَ صانِعٌ. فَلَسْنا راجِعِينَ عَمّا نَحْنُ عَلَيْهِ ﴿إنَّما تَقْضِي هَذِهِ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ أيْ: إنَّما يَنْفُذُ أمْرُكَ فِيها. فَـ ”هَذِهِ“ مَنصُوبٌ عَلى الظَّرْفِ عَلى الأصَحِّ. أيْ: ولَيْسَ فِيها شَيْءٌ يُهِمُّ لِسُرْعَةِ زَوالِها وانْقِضائِها. وَما ذَكَرَهُ جَلَّ وعَلا عَنْهم في هَذا المَوْضِعِ: مِن ثَباتِهِمْ عَلى الإيمانِ، وعَدَمِ مُبالاتِهِمْ بِتَهْدِيدِ فِرْعَوْنَ ووَعِيدِهِ رَغْبَةً فِيما عِنْدَ اللَّهِ قَدْ ذَكَرَهُ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ. كَقَوْلِهِ في ”الشُّعَراءِ“ عَنْهم في القِصَّةِ بِعَيْنِها: ﴿قالُوا لا ضَيْرَ إنّا إلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٥٠] . وقَوْلِهِ في ”الأعْرافِ“: ﴿قالُوا إنّا إلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ﴾ ﴿وَما تَنْقِمُ مِنّا إلّا أنْ آمَنّا بِآياتِ رَبِّنا لَمّا جاءَتْنا رَبَّنا أفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا وتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٥ - ١٢٦] . وقَوْلُهُ: ﴿فاقْضِ ما أنْتَ قاضٍ﴾ عائِدُ الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ، أيْ: ما أنْتَ قاضِيهِ لِأنَّهُ مَخْفُوضٌ بِالوَصْفِ، كَما أشارَ لَهُ في الخُلاصَةِ بِقَوْلِهِ: ؎كَذاكَ حَذْفُ ما بِوَصْفٍ خُفِضا كَأنْتَ قاضٍ بَعْدَ أمْرٍ مِن قَضى وَنَظِيرُهُ مِن كَلامِ العَرَبِ قَوْلُ سَعْدِ بْنِ ناشِبٍ المازِنِيِّ: ؎وَيَصْغُرُ في عَيْنَيْ تِلادِي إذا انْثَنَتْ ∗∗∗ يَمِينِي بِإدْراكِ الَّذِي كُنْتُ طالِبًا (p-٦٦)أيْ: طالِبَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب