الباحث القرآني
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِي أطْعَمَهم مِن جُوعٍ وآمَنَهم مِن خَوْفٍ﴾ .
بِمَثابَةِ التَّعْلِيلِ لِمُوجِبِ أمْرِهِمْ بِالعِبادَةِ؛ لِأنَّهُ سُبْحانَهُ الَّذِي هَيَّأ لَهم هاتَيْنِ الرِّحْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كانَتا سَبَبًا في تِلْكَ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ، فَكانَ مِن واجِبِهِمْ أنْ يَشْكُرُوهُ عَلى نِعَمِهِ ويَعْبُدُوهُ وحْدَهُ.
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ بَيانُ هَذا المَعْنى، عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَمًا آمِنًا ويُتَخَطَّفُ النّاسُ مِن حَوْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٦٧] وساقَ النُّصُوصَ بِهَذا المَعْنى بِما أغْنى عَنْ إعادَتِهِ.
* تَنْبِيهٌ
فِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذا البَيْتِ﴾ ﴿الَّذِي أطْعَمَهم مِن جُوعٍ وآمَنَهم مِن خَوْفٍ﴾، رُبِطَ بَيْنَ النِّعْمَةِ ومُوجِبِها، كالرَّبْطِ بَيْنَ السَّبَبِ والمُسَبَّبِ.
فَفِيهِ بَيانٌ لِمُوجِبِ عِبادَةِ اللَّهِ تَعالى وحْدَهُ، وحَقِّهِ في ذَلِكَ عَلى عِبادِهِ جَمِيعًا، ولَيْسَ خاصًّا بِقُرَيْشٍ.
وَهَذا الحَقُّ قَرَّرَهُ أوَّلُ لَفْظٍ في القُرْآنِ، وأوَّلُ نِداءٍ في المُصْحَفِ، فالأوَّلُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢]، كَأنَّهُ يَقُولُ هو سُبْحانَهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْحَمْدِ، لِأنَّهُ رَبُّ العالَمِينَ، أيْ خالِقُهم ورازِقُهم، وراحِمُهم إلى آخِرِهِ.
(p-١١٢)والثّانِي: ﴿ياأيُّها النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ [البقرة: ٢١] .
ثُمَّ بَيَّنَ المُوجِبَ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِي خَلَقَكم والَّذِينَ مِن قَبْلِكم لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١] .
ثُمَّ عَدَّدَ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِراشًا والسَّماءَ بِناءً وأنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢] .
فَهَذِهِ النِّعَمُ تُعادِلُ الإطْعامَ مِن جُوعٍ، والأمْنَ مِن خَوْفٍ، في حَقِّ قُرَيْشٍ، ومِن ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ﴾ [الكوثر: ١ - ٢] .
وَقَدْ بَيَّنَ تَعالى أنَّ الشُّكْرَ يَزِيدُ النِّعَمَ والكُفْرَ يُذْهِبُها، إلّا ما كانَ اسْتِدْراجًا، فَقالَ في شُكْرِ النِّعْمَةِ: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧] .
وَقالَ في الكُفْرانِ وعَواقِبِهِ: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَدًا مِن كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللَّهِ فَأذاقَها اللَّهُ لِباسَ الجُوعِ والخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [النحل: ١١٢] .
وَبِهَذِهِ المُناسَبَةِ إنَّ عَلى كُلِّ مُسْلِمٍ أفْرادًا وجَماعاتٍ، أنْ يُقابِلُوا نِعَمَ اللَّهِ بِالشُّكْرِ، وأنْ يَشْكُرُوها بِالطّاعَةِ والعِبادَةِ لِلَّهِ، وأنْ يَحْذَرُوا كُفْرانَ النِّعَمِ.
* تَنْبِيهٌ آخَرُ
فِي الجَمْعِ بَيْنَ إطْعامِهِمْ مِن جُوعٍ وأمْنِهِمْ مِن خَوْفٍ، نِعْمَةٌ عُظْمى لِأنَّ الإنْسانَ لا يَنْعَمُ ولا يَسْعَدُ إلّا بِتَحْصِيلِ النِّعْمَتَيْنِ هاتَيْنِ مَعًا، إذْ لا عَيْشَ مَعَ الجُوعِ، ولا أمْنَ مَعَ الخَوْفِ، وتَكْمُلُ النِّعْمَةُ بِاجْتِماعِهِما.
وَلِذا جاءَ الحَدِيثُ: «مَن أصْبَحَ مُعافًى في بَدَنِهِ آمِنًا في سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَقَدِ اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ الدُّنْيا بِحَذافِيرِها» .
* تَنْبِيهٌ آخَرُ
إنَّ في هَذِهِ السُّورَةِ دَلِيلًا عَلى أنَّ دَعْوَةَ الأنْبِياءِ مُسْتَجابَةٌ؛ لِأنَّ الخَلِيلَ عَلَيْهِ وعَلى نَبِيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ دَعا لِأهْلِ الحَرَمِ بِقَوْلِهِ: ﴿فاجْعَلْ أفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وارْزُقْهم مِنَ الثَّمَراتِ﴾ [إبراهيم: ٣٧] .
(p-١١٣)وَقالَ: ﴿رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنهم يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتِكَ﴾ [البقرة: ١٢٩]، فَأطْعَمَهُمُ اللَّهُ مِن جُوعٍ وآمَنُهم مِن خَوْفٍ، وبَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنهم يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتِهِ.
{"ayah":"ٱلَّذِیۤ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعࣲ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق