الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هم مُحْسِنُونَ﴾، ذَكَرَ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنَّهُ مَعَ عِبادِهِ المُتَّقِينَ المُحْسِنِينَ، وقَدْ تَقَدَّمَ إيضاحُ مَعْنى التَّقْوى و الإحْسانِ. وَهَذِهِ المَعِيَّةُ بِعِبادِهِ المُؤْمِنِينَ، وهي بِالإعانَةِ والنَّصْرِ والتَّوْفِيقِ. وكَرَّرَ هَذا المَعْنى في مَواضِعَ أُخَرَ؛ • كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّنِي مَعَكُما أسْمَعُ وأرى﴾ [طه: ٤٦]، • وقَوْلِهِ: ﴿إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكُمْ﴾ [الأنفال: ١٢]، • وقَوْلِهِ: ﴿لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنا﴾ [التوبة: ٤٠]، • وقَوْلِهِ: ﴿قالَ كَلّا إنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢]، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وَأمّا المَعِيَّةُ العامَّةُ لِجَمِيعِ الخَلْقِ فَهي بِالإحاطَةِ التّامَّةِ والعِلْمِ، ونُفُوذِ القُدْرَةِ، وكَوْنِ الجَمِيعِ في قَبْضَتِهِ - جَلَّ وعَلا -: فالكائِناتُ في يَدِهِ - جَلَّ وعَلا - أصْغَرُ مِن حَبَّةِ خَرْدَلٍ، وهَذِهِ هي (p-٤٦٩)المَذْكُورَةُ أيْضًا في آياتٍ كَثِيرَةٍ؛ • كَقَوْلِهِ: ﴿ما يَكُونُ مِن نَجْوى ثَلاثَةٍ إلّا هو رابِعُهم ولا خَمْسَةٍ إلّا هو سادِسُهم ولا أدْنى مِن ذَلِكَ ولا أكْثَرَ إلّا هو مَعَهُمْ﴾ الآيَةَ [المجادلة: ٧]، • وقَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ مَعَكم أيْنَ ما﴾ الآيَةَ [الحديد: ٤]، • وقَوْلِهِ: ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وما كُنّا غائِبِينَ﴾ [الأعراف: ٧]، • وقَوْلِهِ: ﴿وَما تَكُونُ في شَأْنٍ وما تَتْلُو مِنهُ مِن قُرْآنٍ ولا تَعْمَلُونَ مِن عَمَلٍ إلّا كُنّا عَلَيْكم شُهُودًا إذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ الآيَةَ [يونس: ٦١]، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. فَهُوَ - جَلَّ وعَلا - مُسْتَوٍ عَلى عَرْشِهِ كَما قالَ، عَلى الكَيْفِيَّةِ اللّائِقَةِ بِكَمالِهِ وجَلالِهِ، وهو مُحِيطٌ بِخَلْقِهِ، كُلِّهِمْ في قَبْضَةِ يَدِهِ، لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ، ولا أصْغَرَ مِن ذَلِكَ ولا أكْبَرَ إلّا في كِتابٍ مُبِينٍ. ⁕ ⁕ ⁕ * قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب): قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هم مُحْسِنُونَ﴾ . هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تَدُلُّ بِظاهِرِها عَلى أنَّ مَعِيَّةَ اللَّهِ خاصَّةٌ بِالمُتَّقِينَ المُحْسِنِينَ. وَقَدْ جاءَ في آياتٍ أُخَرَ ما يَدُلُّ عَلى عُمُومِها وهي قَوْلُهُ: ﴿ما يَكُونُ مِن نَجْوى ثَلاثَةٍ إلّا هو رابِعُهم ولا خَمْسَةٍ إلّا هو سادِسُهم ولا أدْنى مِن ذَلِكَ ولا أكْثَرَ إلّا هو مَعَهُمْ﴾ [المجادلة: ٧] . وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ مَعَكم أيْنَ ما كُنْتُمْ﴾ [الحديد: ٤] . وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وما كُنّا غائِبِينَ﴾ [الأعراف: ٧] . وَقَوْلُهُ: ﴿وَما تَكُونُ في شَأْنٍ﴾ الآيَةَ [يونس: ٦١] . والجَوابُ أنَّ لِلَّهِ مَعِيَّةً خاصَّةً ومَعِيَّةً عامَّةً، فالمَعِيَّةُ الخاصَّةُ بِالنَّصْرِ والتَّوْفِيقِ والإعانَةِ، وهَذِهِ لِخُصُوصِ المُتَّقِينَ المُحْسِنِينَ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ الآيَةَ [النحل: ١٢٨] . وقَوْلِهِ: ﴿إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكُمْ﴾ الآيَةَ [الأنفال: ١٢] . وَقَوْلِهِ: ﴿إنَّنِي مَعَكُما أسْمَعُ وأرى﴾ [طه: ٤٦] . وَقَوْلِهِ: ﴿لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنا﴾ [التوبة: ٤٠] . وَمَعِيَّةٌ عامَّةٌ بِالإحاطَةِ والعِلْمِ، لِأنَّهُ تَعالى أعْظَمُ وأكْبَرُ مِن كُلِّ شَيْءٍ، مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، فَجَمِيعُ الخَلائِقِ في يَدِهِ أصْغَرُ مِن حَبَّةِ خَرْدَلٍ في يَدِ أحَدِنا، ولَهُ المَثَلُ الأعْلى، وسَيَأْتِي لَهُ زِيادَةُ إيضاحٍ في سُورَةِ ”الحَدِيدِ“ إنْ شاءَ اللَّهُ، وهي عامَّةٌ لِكُلِّ الخَلائِقِ، كَما دَلَّتْ عَلَيْهِ الآياتُ المُتَقَدِّمَةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب