الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا قَرَأْتَ القُرْآنَ فاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾، أظْهَرُ القَوْلَيْنِ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنَّ الكَلامَ عَلى حَذْفِ الإرادَةِ، أيْ: فَإذا أرَدْتَ قِراءَةَ القُرْآنِ فاسْتَعِذْ بِاللَّهِ. . الآيَةَ. ولَيْسَ المُرادُ أنَّهُ إذا قَرَأ القُرْآنَ وفَرَغَ مِن قِراءَتِهِ اسْتَعاذَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ كَما يُفْهَمُ مِن ظاهِرِ الآيَةِ، وذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ. والدَّلِيلُ عَلى ما ذَكَرْنا تَكَرُّرُ حَذْفِ الإرادَةِ في القُرْآنِ وفي كَلامِ العَرَبِ لِدَلالَةِ المَقامِ عَلَيْها؛ كَقَوْلِهِ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ﴾ الآيَةَ [المائدة: ٦]، أيْ: أرَدْتُمِ القِيامَ إلَيْها كَما هو ظاهِرٌ. وقَوْلُهُ: ﴿إذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالإثْمِ﴾ الآيَةَ [المجادلة: ٩]، أيْ: إذْ أرَدْتُمْ أنْ تَتَناجَوْا فَلا تَتَناجَوْا بِالإثْمِ؛ لِأنَّ النَّهْيَ إنَّما هو عَنْ أمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ يُرادُ فِعْلُهُ، ولا يَصِحُّ النَّهْيُ عَنْ فِعْلٍ مَضى وانْقَضى كَما هو واضِحٌ. وَظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنَّ الِاسْتِعاذَةَ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ واجِبَةٌ عِنْدَ القِراءَةِ؛ لِأنَّ صِيغَةَ افْعَلْ لِلْوُجُوبِ كَما تَقَرَّرَ في الأُصُولِ. وَقالَ كَثِيرٌ مِن أهْلِ العِلْمِ: إنَّ الأمْرَ في الآيَةِ لِلنَّدْبِ والِاسْتِحْبابِ، وحَكى عَلَيْهِ الإجْماعَ أبُو جَعْفَرِ بْنِ جَرِيرٍ وغَيْرُهُ مِنَ الأئِمَّةِ، وظاهِرُ الآيَةِ أيْضًا: الأمْرُ بِالِاسْتِعاذَةِ عِنْدَ القِراءَةِ في الصَّلاةِ لِعُمُومِ الآيَةِ. والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب