الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ﴾ .
فِي هَذا مَعَ ما قَبْلَهُ رَبْطٌ بَيْنَ النِّعَمِ وشُكْرِها، وبَيْنَ العِباداتِ ومُوجِبِها، فَكَما أعْطاهُ الكَوْثَرَ فَلْيُصَلِّ لِرَبِّهِ سُبْحانَهُ ولْيَنْحَرْ لَهُ، كَما تَقَدَّمَ في سُورَةِ لِإيلافِ قُرَيْشٍ، في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذا البَيْتِ﴾ ﴿الَّذِي أطْعَمَهم مِن جُوعٍ وآمَنَهم مِن خَوْفٍ﴾ [قريش: ٣ - ٤] .
وَهُناكَ ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾، وهو أكْثَرُ مِن رِحْلَتَيْهِمْ وأمْنِهِمْ، ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ مُقابِلَ ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذا البَيْتِ﴾ .
وَقِيلَ: إنَّهُ لَمّا كانَ في السُّورَةِ قَبْلَها بَيانُ حالِ المُنافِقِينَ في السَّهْوِ عَنِ الصَّلاةِ والرِّياءِ في العَمَلِ، جاءَ هُنا بِالقُدْوَةِ الحَسَنَةِ ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ مُخْلِصًا لَهُ في عِبادَتِكَ، كَما تَقَدَّمَ في السُّورَةِ قَبْلَها ﴿فَمَن كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠] .
وَقَوْلُهُ تَعالى في تَعْلِيمِ الأُمَّةِ، في خِطابِ شَخْصِهِ ﷺ ﴿لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥]، مَعَ عِصْمَتِهِ ﷺ مِن أقَلَّ مِن ذَلِكَ، والصَّلاةُ عامَّةً والفَرِيضَةُ أخُصُّها.
(p-١٣٠)وَقِيلَ: صَلاةُ العِيدِ، والنَّحْرُ: قِيلَ فِيهِ أقْوالٌ عَدِيدَةٌ:
أوَّلُها: في نَحْرِ الهَدْيِ أوْ نَحْرِ الضَّحِيَّةِ: وهي مُرْتَبِطَةٌ بِقَوْلِ مَن حَمَلَ الصَّلاةَ عَلى صَلاةِ العِيدِ، وأنَّ النَّحْرَ بَعْدَ الصَّلاةِ كَما في حَدِيثِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ «لَمّا ضَحّى قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ، وسَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَحُثُّ عَلى الضَّحِيَّةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَقالَ: إنِّي عَلِمْتُ اليَوْمَ يَوْمَ لَحْمٍ فَعَجَّلْتُ بِضَحِيَّتِي، فَقالَ لَهُ: شاتُكَ شاةُ لَحْمٍ ؟ فَقالَ: إنَّ عِنْدَنا لَعَناقًا أحَبُّ إلَيْنا مِن شاةٍ، أفَتُجْزِئُ عَنِّي ؟ قالَ: اذْبَحْها، ولَنْ تُجْزِئَ عَنْ أحَدٍ غَيْرَكَ» .
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ مَبْحَثُ الضَّحِيَّةِ وافِيًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَكُلُوا مِنها وأطْعِمُوا البائِسَ الفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨]، وقَدْ ذَكَرُوا في مَعانِي: وانْحَرْ: أيْ ضَعْ يَدَكَ اليُمْنى عَلى اليُسْرى عَلى نَحْرِكَ في الصَّلاةِ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَأقْوالٌ أُخْرى لَيْسَ عَلَيْها نَصٌّ.
والنَّحْرُ: هو طَعْنُ الإبِلِ في اللَّبَّةِ عِنْدَ المَنحَرِ مُلْتَقى الرَّقَبَةِ بِالصَّدْرِ.
وَأصَحُّ الأقْوالِ في الصَّلاةِ وفي النَّحْرِ هو ما تَقَدَّمَ مِن عُمُومِ الصَّلاةِ وعُمُومِ النَّحْرِ أوِ الذَّبْحِ لِما جاءَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحْيايَ ومَماتِي لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢] .
واتَّفَقَ الفُقَهاءُ عَلى أنَّ النَّحْرَ لِلْإبِلِ، والذَّبْحَ لِلْغَنَمِ، والبَقَرَ مُتَرَدَّدٌ فِيهِ بَيْنَ النَّحْرِ والذَّبْحِ، وأجْمَعُوا عَلى أنَّ ذَلِكَ هو الأفْضَلُ، ولَوْ عَمَّمَ النَّحْرَ في الجَمِيعِ، أوْ عَمَّمَ الذَّبْحَ في الجَمِيعِ لَكانَ جائِزًا، ولَكِنَّهُ خِلافُ السُّنَّةِ.
وَقالُوا: إنَّ الحِكْمَةَ في تَخْصِيصِ الإبِلِ بِالنَّحْرِ، هو طُولُ العُنُقِ، إذْ لَوْ ذُبِحَتْ لَكانَ مَجْرى الدَّمِ مِنَ القَلْبِ إلى مَحَلِّ الذَّبْحِ بَعِيدًا فَلا يُساعِدُ عَلى إخْراجِ جَمِيعِ الدَّمِ بِيُسْرٍ، بِخِلافِ النَّحْرِ في المَنحَرِ، فَإنَّهُ يُقَرِّبُ المَسافَةَ ويُساعِدُ القَلْبَ عَلى دَفْعِ الدَّمِ كُلِّهِ، أمّا الغَنَمُ فالذَّبْحُ مُناسِبٌ لَها، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق