الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى ﴿لَوْ ما تَأْتِينا بِالمَلائِكَةِ إنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ . لَوْ ما في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ لِلتَّحْضِيضِ، وهو طَلَبُ الفِعْلِ طَلَبًا حَثِيثًا. ومَعْنى الآيَةِ: أنَّ الكُفّارَ طَلَبُوا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ طَلَبَ تَخْصِيصٍ أنْ يَأْتِيَهم بِالمَلائِكَةِ لِيَكُونَ إتْيانُ المَلائِكَةِ مَعَهُ دَلِيلًا عَلى صِدْقِهِ أنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وبَيَّنَ طَلَبَ الكُفّارِ هَذا في آياتٍ أُخَرَ • كَقَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ مَعَ مُوسى: ﴿فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أسْوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ أوْ جاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ [الزخرف: ٥٣] • وقَوْلِهِ: ﴿وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنا المَلائِكَةُ أوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا في أنْفُسِهِمْ وعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٢١]، • وقَوْلِهِ: ﴿وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ولَوْ أنْزَلْنا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمْرُ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ٨] • وقَوْلِهِ: ﴿لَوْلا أُنْزِلَ إلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: ٧] • وقَوْلِهِ: ﴿أوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ والمَلائِكَةِ قَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٩٢] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. واعْلَمْ أنَّ لَوْ تُرَكَّبُ مَعَ لا وما لِمَعْنَيَيْنِ: الأوَّلُ مِنهُما التَّحْضِيضُ، ومِثالُهُ في لَوْ ما في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، ومِثالُهُ في لَوْلا قَوْلُ جَرِيرٍ: ؎تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أفْضَلَ مَجْدِكم بَنِي ضُوطْرى لَوْلا الكَمِيَّ المُقَنَّعا يَعْنِي: فَهَلّا تَعُدُّونَ الكَمِيَّ المُقَنَّعَ، المَعْنى الثّانِي هو امْتِناعُ شَيْءٍ لِوُجُودِ غَيْرِهِ، وهو في لَوْلا كَثِيرٌ جِدًّا كَقَوْلِ عامِرِ بْنِ الأكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ؎تاللَّهِ لَوْلا اللَّهُ ما اهْتَدَيْنا ∗∗∗ ولا تَصَدَّقْنا ولا صَلَّيْنا وَمِثالُهُ في (لَوْ ما) قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ: ؎لَوْ ما الحَياءُ ولَوْ ما الدِّينُ عِبْتُكُما ∗∗∗ بِبَعْضِ ما فِيكُما إذْ عِبْتُما عَوَرِي وَأمّا هَلْ فَلَمْ تُرَكَّبْ إلّا مَعَ لا وحْدَها لِلتَّحْضِيضِ. * تَنْبِيهٌ قَدْ تَرِدُ أدَواتُ التَّحْضِيضِ لِلتَّوْبِيخِ والتَّنْدِيمِ، فَتَخْتَصُّ بِالماضِي أوْ ما في تَأْوِيلِهِ نَحْوَ ﴿فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إيمانُها إلّا قَوْمَ يُونُسَ﴾ الآيَةَ [يونس: ٩٨] وقَوْلِهِ: ﴿لَوْلا جاءُوا عَلَيْهِ بِأرْبَعَةِ شُهَداءَ﴾ الآيَةَ [النور: ١٣] وقَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبانًا آلِهَةً﴾ الآيَةَ [الأحقاف: ٢٨]، وجَعَلَ بَعْضُهم مِنهُ قَوْلَ جَرِيرٍ: (p-٢٥٥)تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ البَيْتَ المُتَقَدِّمَ آنِفًا قائِلًا: إنَّ مُرادَهُ تَوْبِيخُهم عَلى تَرْكِ عَدِّ الكَمِيِّ المُقَنَّعِ في الماضِي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب