الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِن شَرِّ النَّفّاثاتِ في العُقَدِ﴾. المُرادُ بِهِ السَّحَرَةُ قَطْعًا، سَواءٌ كانَ النَّفْثُ مِنَ النِّساءِ كَما هو ظاهِرُ اللَّفْظِ، أوْ مِنَ الرِّجالِ عَلى مَعْنى الجَماعاتِ، أوِ النُّفُوسِ الشِّرِّيرَةِ فَتَشْمَلُ النَّوْعَيْنِ. وَأجْمَعَ المُفَسِّرُونَ: أنَّها نَزَلَتْ في لَبِيدِ بْنِ الأعْصَمِ، لَمّا سَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ أتاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ وأخْبَرَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ مَبْحَثُ السِّحْرِ وأقْسامُهُ وأحْكامُهُ وكُلُّ ما يَتَعَلَّقُ بِهِ، عِنْدَ الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أتى﴾ [طه: ٦٩]، مِن سُورَةِ طه، ما عَدا مَسْألَةً واحِدَةً، وهي حُكْمُ ما لَوْ قَتَلَ أوْ أتْلَفَ شَيْئًا بِسِحْرِهِ، فَما يَكُونُ حُكْمُهُ، ونُورِدُها مُوجَزَةً. * مَسْألَةٌ ذَكَرَ ابْنُ قُدامَةَ في المُغْنِي رَحِمَهُ اللَّهُ النَّوْعَ السّادِسَ مِن أنْواعِ القَتْلِ: أنْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غالِبًا فَيَلْزَمُهُ القَوَدُ، وإنْ كانَ مِمّا لا يَقْتُلُ غالِبًا، فَفِيهِ الدِّيَةُ ا هـ. وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ في المِنهاجِ شَرْحِ مُغْنِي المُحْتاجِ لِلشّافِعِيَّةِ: التَّنْبِيهَ عَلى أنَّهُ يُقْتَلُ كَذَلِكَ. وَذَكَرَ مِثْلَهُ ابْنُ حَجَرٍ في الفَتْحِ: أنَّ السّاحِرَ يُقْتَلُ إذا قَتَلَ بِسِحْرِهِ. * تَنْبِيهٌ يَقَعُ تَأْثِيرُ السِّحْرِ عَلى الحَيَوانِ كَما يَقَعُ عَلى الإنْسانِ. قالَ أبُو حَيّانَ: أخْبَرَنِي مَن رَأى في بَعْضِ الصَّحْراءِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَيْطًا أحْمَرَ، قَدْ عُقِدَتْ فِيهِ عُقَدٌ عَلى فُصْلانٍ، أيْ جَمْعُ فَصِيلَ، فَمُنِعَتْ مِن رَضاعِ أُمَّهاتِها بِذَلِكَ، فَكانَ إذا حَلَّ عُقْدَةً جَرى ذَلِكَ الفَصِيلُ إلى أُمِّهِ في الحِينِ فَرَضَعَ. ا هـ. كَما يَقَعُ الحَسَدُ أيْضًا عَلى الحَيَوانِ، بَلْ وعَلى الجَمادِ أيْ عَيْنُ العائِنِ تُؤَثِّرُ في (p-١٦٢)الحَيَوانِ والجَمادِ والنَّباتِ، كَما تُؤَثِّرُ في الإنْسانِ عَلى ما سَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب