الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا ورِزْقًا حَسَنًا﴾ الآيَةَ [النحل: ٩٧]، جُمْهُورُ العُلَماءِ عَلى أنَّ المُرادَ بِالسَّكَرِ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: الخَمْرُ؛ لِأنَّ (p-٤٠٤)العَرَبَ تُطْلِقُ اسْمَ السَّكَرِ عَلى ما يَحْصُلُ بِهِ السُّكْرُ، مِن إطْلاقِ المَصْدَرِ وإرادَةِ الِاسْمِ. والعَرَبُ تَقُولُ: سِكْرٌ ”- بِالكَسْرِ -“ سَكَرًا [النحل: ٦٧]، ”بِفَتْحَتَيْنِ وسُكْرًا“ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ " .
وَقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ في الكَشّافِ: والسَّكَرُ: الخَمْرُ؛ سُمِّيَتْ بِالمَصْدَرِ مِن سَكَرَ سُكْرًا وسَكَرًا، نَحْوَ رَشَدَ رُشْدًا ورَشَدًا. قالَ:
؎وَجاءُونا بِهِمْ سَكَرٌ عَلَيْنا فَأجْلى اليَوْمَ والسَّكْرانُ صاحِي
ا هـ.
وَمِن إطْلاقِ السَّكَرِ عَلى الخَمْرِ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎بِئْسَ الصُّحاةُ وبِئْسَ الشُّرْبُ شُرْبُهم ∗∗∗ إذا جَرى فِيهِمُ المُزّاءُ والسَّكَرُ
وَمِمَّنْ قالَ: بِأنَّ السَّكَرَ في الآيَةِ الخَمْرُ: ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عُمَرَ، وأبُو رُزَيْنٍ، والحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، وابْنُ أبِي لَيْلى، والكَلْبِيُّ، وابْنُ جُبَيْرٍ، وأبُو ثَوْرٍ، وغَيْرُهم. وقِيلَ: السَّكَرُ: الخَلُّ. وقِيلَ: الطَّعْمُ، وقِيلَ: العَصِيرُ الحُلْوُ.
وَإذا عَرَفْتَ أنَّ الصَّحِيحَ هو مَذْهَبُ الجُمْهُورِ، وأنَّ اللَّهَ امْتَنَّ عَلى هَذِهِ الأُمَّةِ بِالخَمْرِ قَبْلَ تَحْرِيمِها فاعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَكِّيَّةٌ، نَزَلَتْ بَعْدَها آياتٌ مَدَنِيَّةٌ بَيَّنَتْ تَحْرِيمَ الخَمْرِ، وهي ثَلاثُ آياتٍ نَزَلَتْ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ الدّالَّةِ عَلى إباحَةِ الخَمْرِ.
الأُولى: آيَةُ البَقَرَةِ الَّتِي ذُكِرَ فِيها بَعْضُ مَعائِبِها ومَفاسِدِها، ولَمْ يُجْزَمْ فِيها بِالتَّحْرِيمِ، وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ وإثْمُهُما أكْبَرُ مِن نَفْعِهِما﴾ [البقرة: ٢١٩]، وبَعْدَ نُزُولِها تَرَكَها قَوْمٌ لِلْإثْمِ الَّذِي فِيها، وشَرِبَها آخَرُونَ لِلْمَنافِعِ الَّتِي فِيها.
الثّانِيَةُ: آيَةُ النِّساءِ الدّالَّةُ عَلى تَحْرِيمِها في أوْقاتِ الصَّلَواتِ، دُونَ الأوْقاتِ الَّتِي يَصْحُو فِيها الشّارِبُ قَبْلَ وقْتِ الصَّلاةِ، كَما بَيْنَ صَلاةِ العِشاءِ وصَلاةِ الصُّبْحِ، وما بَيْنَ صَلاةِ الصُّبْحِ وصَلاةِ الظُّهْرِ، وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ الآيَةَ [النساء: ٤٣] .
الثّالِثَةُ: آيَةُ المائِدَةِ الدّالَّةُ عَلى تَحْرِيمِها تَحْرِيمًا باتًّا، وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأنْصابُ والأزْلامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾، إلى قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩٠ - ٩١] .
(p-٤٠٥)وَهَذِهِ الآيَةَ الكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلى تَحْرِيمِ الخَمْرِ أتَمَّ دَلالَةٍ وأوْضَحَها؛ لِأنَّهُ تَعالى صَرَّحَ بِأنَّها رِجْسٌ، وأنَّها مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ، وأمَرَ بِاجْتِنابِها أمْرًا جازِمًا في قَوْلِهِ: ﴿فاجْتَنِبُوهُ﴾، واجْتِنابُ الشَّيْءِ: هو التَّباعُدُ عَنْهُ، بِأنْ تَكُونَ في غَيْرِ الجانِبِ الَّذِي هو فِيهِ. وعَلَّقَ رَجاءَ الفَلاحِ عَلى اجْتِنابِها في قَوْلِهِ: لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ، ويُفْهَمُ مِنهُ أنَّهُ مَن لَمْ يَجْتَنِبْها لَمْ يُفْلِحْ، وهو كَذَلِكَ.
ثُمَّ بَيَّنَ بَعْضَ مَفاسِدِها بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَداوَةَ والبَغْضاءَ في الخَمْرِ والمَيْسِرِ ويَصُدَّكم عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وعَنِ الصَّلاةِ﴾ [الحجر: ٩١]، ثُمَّ أكَّدَ النَّهْيَ عَنْها بِأنْ أوْرَدَهُ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهامِ في قَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١]، فَهو أبْلَغُ في الزَّجْزِ مِن صِيغَةِ الأمْرِ الَّتِي هي ”انْتَهَوْا“، وقَدْ تَقَرَّرَ في فَنِّ المَعانِي: أنَّ مِن مَعانِي صِيغَةِ الِاسْتِفْهامِ، الَّتِي تَرِدُ لَها، الأمْرَ؛ كَقَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾، وقَوْلِهِ: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ والأُمِّيِّينَ أأسْلَمْتُمْ﴾ الآيَةَ [آل عمران: ٢٠]، أيْ: أسْلِمُوا. والجارُّ والمَجْرُورُ في قَوْلِهِ: ﴿وَمِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ﴾ الآيَةَ [النحل: ٦٧]، يَتَعَلَّقُ بـِ ﴿تَتَّخِذُونَ﴾، وكَرَّرَ لَفْظَ ”مِن“ لِلتَّأْكِيدِ، وأفْرَدَ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ ”مِنهُ“ مُراعاةً لِلْمَذْكُورِ؛ أيْ: تَتَّخِذُونَ مِنهُ، أيْ: مِمّا ذُكِرَ مِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ. ونَظِيرُهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
؎فِيها خُطُوطٌ مِن سَوادٍ وبَلَقْ ∗∗∗ كَأنَّهُ في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ
فَقَوْلُهُ: ”كَأنَّهُ“، أيْ: ما ذَكَرَ مِن خُطُوطِ السَّوادِ والبَلْقِ. وقِيلَ: الضَّمِيرُ راجِعٌ إلى مَحْذُوفٍ دَلَّ المَقامُ عَلَيْهِ، أيْ: ومِن عَصِيرِ ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنهُ، أيْ: عَصِيرِ الثَّمَراتِ المَذْكُورَةِ، وقِيلَ: قَوْلُهُ: ﴿وَمِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ﴾، مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿مِمّا في بُطُونِهِ﴾ [النحل: ٦٦]، أيْ: نُسْقِيكم مِمّا في بُطُونِهِ ومِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ. وقِيلَ: يَتَعَلَّقُ بـِ: ﴿نُسْقِيكُمْ﴾، [النحل: ٦٦] مَحْذُوفَةٌ دَلَّتْ عَلَيْها الأُولى؛ فَيَكُونُ مِن عَطْفِ الجُمَلِ. وعَلى الأوَّلِ يَكُونُ مِن عَطْفِ المُفْرَداتِ إذا اشْتَرَكا في العامِلِ. وقِيلَ: مَعْطُوفٌ عَلى ”الأنْعامِ“ [النحل: ٦٦]، وهو أضْعَفُها عِنْدِي.
وَقالَ الطَّبَرِيُّ: التَّقْدِيرُ: ومِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ ما تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا؛ فَحَذَفَ ”ما“ .
قالَ أبُو حَيّانَ البَحْرُ: وهو لا يَجُوزُ عَلى مَذْهَبِ البَصْرِيِّينَ. وقِيلَ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ صِفَةَ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: ومِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ ثَمَرٌ تَتَّخِذُونَ مِنهُ (p-٤٠٦)وَنَظِيرُ هَذا مِن كَلامِ العَرَبِ قَوْلُ الرّاجِزِ:
؎ما لَكَ عِنْدِي غَيْرَ سَوْطٍ وحَجَرْ
؎وَغَيْرَ كَبْداءَ شَدِيدَةِ الوَتَرْ ∗∗∗ جادَتْ بِكَفَّيْ كانَ مِن أرَمى البَشَرْ
أيْ: بِكَفَّيْ رَجُلٍ كانَ ”إلَخْ“، ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وأبُو حَيّانَ.
قالَ مُقَيِّدُهُ - عَفا اللَّهُ عَنْهُ -: أظْهَرُ هَذِهِ الأقْوالِ عِنْدِي: أنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَمِن ثَمَراتِ﴾، يَتَعَلَّقُ بـِ: ﴿تَتَّخِذُونَ﴾، أيْ: تَتَّخِذُونَ مِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ، وأنَّ ”مِن“، الثّانِيَةَ: تَوْكِيدٌ لِلْأُولى. والضَّمِيرَ في قَوْلِهِ: مِنهُ، عائِدٌ إلى جِنْسِ الثَّمَرِ المَفْهُومِ مِن ذِكْرِ الثَّمَراتِ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
* * *
تَنْبِيهٌ.
اعْلَمْ: أنَّ التَّحْقِيقَ عَلى مَذْهَبِ الجُمْهُورِ: أنَّ هَذِهِ الآيَةَ الكَرِيمَةَ الَّتِي هي قَوْلُهُ - جَلَّ وعَلا -: ﴿وَمِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ﴾ [النحل: ٦٧] مَنسُوخَةٌ بِآيَةِ ”المائِدَةِ“ المَذْكُورَةِ. فَما جَزَمَ بِهِ صاحِبُ مَراقِي السُّعُودِ فِيهِ وفي شَرْحِهِ (نَشْرِ البُنُودِ) مِن أنَّ تَحْرِيمَ الخَمْرِ لَيْسَ نَسْخًا لِإباحَتِها الأُولى؛ بِناءً عَلى أنَّ إباحَتَها الأُولى إباحَةٌ عَقْلِيَّةٌ، والإباحَةُ العَقْلِيَّةُ هي البَراءَةُ الأصْلِيَّةُ، وهي بِعَيْنِها اسْتِصْحابُ العَدَمِ الأصْلِيِّ، وهي لَيْسَتْ مِنَ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَرَفَعُها لَيْسَ بِنَسْخٍ. وقَدْ بَيَّنَ في المَراقِي: أنَّها لَيْسَتْ مِنَ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ بِقَوْلِهِ:
؎وَما مِنَ البَراءَةِ الأصْلِيَّةِ قَدْ أُخِذَتْ فَلَيْسَتِ الشَّرْعِيَّةَ
وَقالَ أيْضًا في إباحَةِ الخَمْرِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ:
؎أباحَها في أوَّلِ الإسْلامِ ∗∗∗ بَراءَةٌ لَيْسَتْ مِنَ الأحْكامِ
كُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ بِظاهِرٍ، بَلْ غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأنَّ إباحَةَ الخَمْرِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ دَلَّتْ عَلَيْها هَذِهِ الآيَةَ الكَرِيمَةُ، الَّتِي هي قَوْلُهُ: ﴿وَمِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا﴾ الآيَةَ [النحل: ٦٧]، وما دَلَّتْ عَلى إباحَتِهِ آيَةٌ مِن كِتابِ اللَّهِ لا يَصِحُّ أنْ يُقالَ: إنَّ إباحَتَهُ عَقْلِيَّةٌ، بَلْ هي إباحَةٌ شَرْعِيَّةٌ مَنصُوصَةٌ في كِتابِ اللَّهِ، فَرَفْعُها نَسْخٌ. نَعَمْ ! عَلى القَوْلِ بِأنَّ مَعْنى السَّكَّرِ في الآيَةِ: الخَلُّ أوِ الطَّعْمُ أوِ العَصِيرُ؛ فَتَحْرِيمُ الخَمْرِ لَيْسَ نَسْخًا لِإباحَتِها، وإباحَتُها الأُولى: عَقْلِيَّةٌ. وقَدْ بَيَّنّا هَذا المَبْحَثَ في كِتابِنا (دَفْعِ إيهامِ الِاضْطِرابِ عَنْ آياتِ (p-٤٠٧)الكِتابِ) .
فَإنْ قِيلَ: الآيَةَ وارِدَةٌ بِصِيغَةِ الخَبَرِ، والأخْبارُ لا يَدْخُلُها النَّسْخُ كَما تَقَرَّرَ في الأُصُولِ:
فالجَوابُ: أنَّ النَّسْخَ وارِدٌ عَلى ما يُفْهَمُ مِنَ الآيَةِ مِن إباحَةِ الخَمْرِ. الإباحَةُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ كَسائِرِ الأحْكامِ قابِلٌ لِلنَّسْخِ؛ فَلَيْسَ النَّسْخُ وارِدًا عَلى نَفْسِ الخَبَرِ، بَلْ عَلى الإباحَةِ المَفْهُومَةِ مِنَ الخَبَرِ؛ كَما حَقَّقَهُ ابْنُ العَرَبِيِّ المالِكِيُّ وغَيْرُهُ.
وَقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿وَرِزْقًا حَسَنًا﴾ [النحل: ٦٧]، أيِ: التَّمْرَ، والرُّطَبَ، والعِنَبَ، والزَّبِيبَ، والعَصِيرَ، ونَحْوَ ذَلِكَ.
* * *
تَنْبِيهٌ آخَرُ.
اعْلَمْ: أنَّ النَّبِيذَ الَّذِي يُسْكِرُ مِنهُ الكَثِيرُ لا يَجُوزُ أنْ يُشْرَبَ مِنهُ القَلِيلُ الَّذِي لا يُسْكِرُ لِقِلَّتِهِ. وهَذا مِمّا لا شَكَّ فِيهِ.
فَمَن زَعَمَ جَوازَ شُرْبِ القَلِيلِ الَّذِي لا يُسْكِرُ مِنهُ كالحَنَفِيَّةِ وغَيْرِهِمْ، فَقَطْ غَلِطَ غَلَطًا فاحِشًا؛ لِأنَّ ما يُسْكِرُ كَثِيرُهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ بِدَلالَةِ المُطابَقَةِ أنَّهُ مُسْكِرٌ، والنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: ”كُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ“، وقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ في الصَّحِيحِ ﷺ أنَّهُ قالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ خَمْرٍ حَرامٌ»، ولَوْ حاوَلَ الخَصْمُ أنْ يُنازِعَ في مَعْنى هَذِهِ الأحادِيثِ، فَزَعَمَ أنَّ القَلِيلَ الَّذِي لا يُسْكِرُ يَرْتَفِعُ عَنْهُ اسْمُ الإسْكارِ فَلا يَلْزَمُ تَحْرِيمُهُ، قُلْنا: صَرَّحَ ﷺ بِأنَّ «ما أسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرامٌ»، وهَذا نَصٌّ صَرِيحٌ في مَحَلِّ النِّزاعِ لا يُمْكِنُ مَعَهُ كَلامٌ. وعَنْ عائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ، وما أسْكَرَ الفَرَقُ مِنهُ فَمِلْءُ الكَفِّ مِنهُ حَرامٌ»، رَواهُ الإمامُ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، وقالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «ما أسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرامٌ»، رَواهُ أحْمَدُ وابْنُ ماجَهْ، والدّارَقُطْنِيُّ وصَحَّحَهُ. ولِأبِي داوُدَ وابْنِ ماجَهْ، والتِّرْمِذِيِّ مِثْلُهُ سَواءٌ مِن حَدِيثِ جابِرٍ. وكَذا لِأحْمَدَ والنَّسائِيِّ وابْنِ ماجَهْ مِن حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ. وكَذَلِكَ الدّارَقُطْنِيُّ مِن حَدِيثِ الإمامِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - . وعَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ ”نَهى عَنْ قَلِيلِ ما أسْكَرَ كَثِيرُهُ»“، رَواهُ النَّسائِيُّ والدّارَقُطْنِيُّ. وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أتاهُ قَوْمٌ فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّا نَنْبِذُ النَّبِيذَ فَنَشْرَبُهُ عَلى غَدائِنا وعَشائِنا ؟ فَقالَ: ”اشْرَبُوا فَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ“ . فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّا نَكْسِرُهُ بِالماءِ ؟ (p-٤٠٨)فَقالَ: ”حَرامٌ قَلِيلُ ما أسْكَرَ كَثِيرُهُ»“، رَواهُ الدّارَقُطْنِيُّ. اه. بِواسِطَةِ نَقْلِ المُجِدِّ في (مُنْتَقى الأخْبارِ) .
فَهَذِهِ الأحادِيثُ لا لَبْسَ مَعَها في تَحْرِيمِ قَلِيلِ ما أسْكَرَ كَثِيرُهُ. وقالَ ابْنُ حَجَرٍ (في فَتْحِ البارِي) في شَرْحِ قَوْلِهِ ﷺ عِنْدَ البُخارِيِّ: «كُلُّ شَرابٍ أسْكَرَ فَهو حَرامٌ»، ما نَصُّهُ: فَعِنْدَ أبِي داوُدَ والنَّسائِيِّ وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبّانَ مِن حَدِيثِ جابِرٍ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ما أسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرامٌ»، ولِلنَّسائِيِّ مِن حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مِثْلُهُ، وسَنَدُهُ إلى عَمْرٍو صَحِيحٌ. ولِأبِي داوُدَ مِن حَدِيثِ عائِشَةَ مَرْفُوعًا: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ، وما أسْكَرَ مِنهُ الفَرَقُ فَمِلْءُ الكَفِّ مِنهُ حَرامٌ»، ولِابْنِ حِبّانَ والطَّحاوِيِّ مِن حَدِيثِ عامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «أنْهاكم عَنْ قَلِيلِ ما أسْكَرَ كَثِيرُهُ»، وقَدِ اعْتَرَفَ الطَّحاوِيُّ بِصِحَّةِ هَذِهِ الأحادِيثِ - إلى أنْ قالَ: وجاءَ أيْضًا عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الدّارَقُطْنِيِّ، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ إسْحاقَ والطَّبَرانِيِّ، وعَنْ خَوّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عِنْدَ الدّارَقُطْنِيِّ والحاكِمِ والطَّبَرانِيِّ، وعَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ عِنْدَ الدّارَقُطْنِيِّ. وفي أسانِيدِها مَقالٌ؛ لَكِنَّها تَزِيدُ الأحادِيثَ الَّتِي قَبْلَها قُوَّةً وشُهْرَةً.
قالَ أبُو المُظَفَّرِ بْنُ السَّمْعانِيِّ (وكانَ حَنَفِيًّا فَتَحَوَّلَ شافِعِيًّا): ثَبَتَتِ الأخْبارُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ في تَحْرِيمِ المُسْكِرِ.
ثُمَّ ساقَ كَثِيرًا مِنها، ثُمَّ قالَ: والأخْبارُ في ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، ولا مَساغَ لِأحَدٍ في العُدُولِ عَنْها والقَوْلِ بِخِلافِهِ؛ فَإنَّها حُجَجٌ قَواطِعُ. قالَ: وقَدْ زَلَّ الكُوفِيُّونَ في هَذا البابِ، ورَوَوْا فِيهِ أخْبارًا مَعْلُولَةً، لا تُعارِضُ هَذِهِ الأخْبارَ بِحالٍ. ومَن ظَنَّ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ شَرِبَ مُسْكِرًا فَقَدْ دَخَلَ في أمْرٍ عَظِيمٍ، وباءَ بِإثْمٍ كَبِيرٍ. وإنَّما الَّذِي شَرِبَهُ كانَ حُلْوًا ولَمْ يَكُنْ مُسْكِرًا. وقَدْ «رَوى ثُمامَةُ بْنُ حَزْنٍ القُشَيْرِيُّ: أنَّهُ سَألَ عائِشَةَ عَنِ النَّبِيذِ ؟ فَدَعَتْ جارِيَةً حَبَشِيَّةً فَقالَتْ: سَلْ هَذِهِ، فَإنَّها كانَتْ تَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالَتِ الحَبَشِيَّةُ: كُنْتُ أنْبِذُ لَهُ في سِقاءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وأُوكِثُهُ وأُعَلِّقُهُ فَإذا أصْبَحَ شَرِبَ مِنهُ» . أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوى الحَسَنُ البَصْرِيُّ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عائِشَةَ نَحْوَهُ. ثُمَّ قالَ: فَقِياسُ النَّبِيذِ عَلى الخَمْرِ بِعِلَّةِ الإسْكارِ والِاضْطِرابِ مِن أجَلِّ الأقْيِسَةِ وأوْضَحِها، والمَفاسِدُ الَّتِي تُوجَدُ في الخَمْرِ تُوجَدُ في النَّبِيذِ، إلى أنْ قالَ: وعَلى الجُمْلَةِ، فالنُّصُوصُ المُصَرِّحَةُ بِتَحْرِيمِ كُلِّ مُسْكِرٍ - قَلَّ أوْ كَثُرَ - مُغْنِيَةٌ عَنِ القِياسِ. واللَّهُ أعْلَمُ.
وَقَدْ قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبارَكِ: لا يَصِحُّ في حِلِّ النَّبِيذِ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ عَنِ الصَّحابَةِ (p-٤٠٩)شَيْءٌ ولا عَنِ التّابِعِينَ؛ إلّا عَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ. انْتَهى مَحَلُّ الغَرَضِ مِن (فَتْحِ البارِي) بِحَذْفِ ما لا حاجَةَ إلَيْهِ.
قالَ مُقَيِّدُهُ - عَفا اللَّهُ عَنْهُ -: تَحْرِيمُ قَلِيلِ النَّبِيذِ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ لا شَكَّ فِيهِ؛ لِما رَأيْتُ مِن تَصْرِيحِ النَّبِيِّ ﷺ بِأنَّ: «ما أسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرامٌ» .
واعْلَمْ: أنَّ قِياسَ النَّبِيذِ المُسْكِرِ كَثِيرُهُ عَلى الخَمْرِ بِجامِعِ الإسْكارِ لا يَصِحُّ؛ لِأنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَرَّحَ بِأنَّ «كُلَّ مُسْكِرٍ حَرامٌ»، والقِياسُ يُشْتَرَطُ فِيهِ ألّا يَكُونَ حُكْمُ الفَرْعِ مَنصُوصًا عَلَيْهِ كَحُكْمِ الأصْلِ. كَما أشارَ لَهُ في مَراقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ:
؎وَحَيْثُما يَنْدَرِجُ الحُكْمانِ في النَّصِّ فالأمْرانِ قُلْ سِيّانِ
وَقالَ ابْنُ المُنْذِرِ: وجاءَ أهْلُ الكُوفَةِ بِأخْبارٍ مَعْلُولَةٍ، وإذا اخْتَلَفَ النّاسُ في الشَّيْءِ وجَبَ رَدُّ ذَلِكَ إلى كِتابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ . اه.
⁕ ⁕ ⁕
* قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب):
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا ورِزْقًا حَسَنًا﴾ .
هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ يُفْهَمُ مِنها أنَّ السَّكَرَ المُتَّخَذَ مِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ لا بَأْسَ بِهِ، لِأنَّ اللَّهَ امْتَنَّ بِهِ عَلى عِبادِهِ في سُورَةِ الِامْتِنانِ الَّتِي هي سُورَةُ ”النَّحْلِ“ .
وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعالى الخَمْرَ بِقَوْلِهِ: ﴿رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾ الآيَةَ [المائدة: ٩٠]، لِأنَّهُ وصَّفَها بِأنَّها رِجْسٌ، وأنَّها مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ وأمَرَ (p-٣١٩)بِاجْتِنابِها ورَتَّبَ عَلَيْهِ رَجاءَ الفَلاحِ، ويُفْهَمُ مِنهُ أنَّ مَن لَمْ يَجْتَنِبْها لَمْ يُفْلِحْ، وهو كَذَلِكَ، وقَدْ بَيَّنَ ﷺ أنَّ كُلَّ ما خامَرَ العَقْلَ فَهو خَمْرٌ، وأنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرامٌ، وأنَّ ما أسْكَرُ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرامٌ.
والجَوابُ ظاهِرٌ، وهو أنَّ آيَةَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ ناسِخَةٌ لِقَوْلِهِ: ﴿تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا﴾ الآيَةَ، ونَسْخُها لَهُ هو التَّحْقِيقُ خِلافًا لِما يَزْعُمُهُ كَثِيرٌ مِنَ الأُصُولِيِّينَ أنَّ تَحْرِيمَ الخَمْرِ لَيْسَ نَسْخًا لِإباحَتِها الأُولى، لِأنَّ إباحَتَها الأوْلى إباحَةٌ عَقْلِيَّةٌ وهي المَعْرُوفَةُ عِنْدَ الأُصُولِيِّينَ بِالبَراءَةِ الأُصُولِيَّةِ، وتُسَمّى اسْتِصْحابَ العَدَمِ الأصْلِيِّ.
والإباحَةُ العَقْلِيَّةُ لَيْسَتْ مِنَ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ حَتّى يَكُونَ رَفْعُها نَسْخًا، ولَوْ كانَ رَفْعُها نَسْخًا لَكانَ كُلُّ تَكْلِيفٍ في الشَّرْعِ ناسِخًا لِلْبَراءَةِ الأصْلِيَّةِ مِنَ التَّكْلِيفِ بِهِ وإلى كَوْنِ الإباحَةِ العَقْلِيَّةِ لَيْسَتْ مِنَ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ، أشارَ في مَراقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ:
؎وَما مِنَ الإباحَةِ العَقْلِيَّةِ قَدْ أُخِذَتْ فَلَيْسَتِ الشَّرْعِيَّةَ
كَما أشارَ إلى أنَّ تَحْرِيمَ الخَمْرِ لَيْسَ نَسْخًا لِإباحَتِها، لِأنَّها إباحَةٌ عَقْلِيَّةٌ، ولَيْسَتْ مِنَ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ حَتّى يَكُونَ رَفْعُها نَسْخًا بِقَوْلِهِ:
؎أباحَها في أوَّلِ الإسْلامِ ∗∗∗ بَراءَةً لَيْسَتْ مِنَ الأحْكامِ
وَإنَّما قُلْنا: إنَّ التَّحْقِيقَ هو كَوْنُ تَحْرِيمِ الخَمْرِ ناسِخًا لِإباحَتِها، لِأنَّ قَوْلَهُ ﴿تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا﴾ يَدُلُّ عَلى إباحَةِ الخَمْرِ شَرْعًا، فَرَفْعُ هَذِهِ الإباحَةِ المَدْلُولِ عَلَيْها بِالقُرْآنِ رَفْعُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَهو نَسْخٌ بِلا شَكٍّ ولا يُمْكِنُ أنْ تَكُونَ إباحَتُها عَقْلِيَّةً إلّا قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ كَما هو ظاهِرٌ.
وَمَعْلُومٌ عِنْدَ العُلَماءِ أنَّ الخَمْرَ نَزَلَتْ في شَأْنِها أرْبَعُ آياتٍ مِن كِتابِ اللَّهِ:
الأُولى: هَذِهِ الآيَةُ الدّالَّةُ عَلى إباحَتِها.
الثّانِيَةُ: الآيَةُ الَّتِي ذُكِرَ فِيها بَعْضُ مَعائِبِها، وأنَّ فِيها مَنافِعَ وصَرَّحَتْ بِأنَّ إثْمَها أكْبَرُ مِن نَفْعِها، وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ وإثْمُهُما أكْبَرُ مِن نَفْعِهِما﴾ [البقرة: ٢١٩]، فَشَرِبَها بَعْدَ نُزُولِها قَوْمٌ لِلْمَنافِعِ المَذْكُورَةِ وتَرَكَها آخَرُونَ لِلْإثْمِ الَّذِي هو أكْبَرُ مِنَ المَنافِعِ.
(p-٣٢٠)الثّالِثَةُ: الآيَةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلى تَحْرِيمِها في أوْقاتِ الصَّلاةِ دُونَ غَيْرِها، وهي قَوْلُهُ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ﴾ الآيَةَ [النساء: ٤٣] .
الرّابِعَةُ: الآيَةُ الَّتِي حَرَّمَتْها تَحْرِيمًا باتًّا مُطْلَقًا وهي قَوْلُهُ تَعالى ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ - إلى قَوْلِهِ - ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩٠ - ٩١]، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
وَأمّا عَلى قَوْلِ مَن زَعَمَ أنَّ السَّكَرَ الطَّعْمُ، كَما اخْتارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وأبُو عُبَيْدَةَ أوْ أنَّهُ الخَلُّ، فَلا إشْكالَ في الآيَةِ.
{"ayah":"وَمِن ثَمَرَ ٰتِ ٱلنَّخِیلِ وَٱلۡأَعۡنَـٰبِ تَتَّخِذُونَ مِنۡهُ سَكَرࣰا وَرِزۡقًا حَسَنًاۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق