الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا﴾ . أمَرَ اللَّهُ - جَلَّ وعَلا - نَبِيَّهُ ﷺ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنْ يَقُولَ لِلْكُفّارِ الَّذِينَ يَقْتَرِحُونَ عَلَيْهِ الآياتِ عِنادًا وتَعَنُّتًا: كُلٌّ مِنّا ومِنكم مُتَرَبِّصٌ، أيْ: مُنْتَظِرٌ ما يَحِلُّ بِالآخَرِ مِنَ الدَّوائِرِ، كالمَوْتِ، والغَلَبَةِ. وقَدْ أوْضَحَ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ أنَّ ما يَنْتَظِرُهُ النَّبِيُّ ﷺ وأصْحابُهُ والمُسْلِمُونَ كُلُّهُ خَيْرٌ، بِعَكْسِ ما يَنْتَظِرُهُ ويَتَرَبَّصُ الكُفّارُ. كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إلّا إحْدى الحُسْنَيَيْنِ ونَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكم أنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِن عِنْدِهِ أوْ بِأيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إنّا مَعَكم مُتَرَبِّصُونَ﴾ [التوبة: ٥٢]، وقَوْلِهِ: ﴿وَمِنَ الأعْرابِ مَن يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَمًا ويَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ﴾ الآيَةَ [التوبة: ٩٨] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. والتَّرَبُّصُ: الِانْتِظارُ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَسَتَعْلَمُونَ مَن أصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ ومَنِ اهْتَدى﴾ . ذَكَرَ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ الكُفّارَ سَيَعْلَمُونَ في ثانِي حالٍ مَن أصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ ومَنِ اهْتَدى. أيْ: وُفِّقَ لِطَرِيقِ الصَّوابِ، والدَّيْمُومَةِ عَلى ذَلِكَ. وأمَرَ نَبِيَّهُ أنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِلْكُفّارِ. والمَعْنى: سَيَتَّضِحُ لَكم أنّا مُهْتَدُونَ، وأنّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، وأنَّكم عَلى ضَلالٍ وباطِلٍ. وهَذا يَظْهَرُ لَهم يَوْمَ القِيامَةِ إذا عايَنُوا الحَقِيقَةَ، ويَظْهَرُ لَهم في الدُّنْيا لِما يَرَوْنَهُ مَن نَصْرِ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ ﷺ . (p-١٣٢)وَهَذا المَعْنى الَّذِي ذَكَرَهُ هُنا بَيَّنَهُ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ. • كَقَوْلِهِ: ﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العَذابَ مَن أضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٤٢]، • وقَوْلِهِ: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الكَذّابُ الأشِرُ﴾ [القمر: ٢٦] • وقَوْلِهِ: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص: ٨٨] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. والصِّراطُ في لُغَةِ العَرَبِ: الطَّرِيقُ الواضِحُ. والسَّوِيُّ: المُسْتَقِيمُ، وهو الَّذِي لا اعْوِجاجَ فِيهِ. ومِنهُ قَوْلُ جَرِيرٍ: أمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلى صِراطٍ إذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ و ”مَن“ في قَوْلِهِ مَن أصْحابُ قالَ بَعْضُ العُلَماءِ: هي مَوْصُولَةٌ مَفْعُولٌ بِهِ لِـ ”تَعْلَمُونَ“ . وقالَ بَعْضُهم: هي اسْتِفْهامِيَّةٌ مُعَلِّقَةٌ لِفِعْلِ العِلْمِ، كَما قَدَّمْنا إيضاحَهُ في ”مَرْيَمَ“، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب