الباحث القرآني

(p-187)﴿جَزاؤُهُمْ﴾ بِمُقابَلَةِ ما لَهم مِنَ الإيمانِ والطّاعَةِ ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ إنْ أُرِيدَ بِالجَنّاتِ الأشْجارُ المُلْتَفَّةُ الأغْصانِ كَما هو الظّاهِرُ، فَجَرَيانُ الأنْهارِ مِن تَحْتِها ظاهِرٌ، وإنْ أُرِيدَ بِها مَجْمُوعُ الأرْضِ وما عَلَيْها فَهو بِاعْتِبارِ الجُزْءِ الظّاهِرِ، وأيًّا ما كانَ؛ فالمُرادُ: جَرَيانُها بِغَيْرِ أُخْدُودٍ. ﴿خالِدِينَ فِيها أبَدًا﴾ مُتَنَعِّمِينَ بِفُنُونِ النِّعَمِ الجُسْمانِيَّةِ والرُّوحانِيَّةِ، وفي تَقْدِيمِ مَدْحِهِمْ بِخَيْرِيَّةٍ، وذِكْرِ الجَزاءِ المُؤْذِنِ بِكَوْنِ ما مُنِحُوهُ في مُقابَلَةِ ما وُصِفُوا بِهِ، وبَيانِ كَوْنِهِ مِن عِنْدِهِ تَعالى والتَّعَرُّضِ لِعُنْوانِ الربوبية المُنْبِئَةِ عَنِ التَّرْبِيَةِ والتَّبْلِيغِ إلى الكَمالِ مَعَ الإضافَةِ إلى ضَمِيرِهِمْ، وجَمْعِ الجَنّاتِ وتَقْيِيدِها بِالإضافَةِ، وبِما يَزِيدُها نَعِيمًا، وتَأْكِيدِ الخُلُودِ بِالأُبُودِ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى غايَةِ حُسْنِ حالِهِمْ ما لا يَخْفى. ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ اسْتِئْنافٌ مُبَيِّنٌ لِما يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ زِيادَةً عَلى ما ذُكِرَ مِن أجِزْيَةِ أعْمالِهِمْ. ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ حَيْثُ بَلَغُوا مِنَ المَطالِبِ قاصِيَتَها ومَلَكُوا مِنَ المَآرِبِ ناصِيَتَها، وأُتِيحَ لَهم ما لا عَيْنٌ رَأتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ. ﴿ذَلِكَ﴾ أيْ: ما ذُكِرَ مِنَ الجَزاءِ والرِّضْوانِ ﴿لِمَن خَشِيَ رَبَّهُ﴾ فَإنَّ الخَشْيَةَ الَّتِي هي مِن خَصائِصِ العُلَماءِ بِشُؤُنِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ مَناطٌ لِجَمِيعِ الكَمالأتِ العِلْمِيَّةِ والعَمَلِيَّةِ المُسْتَتْبِعَةِ لِلسَّعادَةِ الدِّينِيَّةِ والدُّنْيَوِيَّةِ، والتَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ الربوبية المُعْرِبَةِ عَنِ المالِكِيَّةِ، والتَّرْبِيَةِ لِلْإشْعارِ بِعِلَّةِ الخَشْيَةِ والتَّحْذِيرِ مِنَ الاغْتِرارِ بِالتَّرْبِيَةِ. عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: « "مَن قَرَأ سُورَةَ البَيِّنَةِ "لَمْ يَكُنْ" كانَ يَوْمَ القِيامَةِ مَعَ خَيْرِ البَرِيَّةِ مَساءً ومَقِيلًا".»
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب