الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما نُنَزِّلُ المَلائِكَةَ إلّا بِالحَقِّ وما كانُوا إذًا مُنْظَرِينَ﴾ . بَيَّنَ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّهُ ما يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ إلّا بِالحَقِّ، أيْ بِالوَحْيِ، وقِيلَ بِالعَذابِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ”إلّا تَنْزِيلًا مُتَلَبِّسًا بِالحِكْمَةِ والمَصْلَحَةِ، ولا حِكْمَةَ في أنْ تَأْتِيَكُمُ المَلائِكَةُ عَيانًا، تُشاهِدُونَهم ويَشْهَدُونَ لَكم بِصِدْقِ النَّبِيِّ ﷺ لِأنَّكم حِينَئِذٍ مُصَدِّقُونَ عَنِ اضْطِرارٍ“، قالَ: " ومِثْلُ هَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما إلّا بِالحَقِّ﴾ [الحجر: ٨٥] وبَيَّنَ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّهم لَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ، ما كانُوا مُنْظَرِينَ وذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿وَما كانُوا إذًا مُنْظَرِينَ﴾ [الحجر: ٨] لِأنَّ التَّنْوِينَ في قَوْلِهِ (إذًا) عِوَضٌ عَنْ جُمْلَةٍ، فَفِيهِ شَرْطٌ وجَزاءٌ، وتَقْرِيرُ المَعْنى: ولَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، أيْ مُمْهَلِينَ بِتَأْخِيرِ العَذابِ عَنْهم، وقَدْ بَيَّنَ هَذا المَعْنى في مَواضِعَ أُخَرَ كَقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ المَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ﴾ [الفرقان: ٢٢] وقَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ أنْزَلْنا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ﴾ [الأنعام: ٨] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وقَوْلُهُ: ﴿ما نُنَزِّلُ المَلائِكَةَ﴾ [الحجر: ٨] قَرَأهُ حَفْصٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ: (نُنَزِّلُ) بِنُونَيْنِ الأُولى مَضْمُومَةٌ والثّانِيَةُ مَفْتُوحَةٌ مَعَ كَسْرِ الزّايِ المُشَدَّدَةِ، و (المَلائِكَةَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ بِهِ لِنُنَزِّلُ. وقَرَأ شُعْبَةُ: (تُنَزَّلُ) بِتاءٍ مَضْمُومَةٍ ونُونٍ مَفْتُوحَةٍ مَعَ تَشْدِيدِ الزّايِ مَفْتُوحَةً بِالبِناءِ لِلْمَفْعُولِ، و (المَلائِكَةَ) بِالرَّفْعِ نائِبُ فاعِلِ تُنَزَّلُ. وقَرَأ الباقُونَ (تَنَزَّلُ) بِفَتْحِ التّاءِ والنُّونِ والزّايِ المُشَدَّدَةِ، أصْلُهُ تَتَنَزَّلُ فَحُذِفَتْ إحْدى التّاءَيْنِ، و (المَلائِكَةُ) بِالرَّفْعِ فاعِلُ تَنَزَّلُ كَقَوْلِهِ: ﴿تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ﴾ الآيَةَ [القدر: ٤] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب