الباحث القرآني

وَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أرَأيْتَ إنْ كَذَّبَ وتَوَلّى﴾ فَقَلْبِيَّةُ مَعْناهُ: أخْبِرْنِي، فَإنَّ الرُّؤْيَةَ لَمّا كانَتْ سَبَبًا لِلْإخْبارِ عَنِ المَرْئِيِّ، أُجْرِيَ الأسْتِفْهامُ عَنْها مَجْرى الأسْتِخْبارِ عَنْ مُتَعَلَّقِها، والخِطابُ لِكُلِّ مَن صَلُحَ لِلْخِطابِ، ونَظْمُ الأمْرِ والتَّكْذِيبِ والتَّوَلِّي في سِلْكِ الشَّرْطِ المُتَرَدِّدِ بَيْنَ الوُقُوعِ وعَدَمِهِ، لَيْسَ بِاعْتِبارِ نَفْسِ الأفْعالِ المَذْكُورَةِ مِن حَيْثُ صُدُورُها عَنِ الفاعِلِ، فَإنَّ ذَلِكَ لَيْسَ في حَيِّزِ التَّرَدُّدِ أصْلًا؛ بَلْ بِاعْتِبارِ أوْصافِها الَّتِي هي كَوْنُها أمْرًا بِالتَّقْوى وتَكْذِيبًا وتَوَلِّيًا كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ كانَ مِن عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ﴾ كَما مَرَّ، والمَفْعُولُ الأوَّلُ لِـ"أرَأيْتَ" مَحْذُوفٌ وهو ضَمِيرٌ يَعُودُ إلى المَوْصُولِ، أوِ اسْمُ إشارَةٍ يُشارُ بِهِ إلَيْهِ، ومَفْعُولُهُ الثّانِي سَدَّ مَسَدَّهُ الجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ بِجَوابِها المَحْذُوفِ، فَإنَّ المَفْعُولَ الثّانِيَ لِـ"أرَأيْتَ" لا يَكُونُ إلّا جُمْلَةً اسْتِفْهامِيَّةً أوْ قَسَمِيَّةً، والمَعْنى: أخْبِرْنِي ذَلِكَ النّاهِي إنْ كانَ عَلى الهُدى فِيما يَنْهي عَنْهُ مِن عِبادَةِ اللَّهِ تَعالى، أوْ آمِرًا بِالتَّقْوى فِيما يَأْمُرُ بِهِ مِن عِبادَةِ الأوْثانِ كَما يَعْتَقِدُهُ، أوْ مُكَذِّبًا لِلْحَقِّ مُعْرِضًا عَنِ الصَّوْبِ كَما نَقُولُ نَحْنُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب