الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما كانَ هَذا القُرْآنُ أنْ يُفْتَرى مِن دُونِ اللَّهِ ولَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وتَفْصِيلَ الكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَبِّ العالَمِينَ﴾ . صَرَّحَ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ هَذا القُرْآنَ لا يَكُونُ مُفْتَرًى مِن دُونِ اللَّهِ مَكْذُوبًا بِهِ عَلَيْهِ، وأنَّهُ لا شَكَّ في أنَّهُ مِن رَبِّ العالَمِينَ جَلَّ وعَلا، (p-١٥٦)وَأشارَ إلى أنَّ تَصْدِيقَهُ لِلْكُتُبِ السَّماوِيَّةِ المُنَزَّلَةِ قَبْلَهُ، وتَفْصِيلَهُ لِلْعَقائِدِ، والحَلالِ، والحَرامِ، ونَحْوِ ذَلِكَ مِمّا لا شَكَّ أنَّهُ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وعَلا دَلِيلٌ عَلى أنَّهُ غَيْرُ مُفْتَرًى، وأنَّهُ لا رَيْبَ في كَوْنِهِ مِن رَبِّ العالَمِينَ، وبَيَّنَ هَذا في مَواضِعَ أُخَرَ، • كَقَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ كانَ في قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الألْبابِ ما كانَ حَدِيثًا يُفْتَرى ولَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وهُدًى ورَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [يوسف: ١١١]، • وقَوْلِهِ: ﴿وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ﴾ ﴿وَما يَنْبَغِي لَهم وما يَسْتَطِيعُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٠، ٢١١]، • وقَوْلِهِ: ﴿وَبِالحَقِّ أنْزَلْناهُ وبِالحَقِّ نَزَلَ﴾ [الإسراء: ١٠٥]، والآياتُ في مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. ثُمَّ إنَّهُ تَعالى لَمّا صَرَّحَ هُنا بِأنَّ هَذا القُرْآنَ ما كانَ أنْ يُفْتَرى عَلى اللَّهِ، أقامَ البُرْهانَ القاطِعَ عَلى أنَّهُ مِنَ اللَّهِ، فَتَحَدّى جَمِيعَ الخَلْقِ بِسُورَةٍ واحِدَةٍ مِثْلِهِ، ولا شَكَّ أنَّهُ لَوْ كانَ مِن جِنْسِ كَلامِ الخَلْقِ لَقَدَرَ الخَلْقُ عَلى الإتْيانِ بِمِثْلِهِ، فَلَمّا عَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ كُلُّهم حَصَلَ اليَقِينُ والعِلْمُ الضَّرُورِيُّ أنَّهُ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وعَلا، قالَ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ السُّورَةِ: ﴿أمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِن دُونِ اللَّهِ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ [يونس: ٣٨]، وتَحَدّاهم أيْضًا في سُورَةِ ”البَقَرَةِ“ بِسُورَةٍ واحِدَةٍ مِن مِثْلِهِ، بِقَوْلِهِ: ﴿وَإنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِن مِثْلِهِ﴾ الآيَةَ [البقرة: ٢٣]، وتَحَدّاهم في ”هُودٍ“ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ، بِقَوْلِهِ: ﴿أمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ﴾ الآيَةَ [ ١٣ ]، وتَحَدّاهم في ”الطُّورِ“ بِهِ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إنْ كانُوا صادِقِينَ﴾ [ ٣٤ ]، وصَرَّحَ في سُورَةِ ”بَنِي إسْرائِيلَ“ بِعَجْزِ جَمِيعِ الخَلائِقِ عَنِ الإتْيانِ بِمِثْلِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ والجِنُّ عَلى أنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ولَوْ كانَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: ٨٨]، كَما قَدَّمْنا، وبَيَّنَ أنَّهم لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ أيْضًا بِقَوْلِهِ: ﴿فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلُوا﴾ الآيَةَ [البقرة: ٢٤] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب