الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾، اعْلَمْ أنَّ هَذا الحَرْفَ فِيهِ قِراءَتانِ سَبْعِيَّتانِ: قَرَأهُ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ ”قَوْلُ الحَقِّ“ [مريم: ٣٤] بِضَمِّ اللّامِ، وقَرَأهُ ابْنُ عامِرٍ وعاصِمٌ ﴿قَوْلَ الحَقِّ﴾ بِالنَّصْبِ.
والإشارَةُ في قَوْلِهِ ”ذَلِكَ“ راجِعَةٌ إلى المَوْلُودِ المَذْكُورِ في الآياتِ المَذْكُورَةِ قَبْلَ هَذا، وقَوْلُهُ ”ذَلِكَ“ مُبْتَدَأٌ، ”وَعِيسى“ خَبَرُهُ، و ”ابْنُ مَرْيَمَ“ نَعْتٌ لِـ ”عِيسى“ وقِيلَ: بَدَلٌ مِنهُ، وقِيلَ: خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ.
وَقَوْلُهُ: ﴿قَوْلَ الحَقِّ﴾ عَلى قِراءَةِ النَّصْبِ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ الجُمْلَةِ، وإلى نَحْوِهِ أشارَ ابْنُ مالِكٍ بِقَوْلِهِ في الخُلاصَةِ:
؎والثّانِي كابْنِي أنْتَ حَقًّا صِرْفا
وَقِيلَ: مَنصُوبٌ عَلى المَدْحِ. وأمّا عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ بِالرَّفْعِ فَـ ”قَوْلُ الحَقِّ“ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ - أيْ: هو - أيْ: نِسْبَتُهُ إلى أُمِّهِ فَقَطْ قَوْلُ الحَقِّ، قالَهُ أبُو حَيّانَ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وارْتِفاعُهُ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، أوْ بَدَلٌ، أوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ.
قالَ مُقَيِّدُهُ عَفا اللَّهُ عَنْهُ وغَفَرَ لَهُ: اعْلَمْ أنَّ لَفْظَةَ ”الحَقِّ“ في قَوْلِهِ هُنا ”قَوْلَ الحَقِّ“ فِيها لِلْعُلَماءِ وجْهانِ:
(p-٤١٨)الأوَّلُ: أنَّ المُرادَ بِالحَقِّ ضِدُّ الباطِلِ بِمَعْنى الصِّدْقِ والثُّبُوتِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وهو الحَقُّ﴾، وعَلى هَذا القَوْلِ فَإعْرابُ قَوْلِهِ ”قَوْلَ الحَقِّ“ عَلى قِراءَةِ النَّصْبِ أنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ الجُمْلَةِ كَما تَقَدَّمَ، وعَلى قِراءَةِ الرَّفْعِ فَهو خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَما تَقَدَّمَ، ويَدُلُّ لِهَذا الوَجْهِ قَوْلُهُ تَعالى في ”آلِ عِمْرانَ“ في القِصَّةِ بِعَيْنِها: ﴿الحَقُّ مِن رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ﴾ [آل عمران: ٦٠] .
الوَجْهُ الثّانِي: أنَّ المُرادَ بِالحَقِّ في الآيَةِ اللَّهُ جَلَّ وعَلا؛ لِأنَّ مِن أسْمائِهِ ”الحَقَّ“
• كَقَوْلِهِ: ﴿وَيَعْلَمُونَ أنَّ اللَّهَ هو الحَقُّ المُبِينُ﴾ [النور: ٢٥]،
• وقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ هو الحَقُّ﴾ الآيَةَ [الحج: ٦٢]، وعَلى هَذا القَوْلِ فَإعْرابُ قَوْلِهِ تَعالى ﴿قَوْلَ الحَقِّ﴾ [مريم: ٣٤] عَلى قِراءَةِ النَّصْبِ أنَّهُ مَنصُوبٌ عَلى المَدْحِ، وعَلى قِراءَةِ الرَّفْعِ فَهو بَدَلٌ مِن ”عِيسى“ أوْ خَبَرٌ، وعَلى هَذا الوَجْهِ فَـ ”قَوْلَ الحَقِّ“، هو ”عِيسى“ كَما سَمّاهُ اللَّهُ كَلِمَةً في قَوْلِهِ: ﴿وَكَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ﴾ [النساء: ١٧١]،
• وقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنهُ اسْمُهُ المَسِيحُ﴾ الآيَةَ [آل عمران: ٤٥]، وإنَّما سُمِّيَ ”عِيسى“ كَلِمَةً لِأنَّ اللَّهَ أوْجَدَهُ بِكَلِمَتِهِ الَّتِي هي ”كُنْ“ فَكانَ، كَما قالَ: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ﴾ [آل عمران: ٥٩]،
والقَوْلُ والكَلِمَةُ عَلى هَذا الوَجْهِ مِنَ التَّفْسِيرِ بِمَعْنًى واحِدٍ.
وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ أيْ: يَشُكُّونَ، فالِامْتِراءُ افْتِعالٌ مِنَ المِرْيَةِ وهي الشَّكُّ، وهَذا الشَّكُّ الَّذِي وقَعَ لِلْكُفّارِ نَهى اللَّهُ عَنْهُ المُسْلِمِينَ عَلى لِسانِ نَبِيِّهِمْ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ﴿الحَقُّ مِن رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ﴾ [آل عمران: ٥٩ - ٦٠]، وهَذا القَوْلُ الحَقُّ الَّذِي أوْضَحَ اللَّهُ بِهِ حَقِيقَةَ الأمْرِ في شَأْنِ عِيسى عَلَيْهِ وعَلى نَبِيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ بَعْدَ نُزُولِهِ عَلى نَبِيِّنا ﷺ أمَرَهُ رَبُّهُ أنْ يَدْعُوَ مَن حاجَّهُ في شَأْنِ عِيسى إلى المُباهَلَةِ، ثُمَّ أخْبَرَهُ أنَّ ما قَصَّ عَلَيْهِ مِن خَبَرِ عِيسى هو القَصَصُ الحَقُّ، وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَمَن حاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أبْناءَنا وأبْناءَكم ونِساءَنا ونِساءَكم وأنْفُسَنا وأنْفُسَكم ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلى الكاذِبِينَ﴾ ﴿إنَّ هَذا لَهو القَصَصُ الحَقُّ﴾ الآيَةَ [آل عمران: ٦١ - ٦٢]، ولَمّا نَزَلَتْ ودَعا النَّبِيُّ ﷺ وفْدَ نَجْرانَ إلى المُباهَلَةِ خافُوا الهَلاكَ وأدَّوُا [ الجِزْيَةَ ] كَما هو مَشْهُورٌ.
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَۖ قَوۡلَ ٱلۡحَقِّ ٱلَّذِی فِیهِ یَمۡتَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق