الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ في البَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إلّا إيّاهُ فَلَمّا نَجّاكم إلى البَرِّ أعْرَضْتُمْ وكانَ الإنْسانُ كَفُورًا﴾ ﴿أفَأمِنتُمْ أنْ يَخْسِفَ بِكم جانِبَ البَرِّ أوْ يُرْسِلَ عَلَيْكم حاصِبًا ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكم وكِيلًا﴾ ﴿أمْ أمِنتُمْ أنْ يُعِيدَكم فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكم قاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكم بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكم عَلَيْنا بِهِ تَبِيعًا﴾ .
بَيَّنَ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآياتِ الكَرِيمَةِ: أنَّ الكُفّارَ إذا مَسَّهُمُ الضُّرُّ في البَحْرِ؛ أيِ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِمُ الرِّيحُ فَغَشِيَتْهم أمْواجُ البَحْرِ كَأنَّها الجِبالُ، وظَنُّوا أنَّهم لا خَلاصَ لَهم مِن ذَلِكَ - ضَلَّ عَنْهم؛ أيْ غابَ عَنْ أذْهانِهِمْ وخَواطِرِهِمْ في ذَلِكَ الوَقْتِ كُلُّ ما كانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ جَلَّ وعَلا، فَلا يَدْعُونَ في ذَلِكَ الوَقْتِ إلّا اللَّهَ جَلَّ وعَلا وحْدَهُ، لِعِلْمِهِمْ أنَّهُ لا يُنْقِذُ مِن ذَلِكَ الكَرْبِ وغَيْرِهِ مِنَ الكُرُوبِ إلّا هو وحْدَهُ جَلَّ وعَلا، (p-١٧٢)فَأخْلَصُوا العِبادَةَ والدُّعاءَ لَهُ وحْدَهُ في ذَلِكَ الحِينِ الَّذِي أحاطَ بِهِمْ فِيهِ هَوْلُ البَحْرِ، فَإذا نَجّاهُمُ اللَّهُ وفَرَّجَ عَنْهم، ووَصَلُوا البَرَّ رَجَعُوا إلى ما كانُوا عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ، كَما قالَ تَعالى: ﴿فَلَمّا نَجّاكم إلى البَرِّ أعْرَضْتُمْ وكانَ الإنْسانُ كَفُورًا﴾ [الإسراء: ٦٧] .
وَهَذا المَعْنى المَذْكُورُ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أوْضَحَهُ اللَّهُ جَلَّ وعَلا في آياتٍ كَثِيرَةٍ؛
• كَقَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكم في البَرِّ والبَحْرِ حَتّى إذا كُنْتُمْ في الفُلْكِ وجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وجاءَهُمُ المَوْجُ مِن كُلِّ مَكانٍ وظَنُّوا أنَّهم أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أنْجَيْتَنا مِن هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ ﴿فَلَمّا أنْجاهم إذا هم يَبْغُونَ في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾ [يونس: ٢٢ - ٢٣]،
• وقَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَن يُنَجِّيكم مِن ظُلُماتِ البَرِّ والبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وخُفْيَةً لَئِنْ أنْجانا مِن هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ ﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكم مِنها ومِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ٦٣ - ٦٤]،
• وقَوْلِهِ: ﴿فَإذا رَكِبُوا في الفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمّا نَجّاهم إلى البَرِّ إذا هم يُشْرِكُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٥]،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَإذا غَشِيَهم مَوْجٌ كالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمّا نَجّاهم إلى البَرِّ فَمِنهم مُقْتَصِدٌ وما يَجْحَدُ بِآياتِنا إلّا كُلُّ خَتّارٍ كَفُورٍ﴾ [لقمان: ٣٢]،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَإذا مَسَّ الإنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيبًا إلَيْهِ ثُمَّ إذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُو إلَيْهِ مِن قَبْلُ وجَعَلَ لِلَّهِ أنْدادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الزمر: ٨]،
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ كَما قَدَّمْنا إيضاحَهُ ”في سُورَةِ الأنْعامِ“ وغَيْرِها.
ثُمَّ إنَّ اللَّهَ جَلَّ وعَلا بَيَّنَ في هَذا المَوْضِعِ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ سَخافَةَ عُقُولِ الكُفّارِ، وأنَّهم إذا وصَلُوا إلى البَرِّ ونَجَوْا مِن هَوْلِ البَحْرِ رَجَعُوا إلى كُفْرِهِمْ آمِنِينَ عَذابَ اللَّهِ، مَعَ أنَّهُ قادِرٌ عَلى إهْلاكِهِمْ بَعْدَ وُصُولِهِمْ إلى البِرِّ، بِأنْ يَخْسِفَ بِهِمْ جانِبَ البَرِّ الَّذِي يَلِي البَحْرَ فَتَبْتَلِعَهُمُ الأرْضُ، أوْ يُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنَ السَّماءِ فَتُهْلِكَهم، أوْ يُعِيدَهم مَرَّةً أُخْرى في البَحْرِ فَتُغْرِقَهم أمْواجُهُ المُتَلاطِمَةُ، كَما قالَ هُنا مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ أمْنَهم وكُفْرَهم بَعْدَ وُصُولِ البَرِّ: ﴿أفَأمِنتُمْ أنْ يَخْسِفَ بِكم جانِبَ البَرِّ أوْ يُرْسِلَ عَلَيْكم حاصِبًا﴾ [الإسراء: ٦٨] وهو المَطَرُ أوِ الرِّيحُ اللَّذَيْنِ فِيهِما الحِجارَةُ ﴿أمْ أمِنتُمْ أنْ يُعِيدَكم فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكم قاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكم بِما كَفَرْتُمْ﴾ [الإسراء: ٦٩]؛ أيْ بِسَبَبِ كُفْرِكم، فالباءُ سَبَبِيَّةٌ، و ”ما“ مَصْدَرِيَّةٌ. والقاصِفُ: رِيحُ البِحارِ الشَّدِيدَةُ الَّتِي تَكْسِرُ المَراكِبَ وغَيْرَها. ومِنهُ قَوْلُ أبِي تَمامٍ:
؎إنَّ الرِّياحَ إذا ما أعْصَفَتْ قَصَفَتْ عِيدانَ نَجْدٍ ولا يَعْبَأْنَ بِالرَّتَمِ
يَعْنِي: إذا ما هَبَّتْ بِشِدَّةٍ كَسَرَتْ عِيدانَ شَجَرِ نَجْدٍ؛ رَتَمًا كانَ أوْ غَيْرَهُ.
(p-١٧٣)وَهَذا المَعْنى الَّذِي بَيَّنَهُ جَلَّ وعَلا هُنا مِن قُدْرَتِهِ عَلى إهْلاكِهِمْ في غَيْرِ البَحْرِ بِخَسْفٍ أوْ عَذابٍ مِنَ السَّماءِ - أوْضَحَهُ في مَواضِعَ أُخَرَ؛
• كَقَوْلِهِ: ﴿إنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرْضَ أوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّماءِ﴾ الآيَةَ [سبإ: ٩]،
• وقَوْلِهِ: ﴿قُلْ هو القادِرُ عَلى أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكم عَذابًا مِن فَوْقِكم أوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ٦٥]،
• وقَوْلِهِ: ﴿أأمِنتُمْ مَن في السَّماءِ أنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإذا هي تَمُورُ﴾ ﴿أمْ أمِنتُمْ مَن في السَّماءِ أنْ يُرْسِلَ عَلَيْكم حاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ [الملك: ١٦ - ١٧]،
• وقَوْلِهِ ”في قَوْمِ لُوطٍ“: ﴿إنّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِبًا إلّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهم بِسَحَرٍ﴾ [القمر: ٣٤]،
• وقَوْلِهِ: ﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِن طِينٍ﴾ [الذاريات: ٣٣]
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
والحاصِبُ في هَذِهِ الآيَةِ قَدْ قَدَّمْنا أنَّهُ قِيلَ: إنَّها السَّحابَةُ أوِ الرِّيحُ، وكِلا القَوْلَيْنِ صَحِيحٌ؛ لِأنَّ كُلَّ رِيحٍ شَدِيدَةٍ تَرْمِي بِالحَصْباءِ تُسَمّى حاصِبًا وحَصْبَةً، وكُلُّ سَحابَةٍ تَرْمِي بِالبَرَدِ تُسَمّى حاصِبًا أيْضًا؛ ومِنهُ قَوْلُ الفَرَزْدَقَ:
؎مُسْتَقْبِلِينَ شَمالَ الشّامِ يَضْرِبُنا ∗∗∗ بِحاصِبٍ كَنَدِيفِ القُطْنِ مَنثُورِ
وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
؎جَرَّتْ عَلَيْها أنْ خَوَتْ مِن أهْلِها ∗∗∗ أذْيالَها كُلُّ عُصُوفٍ حَصِبَهْ
وَقَوْلُهُ في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكم عَلَيْنا بِهِ تَبِيعًا﴾ [الإسراء: ٩٦]، ”فَعِيلٌ“ بِمَعْنى ”فاعِلٍ“ . أيْ تابِعًا يَتْبَعُنا بِالمُطالَبَةِ بِثَأْرِكم؛ كَقَوْلِهِ ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهم بِذَنْبِهِمْ فَسَوّاها﴾ ﴿وَلا يَخافُ عُقْباها﴾ [الشمس: ١٤، ١٥]، أيْ لا يَخافُ عاقِبَةَ تَبِعَةٍ تَلْحَقُهُ بِذَلِكَ. وكُلُّ مُطالِبٍ بَدِينٍ أوْ ثَأْرٍ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ تُسَمِّيهِ العَرَبُ تَبِيعًا، ومِنهُ قَوْلُ الشَّمّاخِ يَصِفُ عُقابًا:
؎تَلُوذُ ثَعالِبُ الشَّرَفَيْنِ مِنها ∗∗∗ كَما لاذَ الغَرِيمُ مِنَ التَّبِيعِ
أيْ: كَعِياذِ المَدِينِ مِن صاحِبِ الدَّيْنِ الَّذِي يُطالِبُهُ بِغُرْمِهِ مِنهُ.
وَمِنهُ قَوْلُ الآخَرِ:
؎غَدَوْا وغَدَتْ غِزْلانُهم وكَأنَّها ∗∗∗ ضَوامِنُ غُرْمٍ لَهُنَّ تَبِيعُ
أيْ خَصْمُهُنَّ مُطالَبٌ بَدِينٍ.
وَمِن هَذا القَبِيلِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاتِّباعٌ بِالمَعْرُوفِ وأداءٌ إلَيْهِ بِإحْسانٍ﴾ الآيَةَ [البقرة: ١٧٨]، وقَوْلُهُ ﷺ: «إذا أُتْبِعَ أحَدُكم عَلى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» وهَذا هو مَعْنى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ وغَيْرِهِ: ”تَبِيعًا“ أيْ نَصِيرًا، وقَوْلِ مُجاهِدٍ: نَصِيرًا ثائِرًا.
* * *
(p-١٧٤)تَنْبِيهٌ
لا يَخْفى عَلى النّاظِرِ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنَّ اللَّهَ ذَمَّ الكُفّارَ وعاتَبَهم بِأنَّهم في وقْتِ الشَّدائِدِ والأهْوالِ خاصَّةً يُخْلِصُونَ العِبادَةَ لَهُ وحْدَهُ، ولا يَصْرِفُونَ شَيْئًا مِن حَقِّهِ لِمَخْلُوقٍ، وفي وقْتِ الأمْنِ والعافِيَةِ يُشْرِكُونَ بِهِ غَيْرَهُ في حُقُوقِهِ الواجِبَةِ لَهُ وحْدَهُ، الَّتِي هي عِبادَتُهُ وحْدَهُ في جَمِيعِ أنْواعِ العِبادَةِ، ويُعْلَمُ مِن ذَلِكَ أنَّ بَعْضَ جَهَلَةِ المُتَسَمِّينَ بِاسْمِ الإسْلامِ أسْوَأُ حالًا مِن عَبَدَةِ الأوْثانِ، فَإنَّهم إذا دَهَمَتْهُمُ الشَّدائِدُ، وغَشِيَتْهُمُ الأهْوالُ والكُرُوبُ التَجَئُوا إلى غَيْرِ اللَّهِ مِمَّنْ يَعْتَقِدُونَ فِيهِ الصَّلاحَ، في الوَقْتِ الَّذِي يُخْلِصُ فِيهِ الكُفّارُ العِبادَةَ لِلَّهِ، مَعَ أنَّ اللَّهَ جَلَّ وعَلا أوْضَحَ في غَيْرِ مَوْضِعٍ أنَّ إجابَةَ المُضْطَرِّ وإنْجاءَهُ مِنَ الكَرْبِ مِن حُقُوقِهِ الَّتِي لا يُشارِكُهُ فِيها غَيْرُهُ.
وَمِن أوْضَحِ الأدِلَّةِ في ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى ”في سُورَةِ النَّمْلِ“: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ﴾ أمْ ما ﴿أمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وأنْزَلَ لَكم مِنَ السَّماءِ ماءً فَأنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكم أنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أإلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هم قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾ ﴿أمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرارًا وجَعَلَ خِلالَها أنْهارًا وجَعَلَ لَها رَواسِيَ وجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حاجِزًا أإلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أكْثَرُهم لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿أمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ﴾ الآياتِ [الصافات: ٢٧] ٥٩ - ٦٢، فَتَراهُ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآياتِ الكَرِيماتِ جَعَلَ إجابَةَ المُضْطَرِّ إذا دَعا وكَشْفَ السُّوءِ عَنْهُ مِن حَقِّهِ الخالِصِ الَّذِي لا يُشارِكُهُ فِيهِ أحَدٌ؛ كَخَلْقِهِ السَّمَواتِ والأرْضَ، وإنْزالِهِ الماءَ مِنَ السَّماءِ، وإنْباتِهِ بِهِ الشَّجَرَ، وجَعْلِهِ الأرْضَ قَرارًا، وجَعْلِهِ خِلالَها أنْهارًا، وجَعْلِهِ لَها رَواسِيَ، وجَعْلِهِ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حاجِزًا، إلى آخَرِ ما ذَكَرَ في هَذِهِ الآياتِ مِن غَرائِبِ صُنْعِهِ وعَجائِبِهِ الَّتِي لا يُشارِكُهُ فِيها أحَدٌ؛ سُبْحانَهُ وتَعالى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَهَذا الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآياتِ الكَرِيماتِ: كانَ سَبَبَ إسْلامِ عِكْرِمَةَ بْنِ أبِي جَهْلٍ؛ فَإنَّهُ لِما فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ ذَهَبَ فارًّا مِنهُ إلى بِلادِ الحَبَشَةِ، فَرَكِبَ في البَحْرِ مُتَوَجِّهًا إلى الحَبَشَةِ، فَجاءَتْهم رِيحٌ عاصِفٌ فَقالَ القَوْمُ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: إنَّهُ لا يُغْنِي عَنْكم إلّا أنْ تَدْعُوا اللَّهَ وحْدَهُ، فَقالَ عِكْرِمَةُ في نَفْسِهِ: واللَّهِ إنْ كانَ لا يَنْفَعُ في البَحْرِ غَيْرُهُ فَإنَّهُ لا يَنْفَعُ في البَرِّ غَيْرُهُ، اللَّهُمَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، لَئِنْ أخْرَجْتَنِي مِنهُ لَأذْهَبَنَّ فَلَأضَعَنَّ يَدِيَ في يَدِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَلَأجِدَنَّهُ رَءُوفًا رَحِيمًا. فَخَرَجُوا مِنَ البَحْرِ، فَخَرَجَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأسْلَمَ وحَسُنَ إسْلامُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. اهـ.
(p-١٧٥)والظّاهِرُ أنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ: ﴿بِهِ تَبِيعًا﴾ [الإسراء: ٦٩] راجِعٌ إلى الإهْلاكِ بِالإغْراقِ المَفْهُومِ مِن قَوْلِهِ: ﴿فَيُغْرِقَكم بِما كَفَرْتُمْ﴾ [الإسراء: ٦٩]، أيْ لا تَجِدُونَ تَبِيعًا يَتْبَعُنا بِثَأْرِكم بِسَبَبِ ذَلِكَ الإغْراقِ.
وَقالَ صاحِبُ رُوحِ المَعانِي: وضَمِيرُ ”بِهِ“ قِيلَ لِلْإرْسالِ، وقِيلَ لِلْإغْراقِ، وقِيلَ لَهُما بِاعْتِبارِ ما وقَعَ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِی ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّاۤ إِیَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ كَفُورًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق