الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فَأمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ الآيَةَ، ظاهِرُ قَوْلِهِ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿فَبَلَغْنَ أجَلَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، انْقِضاءُ عِدَّتِهِنَّ بِالفِعْلِ، ولَكِنَّهُ بَيَّنَ في مَوْضِعٍ آخَرَ أنَّهُ لا رَجْعَةَ إلّا في زَمَنِ العِدَّةِ خاصَّةً، وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أحَقُّ بِرَدِّهِنَّ في ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٢٨]؛ لِأنَّ الإشارَةَ في قَوْلِهِ: ذَلِكَ راجِعَةٌ إلى زَمَنِ العِدَّةِ المُعَبَّرِ عَنْهُ بِثَلاثَةِ قُرُوءٍ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿والمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ﴾ الآيَةَ [البقرة: ٢٢٨] . فاتَّضَحَ مِن تِلْكَ الآيَةِ أنَّ مَعْنى ﴿فَبَلَغْنَ أجَلَهُنَّ﴾ . أيْ: قارَبْنَ انْقِضاءَ العِدَّةِ، وأشْرَفْنَ عَلى بُلُوغِ أجَلِها. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرارًا لِتَعْتَدُوا﴾ الآيَةَ. صَرَّحَ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ إمْساكِ المَرْأةِ مُضارَّةً لَها؛ لِأجْلِ الاعْتِداءِ عَلَيْها بِأخْذِهِ ما أعْطاها؛ لِأنَّها إذا طالَ عَلَيْها الإضْرارُ افْتَدَتْ مِنهُ؛ ابْتِغاءَ السَّلامَةِ مِن ضَرَرِهِ. وصَرَّحَ في مَوْضِعٍ آخَرَ بِأنَّها إذا أتَتْ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ جازَ لَهُ عَضْلُها، حَتّى تَفْتَدِيَ مِنهُ وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إلّا أنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [النساء: ١٩]، واخْتَلَفَ العُلَماءُ في المُرادِ بِالفاحِشَةِ المُبَيِّنَةِ. فَقالَ جَماعَةٌ مِنهم هي: الزِّنا، وقالَ قَوْمٌ هي: النُّشُوزُ والعِصْيانُ وبَذاءُ اللِّسانِ. والظّاهِرُ شُمُولُ الآيَةِ لِلْكُلِّ كَما اخْتارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إنَّهُ جَيِّدٌ، فَإذا زَنَتْ أوْ أساءَتْ بِلِسانِها، أوْ نَشَزَتْ جازَتْ مُضاجَرَتُها؛ لِتَفْتَدِيَ مِنهُ بِما أعْطاها عَلى ما ذَكَرْنا مِن عُمُومِ الآيَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب