الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا يُقْبَلُ مِنها شَفاعَةٌ﴾ الآيَةَ، ظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ عَدَمُ قَبُولِ الشَّفاعَةِ مُطْلَقًا يَوْمَ القِيامَةِ، ولَكِنَّهُ بَيَّنَ في مَواضِعَ أُخَرَ أنَّ الشَّفاعَةَ المَنفِيَّةَ هي الشَّفاعَةُ لِلْكُفّارِ، والشَّفاعَةُ لِغَيْرِهِمْ بِدُونِ إذْنِ رَبِّ السَّماواتِ والأرْضِ. أمّا الشَّفاعَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِإذْنِهِ فَهي ثابِتَةٌ بِالكِتابِ والسُّنَّةِ والإجْماعِ. فَنَصَّ عَلى عَدَمِ الشَّفاعَةِ لِلْكَفّارِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إلّا لِمَنِ ارْتَضى﴾ [الأنبياء: ٢٨]، وقَدْ قالَ: ﴿وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ﴾ [الزمر: ٧]، وقالَ تَعالى عَنْهم مُقَرِّرًا لَهُ: ﴿فَما لَنا مِن شافِعِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٠] (p-٣٦)وَقالَ: ﴿فَما تَنْفَعُهم شَفاعَةُ الشّافِعِينَ﴾ [المدثر: ٤٨] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وَقالَ في الشَّفاعَةِ بِدُونِ إذْنِهِ: ﴿مَن ذا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلّا بِإذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، وقالَ: ﴿وَكَمْ مِن مَلَكٍ في السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهم شَيْئًا إلّا مِن بَعْدِ أنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشاءُ ويَرْضى﴾ [النجم: ٢٦]، وقالَ: ﴿يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إلّا مَن أذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ ورَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ [طه: ١٠٩] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وادِّعاءُ شُفَعاءَ عِنْدَ اللَّهِ لِلْكُفّارِ أوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، مِن أنْواعِ الكُفْرِ بِهِ جَلَّ وعَلا، كَما صَرَّحَ بِذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ في السَّماواتِ ولا في الأرْضِ سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا﴾ [يونس: ١٨] . * تَنْبِيهٌ هَذا الَّذِي قَرَّرْناهُ مِن أنَّ الشَّفاعَةَ لِلْكُفّارِ مُسْتَحِيلَةٌ شَرْعًا مُطْلَقًا، يُسْتَثْنى مِنهُ شَفاعَتُهُ ﷺ لِعَمِّهِ أبِي طالِبٍ في نَقْلِهِ مِن مَحَلٍّ مِنَ النّارِ إلى مَحَلٍّ آخَرَ مِنها، كَما ثَبَتَ عَنْهُ ﷺ في الصَّحِيحِ، فَهَذِهِ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرْنا مِن تَخْصِيصِ الكِتابِ بِالسُّنَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب