الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِنهُمْ﴾ .
لَمّا بَيَّنَ تَعالى أنَّهُ آتى النَّبِيَّ ﷺ السَّبْعَ المَثانِيَ والقُرْآنَ العَظِيمَ، وذَلِكَ أكْبَرُ نَصِيبٍ، وأعْظَمُ حَظٍّ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى، (p-٣١٦)نَهاهُ أنْ يَمُدَّ عَيْنَيْهِ إلى مَتاعِ الحَياةِ الدُّنْيا الَّذِي مَتَّعَ بِهِ الكُفّارَ؛ لِأنَّ مَن أعْطاهُ رَبُّهُ - جَلَّ وعَلا - النَّصِيبَ الأكْبَرَ والحَظَّ الأوْفَرَ، لا يَنْبَغِي لَهُ أنْ يَنْظُرَ إلى النَّصِيبِ الأحْقَرِ الأخَسِّ، ولا سِيَّما إذا كانَ صاحِبُهُ إنَّما أُعْطِيهِ لِأجْلِ الفِتْنَةِ والِاخْتِبارِ. وأوْضَحَ هَذا المَعْنى في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ؛ كَقَوْلِهِ في (طه): ﴿فاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِها﴾ ﴿وَمِن آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وأطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى﴾ ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِنهم زَهْرَةَ الحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهم فِيهِ ورِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأبْقى﴾ ﴿وَأْمُرْ أهْلَكَ بِالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْألُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ والعاقِبَةُ لِلتَّقْوى﴾ [طه: ١٣٠ - ١٣٢]، والمُرادُ بِالأزْواجِ هُنا: الأصْنافُ مِنَ الَّذِينَ مَتَّعَهُمُ اللَّهُ بِالدُّنْيا.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ .
الصَّحِيحُ في مَعْنى هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنَّ اللَّهَ نَهى نَبِيَّهُ ﷺ عَنِ الحُزْنِ عَلى الكُفّارِ إذا امْتَنَعُوا مِن قَبُولِ الإسْلامِ. ويَدُلُّ لِذَلِكَ كَثْرَةُ وُرُودِ هَذا المَعْنى في القُرْآنِ العَظِيمِ.
• كَقَوْلِهِ: ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ولا تَكُ في ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ﴾ [النحل: ١٢٧]،
• وقَوْلِهِ: ﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ﴾ [فاطر: ٨]،
• وقَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ألّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾،
• وقَوْلِهِ: ﴿فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذا الحَدِيثِ أسَفًا﴾ [الكهف: ٦]،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنهم ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ طُغْيانًا وكُفْرًا فَلا تَأْسَ عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ﴾ [المائدة: ٦٨]،
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
والمَعْنى: قَدْ بَلَّغْتَ ولَسْتَ مَسْئُولًا عَنْ شَقاوَتِهِمْ إذا امْتَنَعُوا مِنَ الإيمانِ، فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ وعَلَيْنا الحِسابُ، فَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ إذا كانُوا أشْقِياءَ.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ .
أمَرَ اللَّهُ - جَلَّ وعَلا - نَبِيَّهُ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ بِخَفْضِ جَناحِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ. وخَفْضُ الجَناحِ كِنايَةٌ عَنْ لِينِ الجانِبِ والتَّواضُعِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎وَأنْتَ الشَّهِيرُ بِخَفْضِ الجَناحِ فَلا تَكُ في رَفْعِهِ أجْدَلا
وَبَيَّنَ هَذا المَعْنى في مَواضِعَ أُخَرَ؛ كَقَوْلِهِ في ”الشُّعَراءِ“: ﴿واخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٥]، وكَقَوْلِهِ: ﴿فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهم ولَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِن حَوْلِكَ فاعْفُ عَنْهم واسْتَغْفِرْ لَهم وشاوِرْهم في الأمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
(p-٣١٧)وَيُفْهَمُ مِن دَلِيلِ خِطابِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ - أعْنِي مَفْهُومَ مُخالَفَتِها - أنَّ غَيْرَ المُؤْمِنِينَ لا يُخْفَضُ لَهُمُ الجَناحُ، بَلْ يُعامَلُونَ بِالشِّدَّةِ والغِلْظَةِ.
وَقَدْ بَيَّنَ تَعالى هَذا المَفْهُومَ في مَواضِعَ أُخَرَ.
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ياأيُّها النَّبِيُّ جاهِدِ الكُفّارَ والمُنافِقِينَ واغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [ ٩ \ ٧٣ و ٦٦ \ ٩ ]،
• وقَوْلِهِ: ﴿أشِدّاءُ عَلى الكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩]،
• وقَوْلِهِ: ﴿أذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلى الكافِرِينَ﴾ [المائدة: ٥٤]،
كَما قَدَّمْناهُ في ”المائِدَةِ“ .
{"ayah":"لَا تَمُدَّنَّ عَیۡنَیۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦۤ أَزۡوَ ٰجࣰا مِّنۡهُمۡ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق