الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿(ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ)﴾ الآيَةَ، ظاهِرُ عُمُومِهِ شُمُولُ الكِتابِيّاتِ، ولَكِنَّهُ بَيَّنَ في آيَةٍ أُخْرى أنَّ الكِتابِيّاتِ لَسْنَ داخِلاتٍ في هَذا التَّحْرِيمِ، وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ [المائدة: ٥] فَإنْ قِيلَ: الكِتابِيّاتُ لا يَدْخُلْنَ في اسْمِ المُشْرِكاتِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ﴾ [البينة: ٦]، • وقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ﴾ [البينة: ١]، • وقَوْلِهِ: ﴿ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ ولا المُشْرِكِينَ﴾ [البقرة: ١٠٥]، والعَطْفُ يَقْتَضِي المُغايَرَةَ، فالجَوابُ أنَّ أهْلَ الكِتابِ داخِلُونَ في اسْمِ المُشْرِكِينَ كَما صَرَّحَ بِهِ تَعالى في قَوْلِهِ: ﴿وَقالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وقالَتِ النَّصارى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهم بِأفْواهِهِمْ يُضاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أنّى يُؤْفَكُونَ﴾ ﴿اتَّخَذُوا أحْبارَهم ورُهْبانَهم أرْبابًا مِن دُونِ اللَّهِ والمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وما أُمِرُوا إلّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا واحِدًا لا إلَهَ إلّا هو سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٠، ٣١] . ⁕ ⁕ ⁕ * قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب): قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ﴾ الآيَةَ. هَذِهِ الآيَةُ تَدُلُّ بِظاهِرِها عَلى تَحْرِيمِ نِكاحِ كُلِّ كافِرَةٍ، ويَدُلُّ لِذَلِكَ أيْضًا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠]، وقَدْ جاءَتْ آيَةٌ أُخْرى تَدُلُّ عَلى جَوازِ نِكاحِ بَعْضِ الكافِراتِ وهُنَّ الحَرائِرُ والكِتابِيّاتُ وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلٌّ لَكم وطَعامُكم حِلٌّ لَهم والمُحْصَناتُ مِنَ المُؤْمِناتِ والمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ [المائدة: ٥] . والجَوابُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ الكَرِيمَةَ تُخَصِّصُ قَوْلَهُ: ﴿وَلا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ﴾ أيْ ما لَمْ يَكُنَّ كِتابِيّاتٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ وحَكى ابْنُ جَرِيرٍ الإجْماعَ عَلى هَذا. وَأمّا ما رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِن إنْكارِهِ عَلى طَلْحَةَ تَزْوِيجَ يَهُودِيَّةٍ وعَلى حُذَيْفَةَ تَزْوِيجَ (p-٢٢٦)نَصْرانِيَّةٍ، فَإنَّهُ إنَّما كَرِهَ نِكاحَ الكِتابِيّاتِ لِئَلّا يَزْهَدَ النّاسُ في المُسْلِماتِ، أوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَعانِي، قالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب