الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ مِن قَرْيَةٍ إلّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ القِيامَةِ أوْ مُعَذِّبُوها عَذابًا شَدِيدًا كانَ ذَلِكَ في الكِتابِ مَسْطُورًا﴾ .
قالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ حَذْفُ الصِّفَةِ، أيْ: وإنْ مِن قَرْيَةٍ ظالِمَةٍ إلّا نَحْنُ مُهْلِكُوها. وهَذا النَّعْتُ المَحْذُوفُ دَلَّتْ عَلَيْهِ آياتٌ مِن كِتابِ اللَّهِ تَعالى؛
• كَقَوْلِهِ: ﴿وَما كُنّا مُهْلِكِي القُرى إلّا وأهْلُها ظالِمُونَ﴾ [القصص: ٥٩]،
• وقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ وأهْلُها غافِلُونَ﴾ [الأنعام: ١٣١]، أيْ بَلْ لا بُدَّ أنْ تُنْذِرَهُمُ الرُّسُلُ فَيَكْفُرُوا بِهِمْ وبِرَبِّهِمْ،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ وأهْلُها مُصْلِحُونَ﴾ [هود: ١١٧]،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَكَأيِّنْ مِن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أمْرِ رَبِّها ورُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِسابًا شَدِيدًا وعَذَّبْناها عَذابًا نُكْرًا﴾ ﴿فَذاقَتْ وبالَ أمْرِها وكانَ عاقِبَةُ أمْرِها خُسْرًا﴾ [الطلاق: ٨، ٩]
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
وَغايَةُ ما في هَذا القَوْلِ حَذْفُ النَّعْتِ مَعَ وُجُودِ أدِلَّةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ، ونَظِيرُهُ في القُرْآنِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكانَ وراءَهم مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف: ٧٩]، أيْ كُلَّ سَفِينَةٍ صالِحَةٍ؛ بِدَلِيلِ أنَّ خَرْقَ الخَضِرِ لِلسَّفِينَةِ الَّتِي رَكِبَ فِيها هو ومُوسى يُرِيدُ بِهِ سَلامَتَها مِن أخْذِ المَلِكِ لَها؛ لِأنَّهُ لا يَأْخُذُ المَعِيبَةَ الَّتِي فِيها الخَرْقُ وإنَّما يَأْخُذُ الصَّحِيحَةَ، ومِن حَذْفِ النَّعْتِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالُوا الآنَ جِئْتَ بِالحَقِّ﴾ [البقرة: ٧١]؛ أيْ بِالحَقِّ الواضِحِ الَّذِي لا لَبْسَ مَعَهُ في صِفاتِ البَقَرَةِ المَطْلُوبَةِ، ونَظِيرُهُ مِن كَلامِ العَرَبِ قَوْلُ الشّاعِرِ، وهو المُرَقَّشُ الأكْبَرُ:
؎(p-١٦٤)وَرُبَّ أسِيلَةِ الخَدَّيْنِ بِكْرٍ مُهَفْهَفَةٍ لَها فَرْعٌ وجِيدُ
أيْ فَرْعٌ فاحِمٌ وجِيدٌ طَوِيلٌ.
وَقَوْلُ عَبِيدِ بْنِ الأبْرَصِ:
؎مَن قَوْلُهُ قَوْلٌ ومَن فِعْلُهُ ∗∗∗ فِعْلٌ ومَن نائِلُهُ نائِلُ
أيْ قَوْلُهُ قَوْلٌ فَصْلٌ، وفِعْلُهُ فِعْلٌ جَمِيلٌ، ونائِلُهُ نائِلٌ جَزِيلٌ، وإلى هَذا أشارَ في الخُلاصَةِ بِقَوْلِهِ:
؎وَما مِنَ المَنعُوتِ والنَّعْتِ عُقِلْ ∗∗∗ يَجُوزُ حَذْفُهُ وفي النَّعْتِ يَقِلْ
وَقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: الآيَةُ عامَّةٌ، فالقَرْيَةُ الصّالِحَةُ إهْلاكُها بِالمَوْتِ، والقَرْيَةُ الطّالِحَةُ إهْلاكُها بِالعَذابِ، ولا شَكَّ أنَّ كُلَّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ، والمُرادُ بِالكِتابِ: اللَّوْحُ المَحْفُوظُ، والمَسْطُورُ: المَكْتُوبُ. ومِنهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
؎مَن شاءَ بايَعْتُهُ مالِي وخُلْعَتَهُ ما ∗∗∗ تُكْمِلُ التَيْمُ في دِيوانِها سَطَرا
وَما يَرْوِيهِ مُقاتِلٌ عَنْ كِتابِ الضَّحّاكِ بْنِ مُزاحِمٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: مِن أنَّ مَكَّةَ تُخَرِّبُها الحَبَشَةُ، وتَهْلِكُ المَدِينَةُ بِالجُوعِ، والبَصْرَةُ بِالغَرَقِ، والكُوفَةُ بِالتُّرْكِ، والجِبالُ بِالصَّواعِقِ والرَّواجِفِ، وأمّا خُراسانُ فَهَلاكُها ضُرُوبٌ، ثُمَّ ذَكَرَ بَلَدًا بَلَدًا - لا يَكادُ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأنَّهُ لا أساسَ لَهُ مِنَ الصِّحَّةِ، وكَذَلِكَ ما يُرْوى عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أنَّ الجَزِيرَةَ آمِنَةٌ مِنَ الخَرابِ حَتّى تُخَرَّبَ أرْمِينِيَةُ، وأرْمِينِيَةُ آمِنَةٌ حَتّى تُخَرَّبَ مِصْرُ، ومِصْرُ آمِنَةٌ حَتّى تُخَرَّبَ الكُوفَةُ، ولا تَكُونُ المَلْحَمَةُ الكُبْرى حَتّى تُخَرَّبَ الكُوفَةُ، فَإذا كانَتِ المَلْحَمَةُ الكُبْرى فُتِحَتْ قُسْطَنْطِينَةُ عَلى يَدِ رَجُلٍ مِن بَنِي هاشِمٍ، وخَرابُ الأنْدَلُسِ مِن قِبَلِ الزِّنْجِ، وخَرابُ إفْرِيقِيَّةَ مِن قِبَلِ الأنْدَلُسِ، وخَرابُ مِصْرَ مِنَ انْقِطاعِ النِّيْلِ واخْتِلافِ الجُيُوشِ فِيها، وخَرابُ العِراقِ مِنَ الجُوعِ، وخَرابُ الكُوفَةِ مِن قِبَلِ عَدُوٍّ يَحْصُرُهم ويَمْنَعُهُمُ الشَّرابَ مِنَ الفُراتِ، وخَرابُ البَصْرَةِ مِن قَبِيلِ الغَرَقِ، وخَرابُ الأُبُلَّةِ مِن عَدُوٍّ يَحْصُرُهم بَرًّا وبَحْرًا، وخَرابُ الرَّيِّ مِنَ الدَّيْلَمِ، وخَرابُ خُراسانَ مِن قِبَلِ التِّبِتِ، وخَرابُ التِّبِتِ مِن قِبَلِ الصِّينِ، وخَرابُ الهِنْدِ واليَمَنِ مِن قِبَلِ الجَرادِ والسُّلْطانِ، وخَرابُ مَكَّةَ مِنَ الحَبَشَةِ، وخَرابُ المَدِينَةِ مِنَ الجُوعِ. اهـ.
كُلُّ ذَلِكَ لا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأنَّهُ مِن قَبِيلِ الإسْرائِيلِيّاتِ.
{"ayah":"وَإِن مِّن قَرۡیَةٍ إِلَّا نَحۡنُ مُهۡلِكُوهَا قَبۡلَ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابࣰا شَدِیدࣰاۚ كَانَ ذَ ٰلِكَ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ مَسۡطُورࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











